هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أجمع العديد من المراقبين على أن التقرير النهائي لفريق الخبراء
الدوليين المعنيين باليمن يعد فرصة ثمينة أمام الرئيس عبدربه منصور هادي وحكومته،
لإعادة هندسة المشهد وفقا لمتطلبات المرحلة ومعركة استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب.
في
الوقت ذاته، اعتبره آخرون بأنه جرس إنذار حقيقي للحكومة الشرعية، وقد يكون الأخير،
على الرغم من أنه بإمكانها استغلاله لمصلحتها؛ لإنقاذ شرعيته والبلاد، بعدما كشف كثيرا
من الحقائق والأدوار التي تمارسها الدول الأعضاء في التحالف العربي الذي تقوده
السعودية.
وكان
تقرير الفريق، الذي نشر نهاية الأسبوع الماضي، حذر من أن اليمن -كدولة- يكاد يتلاشى
من الوجود، في ظل عدم قدرة الرئيس هادي على العودة للبلاد لإدارة سلطاته.
واتهم
التقرير الأممي التحالف الذي تقوده الرياض بدعم قوات تعمل بالوكالة لأهداف خاصة
بها، وقال إن هناك تحديا آخر تواجهه الحكومة، وهو وجود قوات تعمل بالوكالة، تسلحها
وتمولها الدول الأعضاء في التحالف الذي تقوده السعودية، وتسعى إلى تحقيق أهداف
خاصة بها في الميدان.
ولفت
إلى أن حكومة الرئيس هادي أُضعفت جراء انشقاق عدد من المحافظين وانضمامهم لما يسمى
"المجلس الانتقالي الجنوبي"، الذي يدعو إلى "إنشاء جنوب يمني مستقل".
قلب
الطاولة
وتعليقا
على هذا الموضوع، يرى الكاتب والمحلل السياسي اليمني، ياسين التميمي،
أن التقرير قدم تشخيصا مباشرا أو وواقعيا للأزمة الراهنة، ووضع اليد على
التهديدات الحقيقية لكيان الدولة اليمنية.
وتابع
حديثه الخاص لـ"عربي21" بالقول إن التقرير تخلى
عن النظر إلى القاعدة وتنظيم الدولة على أنهما خطر محوري، واستبعدهما من بين
العوامل المهددة الراهنة لكيان الدولة، التي ذكر منها أن الرئيس لا يستطيع الإدارة
من خارج البلاد.
وقال
إن هذا الأمر سببه بوضوح الفيتو الإماراتي والتغاضي -إن لم يكن التواطؤ- من
الجانب السعودي، بالإضافة إلى المجلس الانتقالي الذي تدعمه الإمارات بقوة، والذي
يتبنى انفصال اليمن، منها القوات التي تقاتل بالوكالة مع الإماراتيين تحت مسميات
عديدة، فضلا عن الحوثيين.
وأوضح
التميمي أن الرئاسة اليمنية، خصوصا بعد أحداث عدن، باتت أضعف من أي وقت مضى، وخياراتها صعبة للغاية، وليس أمامها سوى قلب الطاولة على التحالف؛ من خلال رفع الغطاء
عن هذا التدخل، على الرغم من أن تكلفة ذلك ستكون كبيرة.
وأشار
إلى أنه يتوجب أن تتبنى السلطة الشرعية خيارات قليلة الكلفة، التي منها تخيير
التحالف بين رفع القيود عن الحكومة، أو أن تطلب الحكومة من مجلس الأمن الوقوف
بجدية أمام الحقائق التي عرضها تقرير الخبراء، والنظر إليها باعتبارها تهديدات
وعراقيل أمام العملية السياسية في اليمن، وتهديدا للخيارات التي اتفق عليها
اليمنيون، تحت أنظار المجتمع الدولي.
ووفقا
للسياسي اليمني، فإن حرب عدن الأخيرة -للأسف- بين الشرعية والمتمردين الانفصاليين
المدعومين من التحالف، عملت على تآكل القوات الموالية للحكومة، وأضعفت قدرتها على
المبادرة. كما أن هناك خطورة من أي مغامرة من شأنها أن
تعيد إحياء المواجهة العسكرية، وهو أمر قد يؤدي إلى تقويض الأرضية الهشة التي لا
تزال الحكومة الشرعية تقف عليها. بحسب التميمي.
وبين
الكاتب أن السلطات الشرعية لديها فرصة للقيام بممارسة الضغط على قيادة
التحالف، خصوصا السعودية، بما يمكنها من استعادة زمام المبادرة من قبل الشرعية.
واستدرك
قائلا: "هذا لن يتحقق إلا بقدر من المقايضة مع التحالف، الذي يبدو أنه يدفع
بالسلطة الشرعة إلى الهاوية، وهو وضع يعود في الأساس إلى تفريطها بصلاحياتها
وبمقومات وجودها منذ اليوم الأول لتدخل التحالف".
وقال
إنه لم يعد أمام السلطة الشرعية سوى جلب لاعبين دوليين وإقليميين جدد، خصوصا
الأطراف التي تحرص على عدم ترك الساحة اليمنية للترتيبات الخطيرة التي يجري
تنفيذها حتى الآن.
أداة فعالة
من
جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي، عبد الرقيب الهدياني، إن الرئيس هادي يستطيع أن
يجعل من تقرير الخبراء أداة فعالة ومنصة قرارات وإجراءات ضد كل ما وصفها
بـ"الديدان"، التي تقضم شجرة الشرعية، وتقوض جهود الحكومة، وتحرف هدف
التحالف في اليمن.
وأضاف
في منشور عبر صفحته بموقع "فيسبوك"، أن العالم قدم له تشخيصا ومبررات
وحججا كي يتحرك إيجابيا، وسمى صراحة كل الجهات المعطلة والعابثة، سواء في مناطق
سيطرة الانقلابين أو الشركاء المفترضين في المناطق المحررة".
وكان
الفريق الأممي قد أورد في تقريره تفاصيل عن تورط الإمارات والقوات الموالية لها،
بارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان، وهو ما جعل البعض يتساءل عن إمكانية اعتبار ما
تضمنه التقرير دليلا كافيا لملاحقة أبوظبي والموالين لها أمام المحاكم الدولية.
يمكن البناء عليه قانونيا
وقال الخبير الحقوقي والقانوني، توفيق الحميدي، في حديث خاص لـ"عربي21": إن
التقرير الحالي كان واضحا بعبارات لا تقبل الجدال بأن هناك تقويضا أوضح للدول
اليمنية بشكلها الحالي من قبل تشكيلات عسكرية مدفوعة الأجر، وأن أطرافا في التحالف،
يقصد بها الإمارات، تعمل على إضعاف السلطة الشرعية في الجنوب.
ودعا إلى ضرورة أن تعمل هذه القوات تحت سلطة الشرعية، ما يعني رفع أي
غطاء قانوني وشرعية عنها، وهو ما يجعلها تحت طائلة العقاب.
ووفقا
للحميدي، فإنه بالنظر إلى مضمون القرار الأممي 2216، نجد أنه يلزم جميع الدول
بالتعاون مع فريق الخبراء، وإتاحة إمكانية وصولهم دون عوائق إلى مقاصدهم، وبالأخص
الأشخاص والوثائق والأشخاص، ليتسنى له الاطلاع، وهو ما يعني أن "التقرير
الصادر من الفريق له قيمة قانونية لدى مجلس الأمن لاتخاذ القرارات المناسبة لحفظ
استقرار اليمن وأمنه، بما فيها فرض عقوبات مناسبة للأفراد أو الدول اذا رأى أن ما
في التقرير يستوجب ذلك، ويهدد جهود الأمن والسلم الدوليين".
ولفت
إلى أن التقرير يمكن البناء عليه قانونيا وحقوقيا وسياسيا، خاصة من قبل الحكومة
الشرعية، حيث يمنحها فرصة مناسبة للتحرك وفرض سلطتها في مناطق سيطرة القوات
العاملة بالوكالة، على حد تعبير التقرير.