ينهض اتفاق الشراكة عبر المحيط الهادئ من كبوته بعد أن اعتبر في حكم الميت بعد عام من انسحاب
الولايات المتحدة منه، لتوقعه الخميس في تشيلي 11 دولة من أمريكا وآسيا، في ما يوجه موقفا قويا في وجه المساعي الحمائية.
وروجت واشنطن في عهد الرئيس باراك أوباما للاتفاق بعد سنوات من المفاوضات شملت 12 بلدا مطلا على المحيط الهادئ هي الولايات المتحدة وأستراليا وبروناي وكندا وتشيلي واليابان وماليزيا والمكسيك ونيوزيلندا والبيرو وسنغافورة وفيتنام.
لكن وقبل دخوله حيز التنفيذ أعلن الرئيس دونالد ترامب الانسحاب منه مهددا الاتفاق الذي كان يطمح ليشمل دولا تمثل 40% من إجمالي الناتج الداخلي العالمي وقرابة 25% من التجارة العالمية. ويتذكر مسؤول الوفد التشيلي فيليب لوبيانديا أنه بعد قرار ترامب الصادم عبر الجميع على الفور عن التزام قوي جدا بشأن ضرورة توجيه إشارة سياسية للعالم وللولايات المتحدة بأن الاتفاق جيد وأننا لن نبقى بالتالي مكتوفي الأيدي.
وبعد عام، سيتم في سانتياغو في تشيلي توقيع الاتفاق الذي بات يسمى الشراكة العالمية والتقدمية عبر المحيط الهادئ متضمناً تقريباً كافة بنود النص الأصلي ما عدا 20 بنداً متصلة بالملكية الفكرية فرضتها واشنطن. وتقول تشيلي إن الفصل المتعلق بالملكية الفكرية أكثر توازنا في الاتفاق الجديد.
ويمثل التوقيع موقفا معارضا للنزعة الحمائية السائدة بعد إعلان ترامب عزمه فرض رسوم جمركية باهظة على الصلب والألمنيوم، الأمر الذي يهدد باندلاع حرب تجارية.
وقال لوبيانديا: "هذا يعيد بعض الثقة إلى القدرات الإقليمية أو قدرة دول مختلفة على التقدم في إبرام اتفاقات مهمة".
مع ذلك، يصعب تجاهل الضربة القوية التي مثلها انسحاب واشنطن إذ لم يعد الاتفاق يشمل سوى 15 إلى 18% من إجمالي الناتج الداخلي العالمي. لكن اجناسيو بارتساجي أستاذ إدارة الأعمال في جامعة أوروغواي الكاثوليكية يقول إنه لا يمكن مع ذلك الاستخفاف بالاتفاق. إنه الاتفاق الأكثر عصرية الذي وقع على المستوى العالمي قاطبة.
وأضاف: "ليس هناك اتفاق تجاري يشمل مثل هذا العدد من الدول ويتضمن 30 فصلا تتناول مسائل على هذه الدرجة من المعاصرة في التجارة العالمية. أعدت واشنطن الاتفاق بصفته وسيلة لمواجهة تنامي نفوذ
الصين في التجارة العالمية لكن ترامب هاجمه بحجة أنه يهدد مصالح العمال الأمريكيين".
ولكن في نهاية كانون الثاني/ يناير، عاد وألمح إلى احتمال عودة بلاده، مشيرا إلى أن الأمر يتطلب التوصل إلى اتفاق أفضل بكثير بدلا من الاتفاق الجديد الذي وصفه بأنه فظيع.
وقال بارتساجي إن مستشاري ترامب «توصلوا شيئا فشيئا إلى جعله يدرك دور الولايات المتحدة في منطقة آسيا المحيط الهادئ ودور اتفاق الشراكة في هذه المنطقة، ليس من الناحيتين الاقتصادية والتجارية فحسب، وإنما الجيوسياسية كذلك".
ولكن اليابان بدت متشككة. وقال مسؤول ملف التفاوض عن الحكومة اليابانية كازويوشي أومموتو: "إذا عادت الولايات المتحدة واتخذت موقفا يتسم بمزيد من الإيجابية إزاء اتفاق الشراكة فهذا أمر نرحب به ولكن لن يكون الأمر بهذه السهولة".
يتضمن الاتفاق إزالة الحواجز الجمركية وغير الجمركية مثل اعتماد أعراف مشتركة في عدة قطاعات بين البلدان الموقعة التي يبلغ عدد سكانها 500 مليون نسمة.
وتقول وزارة الخارجية التشيلية إن اتفاق الشراكة يحدد معيارا جديدا لأي اتفاق اقتصادي إقليمي شامل بما في ذلك بالنسبة للمفاوضات المقبلة داخل منظمة التجارة العالمية أو منتدى آسيا المحيط الهادئ.
ويدخل الاتفاق حيز التنفيذ بعد ستين يوما من مصادقة ستة على الأقل من البلدان الأحد عشر الموقعة. وهذا يعني بالنسبة لتشيلي توسيع سوقنا المحتمل وإمكانية حصول شعبنا على عدد أكبر من المنتجات، وفق رئيس غرفة التجارة في ليما ماريو مونجيلاردي.