هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قال مستشرق إسرائيلي إن الأردن يعيش على صفيح ساخن في ظل وجود سلسلة أزمات داخلية متلاحقة، ما يجعل الأمور قابلة للانفجار.
وأوضح مردخاي كيدار في مقاله بموقع ميدا، وترجمته "عربي21" أن الوضع الاقتصادي المتدهور في المملكة، وملايين اللاجئين القادمين من سوريا والعراق قد يعملون على زعزعة الاستقرار، وربما يؤدي لاندلاع سلسلة احتجاجات ضد الحكومة والقصر.
وأضاف: "منذ انطلاق الثورات العربية أواخر 2010 كان السؤال الدائم: متى يصل هذا البركان للأردن؟ لكن يبدو أن الملك الأردني نجح حتى الآن في إغلاق حدود بلاده أمام أي تقدم لهذه الفوضى العارمة، لاسيما حين وصلت مؤشرات تنظيم الدولة لمدينة معان جنوب المملكة".
وأوضح كيدار، وهو ضابط سابق في جهاز الاستخبارات الإسرائيلية لمدة 25 عاما، أن الأجهزة الأمنية الأردنية المكلفة بحفظ أمن البلاد، بجانب جهات خارجية كالولايات المتحدة وإسرائيل ودول أوروبا يحافظون على أمن المملكة من أي مؤشرات عدم استقرار أمني فيها، لأن إسرائيل بالذات ترى في الأردن منطقة فاصلة بينها وبين الفوضى التي تدب في الدول المجاورة، لاسيما من جهة الشرق حيث العراق وسوريا.
ويعتبر السلام مع الأردن من وجهة نظر إسرائيلية كنزا استراتيجيا يجب الحفاظ عليه، والتغاضي نسبيا عن مطالب الأردن بوضع يده على الأوقاف الإسلامية في القدس حفاظا على مصالح أعلى وأهم، ولعل التنازل الإسرائيلي في قضايا مهمة في القدس لصالح عمان يأتي انطلاقا من قناعتها بأن أي انتزاع لسيادة أردنية ما في القدس، قد ينزع عن الملك الأردني الشرعية التي يحتاجها داخليا، ما قد يفسح المجال لحدوث اضطرابات أمنية داخلية لديه، وهو ما لا تريده إسرائيل.
وأكد كيدار، الباحث في قسم الدراسات العربية بجامعة بار إيلان، أن السنوات الأخيرة شهدت ظهور بعض المظاهرات الداخلية في الأردن، لاسيما في مناطقه الجنوبية ذات التواجد البدوي، التي لا ترى نفسها جزءا من الدولة هناك، مما قد يجعلها تدعم تنظيم الدولة، وقد عالج النظام هذه المظاهرات بهدوء، وبعيدا عن الكواليس، ما أدى لإخمادها.
لكن الشهور الأولى من العام الجاري 2018 شهدت اندلاع سلسلة مظاهرات جديدة لم نر مثلها من قبل داخل الأردن، والشعارات التي رفعت خلالها تشكل معضلة حقيقية بالنسبة للملك، ولعل الجديد في هذه المظاهرات أن المتظاهرين رفعوا هذه الشعارات، ونادوا بهذه الهتافات وهم مكشوفو الوجوه، ما يعني أنهم غير خائفين من الملك أو أجهزته الأمنية.
اقرأ أيضا: الأردن وإسرائيل.. خروج من عنق الزجاجة..أم بحث عن مصالح؟
وأكد كيدار، وهو خبير متخصص في الشؤون العربية، أن السبب الأساس في هذه المظاهرات يعود لتدهور الوضع الاقتصادي، وتراجع الدعم الخارجي للدولة، خاصة دول الخليج، ما أدى لارتفاع أسعار الحاجيات الأساسية وعلى رأسها الخبز، وفرض ضرائب جديدة على المزارعين، حيث يشكل الفلسطينيون النسبة الكبيرة منهم، وعلى السيارات المستوردة، وأسعار الكهرباء والوقود، بجانب ارتفاع معدلات البطالة، بجانب شعور أردني محلي بالغبن من توافد اللاجئين من الخارج، والمخاوف من غياب التوازن الديموغرافي.
وأضاف أن هناك قناعات محلية أردنية بأن الحكومة فاسدة، وتخضع للضغوط الخارجية للأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي، وينظر الأردنيون لمجلس النواب، الذي يفترض أن يكون ممثلا لهم، على أنه شريك مع الحكومة والعائلة المالكة.
وأشار كيدار أن شعارات المظاهرات الأخيرة باتت تتهم الملك مباشرة بالفساد والخيانة، وتطالب بمحاكمته، بل إن بعض المتظاهرين هددوا باللجوء للعنف، حتى إن بعض مسيرات تجديد الولاء للملك خرجت قبل أسابيع بأعداد متواضعة.
وتابع: "لعل القبيلة الأكبر في الأردن المسماة بني حسن، تراجع الخوف فيها، وباتوا ينادون بضرورة وقف الفساد، وآخرون طالبوا الملك بالانصراف لأنه غير جدير بقيادة البلاد، وخطورة هذا المطلب أنه يذكرنا بما نادت به الجماهير في مظاهرات الربيع العربي قبل سنوات من قبيل "ارحل"، ما أجبر مبارك على التنحي في مصر، والقذافي في ليبيا، والأسد في سوريا، رغم بقائه حتى اليوم".
وختم بالقول: "تطورات الأردن الأمنية تستدعي بالضرورة أن تضخ أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية والغربية المزيد من الكوادر والطاقات البشرية لتعقب هذه المظاهرات الحاصلة فيه، ومعرفة آخر أحداثه أولا بأول، لأن العالم لا يريد أن يصاب فجأة بحدث درامي غير مهيأ له في الأردن، كما حصل مع سقوط دول سابقة ضمن الثورات العربية الأخيرة".