هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
سادت حالة من التفاؤل في الأوساط الاقتصادية التركية بعد قرار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالموافقة على إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة في البلاد يوم 24 يونيو/ حزيران 2018 بدلا من نوفمبر/ تشرين الثاني 2019.
وقال خبراء ومحللون اقتصاديون لـ "عربي21"، إن تبكير قرار الانتخابات في تركيا خطوة إيجابية ستنعكس بالإيجاب على الوضع الاقتصادي في البلاد، مؤكدين أن هذه الخطوة ستساعد الاقتصاد التركي في تجاوز الكثير من التحديات التي كانت تواجهه بسبب ضبابية المشهد السياسي.
ودعا الرئيس التركي يوم الأربعاء الماضي، إلى إجراء انتخابات مبكرة في 24 يونيو/ حزيران المقبل بعد اجتماع مع زعيم حزب الحركة القومية المعارض دولت بهجلي، على خلفية طلب الأخير إجراء انتخابات مبكرة في الـ 26 أغسطس/آب المقبل، الموافق لذكرى معركة ملاذكرد عام 1071، التي دحر فيها الأتراك السلجوق قوات الإمبراطورية البيزنطية وأسروا الإمبراطور رومانوس الرابع، لتلقين أعداء تركيا درسا، بحسب تعبير بهجلي.
اقرأ أيضا: أردوغان يعلن انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة في حزيران القادم
تحييد العوائق
وفي تصريحات له اليوم السبت، أكد أردوغان خلال كلمته باجتماع مجلس العلاقات الخارجية التركية، أن هدف حكومته في المرحلة القادمة الوصول بالبلاد إلى دخل قومي بمستوى تريليوني دولار، وتجارة خارجية بحجم تريليون دولار.
وقال: "من أجل الوصول إلى هدفنا المرسوم عام 2023، تنبغي مضاعفة حجم الاقتصاد إلى ضعفي الحجم الحالي". مضيفا أن "من أجل الوصول إلى هذا الهدف يجب على تركيا تجاوز عدة عوائق تقنية ونفسية".
وأشار إلى أن من يقيمون الاقتصاد التركي من داخل البلاد وخارجها، يرون ضرورة تحييد العوائق الخارجية التي توضع أمام الاقتصاد من جهة، وفتح آفاق جديدة في مجال التكنولوجيا ورأس المال من جهة ثانية، وعلى رأسها الاستثمارات، في مجال التكنولوجيا الفائقة.
واستعرض أردوغان خلال كلمته أبرز المشاريع العملاقة التي دشنتها بغية الوصول إلى أهدافها عام 2023، منها مفاعل "آق قويو" النووي بولاية مرسين (جنوب) ومشاريع الطاقة المتجددة، ومشروع السيارة المحلية ومشاريع الصناعات الدفاعية.
وأشار أردوغان إلى أهمية الاستثمار في تركيا، قائلا: "لا يوجد مستثمر استثمر أمواله في تركيا وندم على ذلك"، مؤكدا وجود تسهيلات تقدمها الدولة التركية، للمستثمرين ورجال الأعمال من أجل الاستثمار.
اقرأ أيضا: توقعات بتأثير إيجابي للانتخابات المبكرة على الاقتصاد التركي
ضبابية المشهد
ومن ناحيته، أكد الخبير الاقتصادي أحمد مصبح، أن التبكير بالانتخابات الرئاسية يحمل رسالة إيجابية نحو الاتجاه نحو استقرار سياسي في تركيا يعقبه استقرار اقتصادي ودعم لاستكمال خطط التنمية الاقتصادية التي أعلنت عنها الحكومة التركية.
وقال مصبح في تصريحات لـ"عربي21"، إن تبكير الانتخابات يعطي مساحة أكبر لاستكمال تنفيذ الرؤى الاقتصادية التي وضعها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على مدار السنوات القادمة.
وأشار إلى أن استمرار ضبابية المشهد السياسي على مدار عام ونصف قادمين، إن لم يتم تبكير الانتخابات الرئاسية، كان سيشكل ثغرة حقيقية للتأثير على تركيا من مدخل الاقتصاد.
وأوضح أن العديد من الاستثمارات الأجنبية كانت تنتظر على أبواب تركيا لحين انتهاء ضبابية المشهد السياسي، مؤكدا أن تبكير الانتخابات سيساهم بشكل كبير في إزالة هذه الضبابية.
وتابع: "قرار تبكير الانتخابات الرئاسية في تركيا أعطى ثقة للمستثمر المحلي والأجنبي في اتخاذ قرارات استثمارية سريعة"، لافتا إلى أن استمرار وجود أردوغان في المشهد السياسي يعني أن المرحلة المقبلة ستكون امتدادا للمرحلة السابقة من نجاحاته الاقتصادية، بل وبشكل أقوى بقوة الدستور الجديد الذي غير نظام الحكم في تركيا إلى النظام الرئاسي.
سعر صرف الليرة
وتوقع مصبح أن يشهد سعر صرف الليرة خلال الفترة المقبلة استقرارا أمام العملات الأجنبية الأخرى، بعد فترة من عدم الاستقرار خلال الأشهر الماضية، سجلت فيها الليرة مستويات قياسية منخفضة وصلت إلى 4.19 أمام الدولار و 5.15 أمام اليورو، مرجحا أن تتراوح سعر صرف الليرة أمام الدولار بين 3.90 و4 ليرات للدولار.
اقرأ أيضا: الليرة التركية تنخفض لمستوى قياسي جديد أمام الدولار
وأردف الخبير الاقتصادي: "سعر صرف الليرة عند هذه المستويات يمنح الصادرات التركية ميزة تنافسية إضافية في الأسواق الدولية".
ورصدت "عربي21"، تحسنا ملحوظا طرأ على سعر صرف الليرة التركية، يوم الأربعاء الماضي، فور إعلان الرئيس التركي عن إجراء انتخابات مبكرة، وسجل سعر صرف الليرة ارتفاعا بنحو 10 قروش أمام الدولار في أقل من ساعتين بعد موافقة أردوغان على طلب تبكير الانتخابات.
إصلاحات الجيل الثاني
وقال نائب رئيس الوزراء التركي، محمد شيمشك، في كلمة له أمام عدد من رجال الأعمال الأمريكيين وقادة المجتمع المدني، في العاصمة الأمريكية واشنطن التي يزورها لحضور "اجتماعات الربيع" لصندوق النقد والبنك الدوليين، إن تبكير موعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية في تركيا سينعكس بالفائدة على اقتصاد البلاد.
وأضاف: "تبكير الانتخابات سيتيح التفرغ بشكل أسرع بعد الانتخابات للتركيز على الإصلاحات الاقتصادية من الجيل الثاني والثالث، وبدء فترة جديدة مدتها 5 سنوات".
اقرأ أيضا: الحكومة التركية: الانتخابات المبكرة تفشل المؤامرات ضد تركيا
واعتبر المحلل المالي، أحمد سمير، أن هبوط سعر صرف الليرة إلى مستويات تاريخية، وعدم استقرار سعر صرف العملة المحلية أمام العملات الأجنبية لعدة أشهر متواصلة، كان أحد الدوافع الرئيسية في التبكير بالانتخابات.
وقال سمير في تصريحات لـ"عربي21"، إن التدهور غير المبرر لسعر صرف الليرة التركية أمام العملات الأجنبية، على الرغم من تحسن مؤشرات اقتصاد البلاد وزيادة معدلات النمو، عزز من مخاوف المسؤولين الأتراك بوجود مؤامرة تستهدف الدولة التركية عن طريق ضرب الليرة".
وأوضح المحلل المالي أن التبكير بالانتخابات سيقطع الطريق على المتربصين بالاقتصاد التركي، وسيزيل الشكوك من نفوس المواطنين والمستثمرين، لافتا إلى أن الاستقرار السياسي للنظام الحاكم في تركيا سيقلل بشكل كبير من عوامل التناقض في النظام السياسي بالبلاد، وسيمنح المستثمرين ثقة أكبر في الاقتصاد التركي".