هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "تسايت" الألمانية مقال رأي حول النهج الإصلاحي الذي يتبعه ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان.
وأوردت في المقال للكاتب الألماني، غيدو شتاينبيرغ، بأن إصلاحات ابن سلمان وإن بدت غير مدروسة بعض الشيء، إلا أنها كانت ترمي في مجملها إلى الحد من النفوذ الإيراني، وبناء اقتصاد لا يرتكز بصفة كلية على النفط.
ولكن على الرغم من حزمة الإصلاحات التي أقرها ولي العهد السعودي، إلا أن المملكة حافظت على "طابعها الاستبدادي"، وفق قوله.
وقال الكاتب في مقاله الذي ترجمته "عربي21"، إن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، ارتقى منذ سنة 2015 سلم المناصب.
وخلال ثلاث سنوات، تمكن ابن سلمان من لفت انتباه الرأي العالم العالمي بمبادراته المثيرة للجدل، علاوة على أنه نجح في إزاحة كل منافسيه من طريقه.
ومؤخرا، فاجأ ولي العهد السعودي العالم بتصريحه لصحيفة "أتلانتك" الأمريكية، الذي اعترف فيه بحق إسرائيل في بناء دولة مستقلة.
وأكد الكاتب أن المملكة العربية السعودية شهدت، منذ سنة 2015، جملة من التغييرات وفق نسق مذهل بعد أن كانت محكومة من ثلة من الأمراء الطاعنين في السن، الذين أصبحوا عاجزين عن الاستجابة للتحديات التي تواجه المملكة.
ومنذ توسع صلاحيات ابن سلمان، تغير الوضع تماما. فعلى الرغم من أن بعض القرارات الرامية للإصلاح تبدو متسرعة بعض الشيء، إلا أنها ترمي في المجمل إلى الحد من النفوذ الإيراني وبناء اقتصاد لا يعتمد بصفة كلية على النفط.
وأشار الكاتب إلى أن ولي العهد السعودي لا يزال يعمل على تكريس الدور الريادي لبلاده في العالم العربي. فمنذ سنة 1970، أصبحت السعودية أقوى دولة عربية بفضل ثورتها النفطية مقابل تراجع نفوذ مصر على الصعيد العربي.
وأضاف الكاتب أن نسق التنمية في السعودية يشكو من البطء نظرا للضعف الذي تعاني منه على المستوى العسكري، إلى جانب المماطلة في اتخاذ القرارات، خاصة أن إصدارها يتطلب توافقا بين مختلف الأمراء، الذين يحتاجون لأشهر من أجل الاتفاق على قرار ما.
وخلال سنة 2015، تحصل ابن سلمان على تفويض من والده الملك، سلمان بن عبد العزيز، يخوله الإشراف على دواليب الدولة.
وأورد الكاتب أن الرياض اتخذت قرارات طائشة بهدف الحد من النفوذ الإيراني في منطقة الشرق الأوسط. ففي شهر آذار/ مارس سنة 2015، شنت السعودية بالشراكة مع الإمارات العربية المتحدة في الأراضي اليمنية حربا على الحوثيين، حلفاء إيران، من أجل إعادة حكومة الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، إلى السلطة.
وأفاد الكاتب بأن المملكة العربية السعودية تأمل في حربها ضد الحوثيين في الحصول على دعم الإدارة الأمريكية، التي تكنّ بدورها العداء لإيران. وفي حواره مع صحيفة "أتلانتك"، أكد ابن سلمان أن بلاده ترحب بكل دعم يرمي إلى احتواء النفوذ الإيراني.
ابن سلمان والاقتصاد
وذكر الكاتب أن ابن سلمان لا يريد الظهور في ثوب أمير حرب فحسب، بل يسعى كذلك إلى أن يكون رائدا في مجال الإصلاح الاقتصادي. وعموما، تعد الإصلاحات الاقتصادية ضرورية حتى تحتل المملكة موقعا رياديا في العالم العربي وحتى تتمكن من الصمود في وجه إيران.
وتابع الكاتب بأن الاقتصاد السعودي مرتبط بتصدير النفط، الذي يشكل 90 في المئة من موارد الدولة.
وخلال السنوات الأخيرة، كشف تذبذب أسعار النفط عن مدى هشاشة الاقتصاد السعودي. لهذا السبب، أطلق ابن سلمان في شهر حزيران/ يونيو سنة 2016 مشروع "رؤية 2030"، الذي يهدف إلى تشجيع الاستثمار في القطاع الخاص وتنويع الموارد المالية للدولة، إلى جانب خلق مواطن الشغل للشعب السعودي.
وبين الكاتب أن مشروع "رؤية 2030" يقوم بالأساس على خصخصة جزء من شركة "أرامكو" النفطية وعلى ضخ الإيرادات المتوقعة في صندوق الاستثمارات العامة. علاوة على ذلك، يتم استغلال نصف هذه الإيرادات في الاستثمارات الخارجية، فيما يتم صرف النصف المتبقي في إعادة الهيكلة الصناعية وتشجيع القطاع الخاص.
اقرأ أيضا: "أرامكو" توقع اتفاقيات بـ10 مليارات دولار مع شركات أمريكية
علاقته بالإخوان
وأبرز الكاتب أن برنامج هذا المشروع الإصلاحي يكشف عن مدى تأثر محمد بن سلمان بالإمارات العربية المتحدة، التي استغلت عائداتها النفطية من أجل جهاز أبوظبي للاستثمار. من جهة أخرى، يقتدي ابن سلمان بالنموذج الإماراتي في المجال السياسي، حيث يشترك مع أبوظبي في عداء تنظيم الإخوان المسلمين.
وذكر الكاتب أن "ولي العهد السعودي أقدم خلال الأشهر الأخيرة على اعتقال كل رجال الدين المنتمين لهذا التنظيم. فضلا عن ذلك، ساءت علاقات المملكة العربية السعودية مع كل من قطر وتركيا، اللتين تدعمان الإخوان"، وفق قوله.
اقرأ أيضا: ابن سلمان لـ"تايم": الإخوان أخطر من تنظيمي الدولة والقاعدة
في الأثناء، أقدمت الحكومة السعودية على اعتقال كل شخص يعارض النهج الإصلاحي لابن سلمان، وذلك بعد أن كان نقد الحكومة أمرا ممكنا ما لم يمس من الثوابت الدينية أو من العائلة الحاكمة.
وفي الختام، أورد الكاتب أن ترحيب الغرب بهامش الحريات، التي منحت للمرأة السعودية، حجب أنظار العالم عن حقيقة الطابع الاستبدادي للنظام السعودي. ومن الواضح أن الطبقة المعارضة أكبر ضحية للنهج الإصلاحي لولي العهد السعودي.