هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "الغارديان" مقالا للباحث في منظمة العفو الدولية المتخصص في حقوق الإنسان والسيطرة على الأسلحة، باتريك ويلكين، يتحدث فيه عن الحرب في اليمن.
ويقول الباحث: "إن نهاية هذا الأسبوع تشكل ذكرى مرور ثلاث سنوات مليئة بالمآسي للشعب اليمني، الذي عانى من القصف العشوائي المدمر، الذي تقوم به قوى التحالف الذي تقوده السعودية في بلدهم، فعاثت أساطيل من المقاتلات، معظمها سعودية، فسادا في بلدهم الفقير، بالآلاف من الغارات الجوية على أهداف، تضمنت مستشفيات وأسواقا وبيوتا ومصانع وقاعات عزاء".
ويشير ويلكين في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن "آلاف المدنيين قتلوا فيما جرح آلاف آخرون، وانهارت البنية التحتية، وكان ذلك كله مصحوبا بحصار جزئي، حرم معظم الشعب من الماء النظيف، والعناية الصحية، وتسبب في أسوأ انتشار للكوليرا في التاريخ الحديث".
ويستدرك الكاتب بأنه "بالرغم من هذا، فإن الدول الغربية بقيادة أمريكا والمملكة المتحدة، قدمت للتحالف الذي تقوده السعودية كميات كبيرة من الأسلحة المتقدمة، مسهّلة حملة عسكرية تميزت بانتهاكات القانون الدولي الإنساني، بما في ذلك جرائم حرب محتملة".
ويفيد ويلكين بأن "هذا الصراع كشف بشكل صارخ عن الثمن الحقيقي لتجارة السلاح العالمية المربحة، هذا عدا عن تحديها لتطبيق اتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة بتجارة السلاح، وعدا عن أمريكا وبريطانيا، هناك بلدان أخرى -بينها فرنسا وإسبانيا وإيطاليا- تدعي دعمها لحقوق الإنسان، والالتزام بالمعاهدة المذكورة، وتمد في الوقت ذاته أسلحة متطورة للتحالف الذي تقوده السعودية".
ويجد الباحث أنه "بمناسبة هذه الذكرى الأليمة فإن هناك بصيص أمل، ففي أنحاء العالم بدأت احتجاجات المنتقدين، من ناشطين وصحافيين وبعض السياسيين، تؤتي أكلها، حيث توقفت بعض الدول الأوروبية تحت الضغط في الأشهر الأخيرة عن إرسال الأسلحة للتحالف السعودي، وفي البلدان الأخرى التي استمرت في إمداداتها أصبح هناك تدقيق شديد، مع وجود بعض القضايا في المحاكم، ونقد متزايد من البرلمانيين والشارع".
ويقول ويلكين: "قد يكون من الممكن أن الموجة بدأت تتحول، ففي اليونان كانت هناك موجة من الاحتجاجات في كانون الأول/ ديسمبر، عندما صدرت تقارير إخبارية عن صفقة تشمل 300 ألف قذيفة دبابة للسعودية، ووسط ضغط قادته منظمة العفو الدولية في اليونان، قامت لجنة برلمانية بكسر المتعارف عليه وألغت الصفقة".
ويلفت الكاتب إلى أنه "في فنلندا، عندما أظهرت الصور في كانون الثاني/ يناير القوات الإماراتية، الحليفة الرئيسية للسعودية، تستخدم مصفحات (باتريا) الفنلندية في عمليات القتال في اليمن، كانت هناك ضجة في الشارع، بالإضافة إلى أن الأخبار بأن فنلندا منحت رخصة لقطع غيار مصفحات (باتريا) حدت بمعظم مرشحي الانتخابات الفنلندية الأخيرة -بما في ذلك الرئيس- بالحديث عن إمداد الإمارات بالسلاح، وأعلنت النرويج في الشهر ذاته أنها جمدت تصدير الأسلحة الفتاكة للإمارات، (وكانت قد توقفت عن إمداد السعودية بالأسلحة)، وذكرت أن السبب هو خشيتها من أن يساء استخدامها في اليمن، كما أن النمسا وهولندا والإقليم الفلامندي من بلجيكا رفضت تكرار منح رخص تصدير أسلحة للسعودية".
ويبين ويلكين أن "الأخبار المهمة حقيقة جاءت من الائتلاف القادم من ألمانيا، حيث قرر تعليق الرخص المستقبلية لتحويل الأسلحة للدول المتورطة مباشرة في الصراع اليمني، وبعد سنوات من الضغط المنسق من جمعيات المجتمع المدني والصحافيين وبعص السياسيين الرئيسيين، قام أحد مصنعي الأسلحة الرئيسيين بوضع حد أخيرا، ويبقى أن نرى مدى التزامه بموقفه هذا -في الماضي كان تعليق الأسلحة لا يدوم طويلا ويعود مع تراجع الضغط- والأهم من ذلك هو أن الأسلحة التي تم الاتفاق عليها أصلا سيتم شحنها، لكنها علامة أخرى على أن معارضي هذه الصفقات المدمرة للأسلحة بدأوا يكتسبون المزيد من القوة".
وينوه الباحث إلى أنه "في الوقت ذاته، فإن الضغط يتولد في أماكن أخرى أيضا، وفي المملكة المتحدة تؤيد أحزاب المعارضة كلها إنهاء تسليح السعودية، وركز الكثير من الاحتجاج في زيارة محمد بن سلمان إلى لندن على هذا الموضوع، وقام الناشطون، بسبب رفض الحكومة وقف بيع كميات كبيرة من الأسلحة للسعودية، برفع قضية عليها؛ بحجة أنها تنتهك قانون البلاد والقانون الدولي، وكان مخيبا للآمال أن خسرت القضية في المحكمة (وكسبتها الحكومة بناء على أن قراراتها كانت (منطقية)، بعد أن تم تقدير الأدلة الموجودة، بغض النظر عن كون مصدر تلك الأدلة هم السعوديون أنفسهم)، لكن هناك جهودا لاستئناف القضية في المحاكم".
ويفيد ويلكين أنه "في أمريكا كانت هناك خطابات ملتهبة في مجلس الشيوخ، صحبت تصويتا في حزيران/ يونيو، لمنع تحويل ذخائر موجهة بقيمة 510 ملايين دولار وخدمات متعلقة للرياض، لكن المشروع لم ينجح بفارق أصوات قليلة، حيث كان التصويت 47 مع و53 ضد، بالإضافة إلى أن هناك مشروع قرار في مجلس الشيوخ، يستخدم قانون سلطة الحرب، يسعى لسحب الدعم الاستخباراتي واللوجستي من التحالف السعودي؛ استنادا لأن ما يحصل هو مشاركة للولايات المتحدة في حرب لم يوافق عليها الكونغرس".
ويذكر الكاتب أن "هناك تحديات كثيرة في كندا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا لإمداد التحالف بالأسلحة، بما في ذلك قضايا في المحاكم، ونشاط، ونقاش عام".
ويقول ويلكين إن "هناك مأزقا قانونيا وأخلاقيا يواجه الدول الأوروبية، التي تمد ذلك الصراع الدموي بالسلاح، فبحسب معاهدة الأمم المتحدة لتجارة السلاح، فإنه يجب على تلك الدول وقف إمدادات السلاح إن كان هناك احتمال لاستخدامها في انتهاكات خطيرة لقانون حقوق الانسان الدولي أوالقانون الإنساني، ووعدت الولايات المتحدة، بصفتها موقعة على المعاهدة، بألأ تقوض موضوع أو غرض الاتفاقية، الذي يتضمن (التقليل من المعاناة الإنسانية)، وهو التزام يسخر منه الوضع الكارثي على الأرض في اليمن".
ويذهب الباحث إلى القول إنه "في الوقت الذي تدخل فيه اليمن سنة أخرى من الجوع والمرض والحرب، ومع وجود أكثر من 20 مليون يمني يحتاجون للمساعدات الإنسانية، فإن الإفلاس القانوني والأخلاقي للغرب في دعمهم للتحالف السعودي لم يكن أوضح مما هو عليه الآن".
ويختم ويلكين مقاله بالقول: "هناك عدد متزايد من البلدان أدركت خطورة التواطؤ في الانتهاكات المتزايد وجرائم الحرب المحتملة التي ترتكب في اليمن، لقد حان الوقت لبقية مسلحي التحالف السعودي أن يفعلوا الشيء ذاته، وينهوا تحالفهم الشيطاني بشأن الأسلحة واليمن".