نشرت مجلة "إيكونوميست" تقريرا تحت عنوان "رئيس
مصر المصاب بالبارانويا"، تتحدث فيه عن
الانتخابات المقرر عقدها نهاية الشهر الحالي، حيث وصفتها بالمهزلة، وبأنها تتسم بملاحقة الإعلام.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن لهجة الرئيس تتسم بالكآبة والتهديدات والحديث عن نظريات المؤامرة.
وتقول المجلة إن "الرئيس عبد الفتاح
السيسي لم يجد بوقا أفضل من خيري رمضان، وهو مقدم برنامج حواري شهير، فعندما بدأ الناشطون حملة على (تويتر) للاستهزاء بالرئيس، اقترح رمضان حظر وسائل التواصل الاجتماعي، ووصف، مثل السيسي، ثورة عام 2011، التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك، بالمؤامرة الأجنبية".
ويستدرك التقرير بأن رمضان تحدث في 18 شباط/ فبراير في برنامجه الحواري عن عقيد في الشرطة يحصل على 4600 جنيه مصري "261 دولارا" في الشهر، ومن أجل زيادة هذا المبلغ بدأت زوجة هذا العقيد بالعمل عاملة نظافة في البيوت، وتساءل رمضان، الذي اعترف بأن قلبه يميل نحو الشرطة القاسية، عن سبب تلقيهم رواتب قليلة.
وتعلق المجلة ساخرة بالقول إن رمضان يمكنه سؤال الشرطة مباشرة، حيث اعتقل في 3 آذار/ مارس لتعليقاته التي لم تحترم الشرطة.
ويلفت التقرير إلى أن "المصريين سيذهبون نهاية هذا الشهر لصناديق الاقتراع، في انتخابات لإعادة انتخاب عبد الفتاح السيسي، والنتيجة كلها مؤكدة، حيث تم اعتقال أو إجبار المنافسين الحقيقيين ومنعهم من الترشح في الانتخابات، وتم جر منافسه الوحيد موسى مصطفى موسى في الدقائق الأخيرة قبل انتهاء فترة التسجيل؛ لتجنب الإحراج كون الانتخابات على مرشح واحد، ورفض موسى المشاركة في النقاشات التلفزيونية، حيث يرى أنها تحد غير مقبول للرئيس".
وترى المجلة أن "السيسي يبدو عشية الانتخابات خائفا، وليس الرجل الواثق بنفسه، وهناك همس دائر بين المصريين عن مؤامرات في القصر الرئاسي، مثل عزل مدير المخابرات خالد فوزي، الذي لم ير منذ شهر كانون الثاني/ يناير، وأصبحت نبرة السيسي أكثر قتامة وفيها تهديدات وحديث عن نظريات مؤامرة، وعادة ما يتحدث عن (قوى الشر)، التي تصطف ضد مصر".
وينوه التقرير إلى أن من بين هذه القوى هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، التي أحدثت جدلا عندما بثت فيلما وثائقيا قصيرا عن التعذيب والاختفاء القسري، لافتا إلى أن النائب العام نبيل صادق ذم في رد له الإعلام الأجنبي.
وتذكر المجلة أن الدولة أوقفت التعاون مع "بي بي سي"، (مع أنه لم يكن موجودا في المقام الأول)، مشيرة إلى أنه تم الحديث مع سجينة اسمها زبيدة على التلفزيون؛ لنفي أن تكون قد تعرضت للتعذيب، وبعد ذلك اعتقلت والدتها، واختفى محاميها.
ويفيد التقرير بأن "
الصحافة والصحفيين تمتعوا في العام الأول بعد الثورة بلحظة من الحرية، لكنها اتحدت ضد الإسلاميين عندما فازوا في الانتخابات عام 2012، وتعاونت ودعمت الانقلاب الذي جلب السيسي للسلطة عام 2013، وكما هو متوقع أصبح الإعلام هدفه التالي".
وتبين المجلة بأن "مصر أصبحت من أكثر الدول التي تسجن الصحفيين، ففي بداية هذا الشهر تم سجن صحفيين عندما كانا يحضران لبث تقارير من محطة قطارات قديمة، وأمر صادق العاملين تحت إدارته بمراقبة الصحافة، والبحث عما إذا نشرت تقارير (تضر بالمصالح القومية)، وربما طلب من الصحفيين حضور دورات تثقيف في الأكاديمية العسكرية، ومع أن الدستور ينص على حرية التعبير، إلا أن انتقاد المؤسسة العسكرية ممنوع، ويراه السيسي (مساويا للخيانة)".
ويكشف التقرير عن أن هناك عددا متزايدا من الصحفيين الذين يعملون لصالح المخابرات، بالإضافة إلى أن هناك قناتين تلفزيونتين تُداران من مسؤولين عسكريين "أمنيين سابقين"، مشيرا إلى أن صندوقا ماليا له علاقات مع الحكومة، شدد سيطرته في كانون الأول/ ديسمبر، على عدد من المؤسسات الإعلامية، بما فيها "أون تي في"، القناة التلفزيونية الشهيرة واليوم السابع.
وتورد المجلة نقلا عن منظمة "صحفيون بلا حدود"، قولها إنها قلقة من "سيطرة النظام على الإعلام"، لافتة إلى أنه تم الإفراج عن رمضان بكفالة، رغم أنه يواجه اتهامات، حيث أثار اعتقاله احتجاجات من الصحفيين المعروفين عادة بولائهم للنظام.
وبحسب التقرير، فإن النقد بشأن الانتخابات الغريبة يطفو على السطح، ففي الشهر الماضي سألت مقدمة البرامج التلفزيونية لميس الحديدي، موسى عما إذا كانت عائلته تشكو من أنه سينفق 20 مليون جنيه على انتخابات لن يفوز بها، ونصحته بالانسحاب قبل الأول من آذار/ مارس.
وتختم "إيكونوميست" تقريرها بالقول: "من حسن الحظ أن موسى ليس رجل شرطة، بل مجرد دمية للرئيس، وبالتالي فإن إهانته ليست جريمة".