هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تجاوزات متواصلة لمسؤولي الإعلام المصري الذين عينهم رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي بهدف السيطرة على الإعلام المصري وتحجيمه.
وخلال الأربع والعشرين ساعة الماضية؛ شهدت الحياة الإعلامية بمصر حدثين كان على رأسيهما أبرز شخصيتين إعلاميتين تابعتين للسيسي، الأول مكرم محمد أحمد رئيس المجلس الوطني للإعلام والذي وصف دعاة التصالح مع جماعة الإخوان بلفظ خادش للحياء، كفيل بتحويله للقضاء.
أما الثاني فكان رئيس الهيئة العامة للاستعلامات ضياء رشوان الذي أوقف الاعتماد الصحفي لمراسلة جريدة التايمز البريطانية بناء على مطالب أمنية، حيث تم لاحقا ترحيلها لبلدها.
وترافقت هذه التجاوزات مع أخرى لمن عرفوا بإعلامي السيسي مثل عمرو أديب وأحمد موسى ومصطفى بكري، الذين اعتمدوا مهاجمة مخالفي السيسي وخاصة بالانتخابات، بدءا من الإهانات والشتائم إلى التحريض على قتلهم.
رئيس التيار الشعبي ومساعد وزير الخارجية الأسبق السفير معصوم مرزوق وصف على صفحته بـ"الفيسبوك" إعلاميو السيسي بأنهم سحرة فرعون الذين يبدلون الحقائق ويشوهون الواقع لصالح الحاكم المستبد، وهو الوصف الذي سبق وأن استخدمه المرشد العام للإخوان المسلمين محمد بديع قبل إعلان الجماعة الدفع بمرشح لها في الانتخابات الرئاسية 2012.
اقرأ أيضا: مكرم يهاجم الإخوان ويسب من يدعو للمصالحة بلفظ خارج (شاهد)
مرزوق لم يكن الوحيد الذي علق على إعلاميي السيسي، حيث أكد رئيس المركز العربي للإعلام قطب العربي أن اللفظ الذي أطلقه مكرم محمد أحمد للمطالبين بالمصالحة مع الإخوان، يحاكم عليه القانون، موضحا أن مكرم نفسه الذي يرأس المجلس الأعلى للإعلام يقوم بمحاسبة الإعلاميين والصحفيين الذين يصدر منهم مثل هذه الألفاظ الخادشة للحياء.
من جانبه أكد المتخصص في علم الاجتماع السياسي الدكتور سيف الدين المرصفاوي أن السيسي اعتمد على مجموعة من الإعلاميين والصحفيين الذين لهم صلات بالأجهزة الأمنية، سواء جهازي المخابرات أو الأمن الوطني، وجميعهم لهم موقف عدائي ليس من جماعة الإخوان فقط وإنما من كل التوجهات الإسلامية.
وأوضح المرصفاوي لـ"عربي21" أن السيسي يعلم جيدا خطورة الإعلام ويعتبره أحد أسلحة حروب الجيل الرابع، ولذلك كان حريصا على السيطرة عليه إما بالإغراءات أو الترهيب، واعتمد في ذلك على مجموعة من "حراس معابد المستبدين"، في مقدمتهم مكرم محمد أحمد نقيب الصحفيين السابق، ورئيس المجلس الأعلى للإعلام والذي يقوم الآن بدور وزير الإعلام بعد إلغاء الوزارة في آخر تشكيل وزاري، لافتا إلى أنه من الشخصيات الذين لهم علاقات وثيقة للغاية بجهازي المخابرات والأمن الوطني.
وأشار المرصفاوي إلى أن أسامة هيكل وزير الإعلام خلال فترة المجلس العسكري، والذي يرأس لجنة الثقافة والإعلام بالبرلمان الحالي كان محررا عسكريا لجريدة الوفد، وهو يمثل مع مكرم وياسر رزق رئيس تحرير الأخبار، ومصطفى بكري عضو البرلمان، وضياء رشوان رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، خماسيا هاما في تنفيذ توجهات نظام السيسي، سواء في المجال التشريعي أو السياسي والصحفي والتجميلي.
وأوضح المرصفاوي أن الفريق المسيطر على الساحة الإعلامية يخالفون القواعد المهنية والأعراف الصحفية، ويطوعون الوسائل الإعلامية لخدمة رئيس الانقلاب وترسيخ دولته، ولديهم قدرة على تغيير الحقائق وتجميل القبيح على مدار الساعة.
وعن التعاطي مع الصحافة الأجنبية يؤكد المستشار الإعلامي يحيى عبد الهادي لـ"عربي21 " أن مسؤولي الإعلام بمصر يلجؤون لمواجهة الصحافة الأجنبية، بنفس أسلوب مواجهة الصحافة المصرية، مقابل فشلهم في تحسين صورة الانقلاب في الداخل والخارج وخاصة في مجال الحريات.
ولفت إلى أن ما حدث في أزمة قناة "BBC" بعد حلقة زبيدة المشهورة، ثم ما حدث مع الصحفية بيل ترو مراسلة جريدة التايمز البريطانية، يؤكد أن الخوف من كشف الفضائح أصبح هاجسا يسيطر على المسؤولين بمصر.
اقرأ أيضا: صحف غربية: الإعلام تحت مقصلة السيسي.. وواشنطن قلقة
ويقسّم عبد الهادي الإعلاميين التابعين للسيسي لثلاثة أصناف، الأول يمثلون رأس الرمح وهم مسؤولو الهيئات الإعلامية المختلفة، مثل مكرم ورشوان وهيكل وبكري، والصنف الثاني بمثابة الألسنة "المسعورة" وهم مقدمو البرامج الفضائية مثل أحمد موسى وعمرو أديب ولميس الحديدي وعبد الرحيم علي والمعتز بالله عبد الفتاح وغيرهم، أما الصنف الثالث فهم الذين يحاولون القيام بدور العقلاء مثل خيري رمضان وعماد الدين أديب وبعض الكتاب والصحفيين، والذين أثبتوا فشلهم في تقديم مبررات عقلانية لتصرفات السيسي الإجرامية.
ويرى عبد الهادي أن الهدف الأساسي من المجلس الوطني للإعلام وذراعيه الهيئة الوطنية للصحافة والأخرى المعنية بالإعلام كان لتقليص الحريات الإعلامية، والقيام بدور الرقيب ولكن بثوب مدني، وأضاف: "لقد توسعوا في العقوبات ضد الصحفيين والإعلاميين، وتدخلوا لوقف برامج وإعلانات تحت مسميات مختلفة ولكنها في النهاية تزيد من القيود على الحريات الإعلامية والصحفية".