هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
دعا وزير الدولة وزير الداخلية الفرنسي جيرار كولومب، الخميس، الجزائر إلى تنسيق أفضل بين الأجهزة الأمنية، لمكافحة الإرهاب، في الساحل، وأشاد بدور الجزائر "الرئيسي والمحوري بإحلال السلم في دولة مالي".
وقال جيرار كولومب الذي يترأس وفد بلاده في إطار الاجتماع الموسع الذي يضم المحافظين الجزائريين، ونظرائهم الفرنسيين، والذي انطلقت أشغاله، الخميس، بالعاصمة الجزائر: "أحيي دور الجزائر في دفع المسار الذي تقوم به الأمم المتحدة في مكافحة الإرهاب، في الساحل حتى لا تكون هذه المناطق، مناطق تهديد ضد سكان المنطقة والمناطق المجاورة، خاصة وأن الإرهاب نتج عنه ظواهر خطيرة، كتجارة السلاح والاتجار بالبشر وتفاقم ظاهرة الهجرة السرية".
وتابع وزير الداخلية الفرنسي قائلا: "أشيد أيضا بدور الجزائر الرئيسي والمحوري والمركزي على التزامها بإحلال السلم في مالي"، مشددا أنه "على الجزائر وفرنسا تعزيز التنسيق الأمني وعلى مختلف الجبهات للتصدي لمجابهة الإرهاب وشبكات الهجرة غير الشرعية".
وتشهد منطقة الساحل الصحراوي، عبر الشريط الحدودي الجنوبي للجزائر، نشاطا مكثفا للمجموعات المسلحة، على غرار القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي التي يتزعمها عبد المالك دروكدال وتنظيم المرابطين بقيادة مختار بلمختار، وتنظيم "التوحيد والجهاد"، وهي عبارة عن مجموعات متشكلة من عناصر من جنسيات مختلفة، غير أن أغلبهم جزائريين وماليين، وبدرجة أقل تونسيين وموريتانيين، كما يشهد هذا الشريط، تناميا متزايدا لشبكات الاتجار بالبشر وشبكات الهجرة السرية والتهريب.
ويعتقد الخبير الجزائري بالشؤون الأمنية، منصور سي العربي أن "زيارة الوزير الفرنسي للداخلية، جيرار كولومب، ظاهرها مجاملة الجزائر على جهودها بمكافحة التنظيمات المسلحة على حدودها الجنوبية مع مالي والنيجر، والشرقية مع ليبيا، لكن باطنها تأتي في مساع تبذلها باريس بغرض الضغط على الجزائر كي تلعب دور أكبر من أجل التصدي للإرهاب وذلك من خلال دفعها إلى الانخراط ضمن مجموعة "5 ساحل" التي أنشأتها فرنسا لمحاربة الإرهاب والهجرة السرية بالشريط الساحلي".
الجزائر ترفض دور الدركي
وتابع منصور سي العربي في تصريح لـ"عربي21"، الخميس: "باريس تريد أيضا من الجزائر أن تلعب دور الدركي للتصدي لأمواج الهجرة السرية التي تهدد استقرار دول الضفة الشمالية للحوض المتوسط، خاصة بعد فشل مخططات التصدي بين ليبيا وإيطاليا، كخطوة حاسمة في طريق ترسيخ أقدام مجموعة الساحل خمسة في منطقة الساحل".
وترفض الجزائر الانضمام إلى مجموعة "5 ساحل" المكونة من جيوش دول "التشاد ومالي والنيجر وموريتانيا وبوركينا فاسو"، والتي عزت إلى تشكيلها باريس، بمجرد وصول الرئيس إمانويل ماكرون إلى الحكم بفرنسا، آيار/ مايو من العام الماضي.
وتتبنى الجزائر عقيدة عسكرية بدستورها وتنص على "منع خروج أي جندي جزائري للقتال خارج حدود البلاد".
وجلبت هذه العقيدة العسكرية للجزائر متاعب جمة على الصعيد الإقليمي وفضاءات محاربة الإرهاب، إذ رفضت الجزائر المشاركة بعاصفة الحزم ضد الحوثيين باليمن، ما عرض علاقاتها مع المملكة السعودية إلى التوتر، كما رفضت المشاركة بعمل عسكري بليبيا بعد مساع قام بها نظام عبد الفتاح السياسي بمصر، مع الحكومة الجزائرية، مثلما رفضت الجزائر الانخراط بالقوة العسكرية العربية المشتركة التي أقرتها الجامعة العربية العام 2015.
وتواجه الجزائر ضغوطا بالتخلي عن هذه العقيدة من دول أوروبية، حيث دعا نيكولا نورمان، السفير الفرنسي في مالي، الجزائر إلى فتح حدودها للقوات الأجنبية لتطارد المجموعة الإرهابية أو الإنخراط في قوة الساحل 5، وهي الدعوة التي سبق وأن رفضتها الجزائر، بعد أن تلقتها من الفرنسيين لدى تشكيل هذه القوة الصائفة الماضية.
وقال نيكولا نورمان في حوار مطول مع جريدة "لوروبليكان" المالية، نشر الأربعاء، إن المسلحين النشطين في مالي "هم في أغلبهم جزائريون ممن رفضوا مسار المصالحة الوطنية في مالي".
واعتبر الدبلوماسي الفرنسي بمالي، أن "الجهاديين الجزائريين غير مستعدين لترك السلاح في مالي بناء على الاتفاق الذي جرى بالجزائر بين الفصائل المسلحة وحكومة باماكو"، مشيرا إلى أن "هؤلاء الجهاديين رفضوا المصالحة في بلادهم (الجزائر) أصلا".
ويعتقد المحلل السياسي الجزائر أنور بن الشريف في تصريح لـ"عربي21"، أن "صمود الجزائر بعدم تخليها عن عقيدتها العسكرية بعدم القتال خارج حدودها، نتج عنه تبني فرنسا خيارا مطلبيا آخر، ويتعلق الأمر بدعوة الجزائر لفتح حدودها أمام قوات أجنبية لمطاردة الجماعات الإرهابية، وهو ما سترفضه الجزائر أيضا".