هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قام مكتب الأوقاف والشؤون الإسلامية التابع للحكومة الموالية للواء خليفة حفتر في الشرق الليبي بحرق كميات كبيرة من كتب تابعة لجماعة الإخوان المسلمين وبعض الحركات الأخرى.
وشهدت عملية الحرق ما يشبه احتفالا حضره ممثلون من القوات التابعة لحفتر، وممثلون لأجهزة أمنية في وزارة الداخلية، وكذلك مندوب من هيئة الإعلام والثقافة وعدد من القنوات الفضائية الموالية "للجيش" هناك.
واتهمت "أوقاف حفتر" هذه الكتب بنشر التطرف والفكر الإرهابي بين الناس، لذا وجب حرقها والتخلص منها.
صوان وحفتر
وجاءت هذه التصرفات بعد تصريحات لرئيس حزب العدالة والبناء الليبي، محمد صوان، قال فيها إنه "يحتسب من قدموا أرواحهم مع عملية "الكرامة" (عملية عسكرية بقيادة حفتر) بنية محاربة الإرهاب من الشهداء، وأن الأجر حاصل لمن قدموا الدعم والتأييد بشتى أنواعه لذات الغرض من القبائل والعائلات"، بحسب حوار مع "عربي21".
لكنه استدرك بقوله: "واتضح جليا الآن أن هذه العملية "الكرامة" قد استخدمت مشروعا؛ للوصول للحكم وتصفية الخصوم السياسيين".
اقرأ أيضا: حوار شامل لـ"عربي21" مع رئيس حزب العدالة والبناء الليبي
حرق الكتب وما قبلها تصريحات صوان، أثارت تساؤلات من قبيل: هل هو نفي ضمني من قبل "أوقاف حفتر" لوجود ما سمي بصفقة بين حفتر والإخوان بعد مغازلة صوان الأخيرة؟ أم هو استمرار للحرب المعلنة من قبل حفتر على الإسلاميين عامة؟
خطوة بربرية
من جهته، وصف الكاتب والباحث السياسي الليبي، عز الدين عقيل، ما حدث من حفلة لحرق كتب بأنه "خطوة بربرية"، كون حرق الكتب "لم يكن أبدا تصرفا سليما، وفقط يجب أن تصادر هذه الكتب بعدما تحدد هيئة علمية أن بها تضليلا معلوماتيا أو دعوة للتطرف".
وأوضح في تصريحات لـ"عربي21"، أن "الأمر كله موقف سياسي تم اختزاله في "حفلة" لحرق الكتب، فمن حق الجميع مقارعة الإخوان سياسيا، لكن لماذا نحرق كتابا يتحدث عن الإخوان، خاصة أن البرلمان والجيش تفاوضوا مع الإخوان في الصخيرات والرئاسي"، كما قال.
وتابع: "لا تصلح سياسة الاجتثاث في ليبيا لفصيل أصيل مثل الإخوان، وهنا لا يمكن أبدا المقارنة بما حدث في مصر ضد الإخوان، لربما توفر لدى النظام المصري معلومات عبر التحقيق دفعهم لهذا التصرف، لكن هذا لا يستقيم في ليبيا".
حملة "تشويه"
لكن الناشط المدني من درنة الليبية، تميم بوشيحة، رأى من جانبه أن "سبب حرق كتب جماعة الإخوان في الشرق الليبي، تم لأغراض سياسية ومحاولة لتشويه الجماعة".
اقرأ أيضا: درنة تنتفض ضد "إشاعات" حفتر بمعرض للكتاب.. ما الرسالة؟
وأضاف لـ"عربي21": "كما أن هذه الطريقة في الحرق تهدف أيضا إلى تخويف الناس بعدم التعاطف مع الإخوان أو نهج فكرهم في المنطقة الشرقية".
رسالة وليست صفقة
وقال المحلل السياسي الليبي، خالد الغول، إن "الرسالة من حرق الكتب هي صرف أي شخص قد يتعاطف مع الإخوان أو العدالة والبناء، إذ أن تصريح صوان يحاول به جلب أنصار من الكرامة حيث يبين أنهم لا يكفرونهم ولا يعتبرونهم "بوذييين"، وأتباع الكرامة يعرفون هذا".
واستبعد في حديثه لـ"عربي21"، أن "يكون الأمر ردا ضمنيا على من زعم أن هناك صفقة بين "المشير" وحزب العدالة والبناء، فحفتر ومن تبعه لا يعترفون بجميع الإسلاميين حتى من معهم الآن إلا من كان منهم مخبرا في الأصل"، وفق قوله.
في حين أكد عضو حزب "العدالة والبناء" الليبي، إبراهيم الأصيفر، أن "أوقاف البرلمان ابتعدت عن كونها مؤسسة دينية وأصبحت ذراعا لأحد الفصائل المتصارعة في الساحة الليبية وتستخدم الدين مطية للوصول إلى غايتها عن طريق شيطنة الخصوم ومحاولة إقصائهم".
وتابع لـ"عربي21": "هذه العملية لا تغير من الواقع شيئا ولكنها تأتي ضمن حملة الترهيب التي يستخدمها التيار السلفي خاصة بعد تعالي الأصوات الرافضة له، ويمكن اعتبارها أيضا محاولة لإسكات أي صوت يتكلم عن وجود مفاوضات بين العدالة والبناء والمشير"، حسب كلامه.
"المداخلة"
ورأى الصحفي الليبي، محمد عاشور العرفي، أن "ما قام به قسم الأوقاف في مدينة بنغازي بحرق كتب الإخوان أو يتهمونه بانتسابه إلى الإخوان ليست المرة الأولى فقد سبق وأن قاموا بنفس الفعل وهذا راجع إلى سيطرة التيار السلفي المدخلي على الأوقاف".
وأضاف: "وقد عرف هذا التيار بالوقوف مع خصوم الإخوان سواء من السياسيين أو الانقلابيين أو حتى من المنحرفين أخلاقيا فهي حسابات فكرية يقوم بها قسم الأوقاف في الشرق الليبي"، وفق قوله لـ"عربي21".