نقلت بعض التقارير الإعلامية الأمريكية الخميس الماضي، معلومات نسبتها إلى مصادر في الإدارة الأمريكية، تقول إن البيت الأبيض يدرس تخصيص مكافأة للسعودية، في حال وافقت الأخيرة على إرسال قوات إلى
سوريا.
ونشرت شبكة "سي أن أن" بعض التفاصيل عن الموضوع، مشيرة إلى أن مجلس الأمن القومي يبحث منح الرياض صفة "حليف رئيسي خارج الناتو"، مقابل تشكيلها حلفا عسكريا عربيا، يحل محل القوات الأمريكية في سوريا، إضافة إلى توفير التمويل الضروري لتنفيذ خطة واشنطن في المنطقة.
العرض بمثابة تحصيل حاصل، لا شيء جديد فيه، فهذه الصفة لن تقدّم ولن تؤخر في العلاقات الأمريكية-
السعودية، لكن على كل حال، إذا ما صح مثل هذا العرض، فهو دليل إضافي على أن الجهود الأولية للإدارة الأمريكية لتشكيل قوات عربية التي كانت صحيفة "وول ستريت جورنال" قد أشارت إليها، لم تأت بالنتيجة المطلوبة أو المأمولة.
وذلك بالرغم من تصريحات وزير الخارجية السعودية عادل الجبير الذي كان قد عقّب على هذا المقترح بالقول إن المملكة عرضت -في السابق- إرسال "قوات من التحالف الإسلامي ضد الإرهاب إلى سوريا"، مشيرا إلى أن السعودية مستعدة للمشاركة في تحالف كهذا إذا عرض عليها الأمر.
تعقيب الجبير ليس ضمانة بمشاركة قوات سعودية، ذلك أنه ربط مشاركة بلاده بقوة من هذا النوع بمشاركة تحالف إسلامي.
ومن البديهي القول إن المملكة لا تملك أن تفرض على الدول العربية والإسلامية أن تدخل بأي تحالفات خدمة لترمب أو للعلاقات الأمريكية- السعودية.
فضلا عن ذلك، فإن قوات إسلامية تعني بالضرورة مشاركة بعض القوات من بلدان غير عربية مثل تركيا، أو باكستان، أو ربما بعض الدول الإسلامية من شرق آسيا.
حديث الجبير عن قوات إسلامية يبدو منطقيا، فالدول العربية لا تحظى بقدرات عسكرية عالية، بعضها يمتلك العنصر البشري مثل مصر والسودان، لكن أغلبها يفتقد إلى الكفاءة القتالية بما في ذلك القوات السعودية والقوات الإماراتية، ولذلك تعتمد الأخيرة بشكل شبه كلي تقريبا على سلاح الجو، الذي لا يحظى بدور أساسي في المهمة التي يريدها ترمب لهذه القوات في سوريا.
في المقابل، فإن علاقات معظم البلدان غير العربية التي يفترض بها أن تساهم في أي قوة إسلامية لاسيما تركيا وباكستان غير جيدة مع واشنطن حاليا، فضلا عن وعي أنقرة وإسلام أباد بمدى عشوائية الموقف السعودي وارتباطه إلى حد كبير بموقف ترمب مؤخرا، ما سيدفع هذه البلدان للتفكير ألف مرة قبل أن تقوم المملكة بمحاولة إقناعها بالمشاركة في مثل هذه القوة. ولا أعتقد أن مثل هذه الدول ستشارك إلا إذا كان مثل هذا الدور سيخدم المصالح الاستراتيجية لها في نهاية المطاف.
وفي السياق ذاته، هناك تفاصيل أخرى تبدو غير ناضجة بعد، فعلى أي أساس سيتم المشاركة في القوات التي تريدها واشنطن؟ وفي أي منطقة جغرافية من سوريا؟ وما هو الهدف التكتيكي فضلا عن الاستراتيجي من بقاء القوات هناك؟ ومصلحة من ستخدم بشكل أساسي؟
وهل سيكون هدفها حماية الميليشيات الكردية أو حماية نظام
الأسد من إعادة انبعاث الجماعات المتطرفة التي كان قد خلقها، أو صد النفوذ الإيراني، أو ربما طرد مليشيات إيران من سوريا، أو تأمين حدود سوريا مع العراق أو الأردن أو إسرائيل؟
حتى الآن لا أجوبة على هذا التساؤلات، وإذا لم يكن هناك قوات إسلامية في سوريا، فلن يكون هناك قوات سعودية وإماراتية، إلا إذا استعاضت الأخيرة عن جنودها بجنود مرتزقة من الشركات الأمريكية أو الدولية.
عدا عن ذلك، فإن الفكرة ستظل تدور في الفراغ إلا إذا كان الهدف من إثارتها من الإدارة الأمريكية بين الفينة والأخرى، الحصول على أكبر قدر مستطاع من الأموال من الدول الخليجية للإبقاء على القوات الأمريكية في سوريا.