هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "غازيتا" الروسية تقريرا تحدثت فيه عن الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون إلى تركيا، وقبول أنقرة بتطبيع العلاقات مع واشنطن.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه على الرغم من قبول أنقرة بتطبيع العلاقات مع واشنطن، إلا أن الجانب التركي لا يزال متشككا فيما يتعلق بالنوايا الأمريكية. وفي الوقت الذي تمثل فيه الولايات المتحدة شريكا لتركيا، تظل التناقضات قائمة بين الدولتين.
وأكدت الصحيفة أن واشنطن اتفقت مع أنقرة على إنشاء آلية لتطبيع العلاقات، بعد زيارة وزير الخارجية الأمريكي إلى تركيا. وتجدر الإشارة إلى أن تيلرسون توجه إلى أنقرة للاجتماع مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو، إلى جانب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وأفادت الصحيفة بأن واشنطن تولي أهمية خاصة لزيارة تيلرسون إلى أنقرة، خاصة وأنه امتنع عن المشاركة في مؤتمر الأمن في ميونيخ، الذي بدأ يوم الجمعة الموافق لتاريخ 16 شباط/ فبراير. وبناء على ذلك، لن يلتقي تيلرسون بوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الذي يتواجد حاليا في ميونيخ.
وأضافت الصحيفة أنه على الرغم من تأكيد الجانب التركي على بدء عملية تطبيع العلاقات مع واشنطن، إلا أن هذه المسألة لن تكون بسيطة. فوفقا لوزير الخارجية التركي، "يوم 15 شباط/ فبراير، وبناء على إرادتنا المشتركة (واشنطن وأنقرة) اتفقنا على تطبيع العلاقات. ولكن، سبق أن قدمت الولايات المتحدة مرارا وتكرارا العديد من الوعود وتراجعت عنها". وفي هذا السياق، أكد جاويش أوغلو أنه "يجب اتخاذ خطوات فعلية وليس مجرد حبر على الورق، لذلك قررنا أن نضع آلية لحل هذه المشاكل".
وأشارت الصحيفة إلى أن العقبة الرئيسية أمام العلاقات التركية الأمريكية هي الوضع في سوريا، حيث تستمر الولايات المتحدة في دعم القوات الكردية. وبينما كان ريكس تيلرسون في أنقرة، أكدت وسائل الإعلام الكردية أن القتال العنيف بين القوات الكردية والجيش التركي مستمر.
ونقلت الصحيفة عن المحلل البارز في شؤون الخليج والجغرافيا السياسية، تيودر كاراسيكا، أن التناقضات التركية الأمريكية تخدم مصالح روسيا. ووفقا للخبير فإنه "مع استمرار تدهور العلاقات بين واشنطن وأنقرة، تستمر موسكو في جذب أنقرة إلى معسكرها ومزيد إبعادها عن حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة".
كما أضاف المصدر نفسه: "في الواقع، تتمتع موسكو بقدرة كبيرة على استخدام التناقضات الأمريكية التركية، وهذا من شأنه أن يؤثر على مسألة عضوية تركيا في حلف شمال الأطلسي، ويمكن أن تكون له تداعيات على سلامة الأمن الأوروبي".
وأوردت الصحيفة أنه في منتصف شهر كانون الثاني/ يناير الماضي، أطلقت تركيا عملية عسكرية ضد الأكراد في سوريا تحت اسم "غصن الزيتون". ومؤخرا، أعلن الجيش التركي أنه أسقط أكثر من مائة مقاتل تابع للتشكيلات الكردية المسلحة بالقرب من عفرين السورية. ومن جهتها، أكدت هيئة الأركان العامة التركية أن عملية "غصن الزيتون" تمكنت من القضاء على 103 عناصر من المنظمات الإرهابية الكردية على غرار حزب الاتحاد الديمقراطي وقوات الدفاع الذاتي. كما بلغ عدد المسلحين المحاصرين منذ انطلاق العملية 1369 مسلحا.
وذكرت الصحيفة أن جاويش أوغلو أكد استنكار تركيا لتصرفات الولايات المتحدة تجاه الأكراد، خلال اللقاء الذي جمعه مع نظيره الأمريكي. كما أشار وزير الخارجية التركي إلى أن أنقرة تتوقع من واشنطن ضمان انسحاب "قوات الدفاع الذاتي الكردية السورية" نحو الساحل الشرقي لنهر الفرات.
فضلا عن ذلك، اقترحت أنقرة أن تُحكم القوات العسكرية الأمريكية إلى جانب القوات التركية السيطرة على الوضع في مدينة منبج الواقعة شمال سوريا. وحيال هذا الشأن، أشار وزير الخارجية الأمريكية، ريكس تيلرسون، إلى أن الأسلحة التي ستقدمها الولايات المتحدة إلى القوات الكردية "ستكون محدودة، كما ستقدم تدريجيا لأهداف عسكرية".
ونقلت الصحيفة عن فيكتور نادين رايفسكي، كبير الباحثين في معهد أبحاث الاقتصاد والعلاقات الدولية التابع لأكاديمية العلوم الروسية، أنه "رغم اختلاف مصالح، إلا أن الجانب الأمريكي سيستمر في دعم الأكراد، لأن الولايات المتحدة لا تريد القتال برا بصفة مباشرة". وأضاف الخبير الروسي رايفسكي أن "تركيا حليف مخلص للولايات المتحدة ولحلف شمال الأطلسي، وهذا لا يجب أن ننساه".
وخلال زيارة وزير الخارجية الأمريكي إلى أنقرة، التقى مع الرئيس التركي أردوغان، ونظرا لمدى توتر العلاقات بين الطرفين وتعقيد الخلافات، استمر اللقاء لأكثر من ثلاث ساعات. وأشارت شبكة "سي إن إن" إلى أنه تم انتهاك بروتوكول خلال هذا الاجتماع، حيث لم يكن هناك مترجم من جانب تيلرسون، وإنما اضطلع وزير الخارجية التركي بالترجمة.
وفي الختام، أوردت الصحيفة أن الولايات المتحدة تتبنى وجهة نظر مختلفة بشأن التعاون مع الأكراد. ووفقا للمحليين، من المتوقع نشوب اشتباكات بين الجيش الأمريكي والتركي في سوريا، ومع ذلك يظل الطرفان بحاجة لبعضهما البعض. كما يبدو أن الولايات المتحدة لن تتوقف عن دعم الأكراد الذين تعتبرهم حلفاءها الرئيسيين في المنطقة، رغم تأثير ذلك على علاقاتها مع تركيا.