هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
وصف خبراء وباحثون الهجوم الذي شنته رموز بارزة في الحركة السلفية العربية على جماعة الإخوان المسلمين بأنه هجوم ظاهره الدفاع عن الدين، إلا أن باطنه دعم الأنظمة التي مازالت تري في الإخوان ومن علي دربها، خطرا علي وجودها.
وأكدوا أن الانتقادات التي وجهها كل من الداعية السلفي الكويتي راشد مشاري العفاسي والداعية السلفي المصري ياسر برهامي ضد الإخوان وحماس ومنهجهم الفكري والحركي، لا تعكس حدة الصراع بين التيارات الإسلامية بعضها البعض، وإنما الصراع بين الأنظمة وهذه التيارات الإسلامية.
ورأى الباحث المتخصص في شؤون الحركات الإسلامية عبد الرحمن الحمادي لـ "عربي21" أن هذا الجدل بين التيارات الإسلامية له شق تنافسي تاريخي لا يمكن إنكاره، يظهر علي السطح من وقت لآخر، ويزيد في أوقات الأزمات الكبرى عندما يريد كل تيار أن ينأى بنفسه عن الصدام مع النظام، كمحاولة للتمايز.
ويشير الحمادي إلي أن جماعة الإخوان فعلت ذلك في تسعينيات القرن الماضي عندما رفضت عنف بعض الجماعات الإسلامية، وقدمت نفسها باعتبارها معتدلة، إلا أن الأخطر في الحالة الراهنة وتحديدا في الصراع بين التيارات السلفية وجماعة الإخوان، أن هناك دولا وأنظمة تنظر بخطر شديد للتيارات الإسلامية بعد الربيع العربي، وتتصدر جماعة الإخوان المشهد في مصر وتونس واليمن وليبيا.
ويلفت المتخصص في شؤون الحركات الإسلامية إلى أن الأنظمة المستبدة تعتبر التيارات الإسلامية التي تنتهج الديمقراطية، ونقيضتها التي تنتهج العنف خطرا يهدد استقرارها، وهذا هو جوهر الصراع، وبالتالي فهي لا تريد مثل هذه التيارات وإنما تريد أخري مستأنسة لا تمثل خطرا، وليس لها طموح سياسي، مثل الصوفية والسلفية المدخلية التي تنادي بتفويض ولي الأمر.
اقرأ أيضا: برهامي يتهم الإخوان بقبول الحرية الجنسية والمثلية.. وردود
ويضيف الحمادي أن مشكلة الداعية العفاسي علي سبيل المثال أن مرشد الإخوان الأسبق عمر التلمساني كان منفتحا ويسعى لنشر قيم محددة تساعد علي دمج التيارات الإسلامية لكي يتقبلها المجتمع، وهو ما أزعج بعض التيارات السلفية، وبالتالي شنوا الهجوم علي التلمساني ليس لأنه دعا لقيم قد يخالفها البعض مثل عدم تحريم الغناء، وإنما لأنه كان يسعي لفكرة الدمج التي اعتبروها خطرا علي وجودهم لأنها تذيب الفوارق بينهم.
من جهته قال الداعية الإسلامي عصام تليمة لـ "عربي21" إن حملة الانتقادات التي جرت ومازالت خلال الفترة الماضية ضد الإخوان لها العديد من الأهداف، منها أهداف محلية داخل مصر ومنها أهداف إقليمية في الوطن العربي، إلا أن تزامن هذه الانتقادات تؤكد أنها تسير ضمن حملة منظمة لتشويه الإخوان بدأت منذ نجاح ثورة 25 كانون الثاني / يناير 2011.
ويشير تليمة إلى أن ما قاله ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية وأحد أهم رموزها؛ إنما يأتي من باب المكايدة السياسية، لأنه يريد أن يعوض انهيار شعبية دعوته السلفية وحزب النور، وخاصة بعد فضيحة تأييدهم للسيسي في الانتخابات الأخيرة، بمثل هذه الانتقادات علي أمل أن يضيف ذلك لشعبية حزبه المنهارة.
ويؤكد تليمة أن حزب النور "الذي أسسته المخابرات الحربية ويحرك قياداته ضباط الأمن الوطني، يعيش علي تنفيذ الأوامر ما جعل حياته كلها تناقضات، فما كان يرفضه ويعترض عليه خلال حكم الرئيس محمد مرسي، يوافق عليه بشكل فج مع السيسي، ما يؤكد أنه كان خنجرا في ظهر الثورة المصرية والحركة الإسلامية بشكل عام".
وعن تزامن هجوم برهامي مع هجوم العفاسي، يري تليمة أن فيه تزامن المصالح، فالدعوة السلفية بمصر مرتبطة بشكل كبير بالنظام السعودي، وما قاله العفاسي كان انتقادا للإخوان وحماس بهدف دعم النظام السعودي أيضا، وهو تزامن له دلالة خاصة في ظل ما تشهده المملكة الآن من تحركات في طريق الانفتاح المجتمعي الذي كانت تعتبره السعودية وعلماؤها والسائرون في ركابها من محرمات الشرع، مثل دور السينما والاختلاط وحفلات الأغاني وقيادة المرأة للسيارة.
في سياق متصل قال أستاذ المقاصد الشرعية الدكتور وصفي عاشور أبو زيد لـ "عربي21" إن هذا الهجوم يتزامن مع الهرولة التي يعيشها العالم العربي نحو التطبيع السياسي مع إسرائيل لتحقيق مصالحهم المشتركة في المنطقة، وعلى رأسها صفقة القرن التي تحمل في طياتها تصفية القضية الفلسطينية، وكذلك الرغبة في تشويه الحركات والجماعات ذات التاريخ المناهض للمشروع الصهيوني والعلماني في المنطقة.
اقرأ أيضا: العفاسي "يخوّن" حماس ويهاجمها بشدة.. وردود عاصفة
ويشير أبو زيد إلي أن هذه الأنظمة تري في وجود هذه الحركات تهديدا لملكها، وفضحا لمخططاتها، وكشفا لخياناتها، وتعرية لانحراف عقيدة الولاء والبراء عندها، كما أنها محاولة للتغطية على فشل هؤلاء الحكام والأنظمة في قيادة بلادهم، وصرفا للأنظار عن جرائمهم وطغيانهم واستبدادهم وفسادهم السياسي وفشلهم الاقتصادي، وسقوطهم الأخلاقي الذين يريدون به تغيير هوية مجتمعاتنا العربية.