هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشر موقع "الإنترسبت" الأمريكي تقريرا تحدث فيه عن القرار الذي أصدره القاضي الإيطالي، إيمانويل تشيرسوسيمو، والذي أمر فيه باحتجاز سفينة "يوفنتا" التابعة لمنظمة "أنقذوا الشباب" غير الربحية التي مقرها برلين.
ويأتي هذا الاحتجاز عقب توجيه عدة مصالح حكومية أصابع الاتهام نحو طاقم السفينة على خلفية امتلاكهم لقنوات تواصل مع المهربين في شمال أفريقيا، فضلا عن اعتمادهم على العمل الإنساني كواجهة لتهريب البشر.
وقال الموقع في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن سفينة "يوفنتا" كانت محل تحقيقات جهات قضائية وأمنية محلية في مدينة تراباني الإيطالية، ويرجع ذلك إلى مشاركاتها المتكررة في إنقاذ المهاجرين القادمين من شمال أفريقيا قبالة السواحل الإيطالية للبحر الأبيض المتوسط. ومن أجل تبين حقيقة توجهات منظمة الإغاثة الألمانية، عمدت أجهزة الدولة الإيطالية إلى تكليف المحققين للنظر في نشاط سفينة "يوفنتينا" بشكل سري.
اقرأ أيضا: إيطاليا تطارد شبكات تهريب البشر من المغرب
وأسفرت هذه التحقيقات عن أدلة كثيرة تدين طاقم السفينة وتلصق بهم عدة تهم على غرار سوء استغلال اسم المنظمة غير الحكومية والضلوع في تهريب البشر. والجدير بالذكر أن الأدلة التي أشرفت السلطات الإيطالية على جمعها كانت بمثابة تسجيلات صوتية لمكالمات القبطان مع ما يبدو أنهم مهربو بشر، بالإضافة إلى وثائق تفيد بوجود عمليات تنسيق بين الطاقم وبعض المهربين الليبيين.
ونوه الموقع بطعن شركة "فورينسك أركيتكت" في صحة هذه الأدلة التي تم جمعها بواسطة دس مخبر في طاقم السفينة لزرع أجهزة تنصت في غرفة القيادة. وعموما، دعمت منظمة الأبحاث البريطانية مزاعمها التي تحوم حول تلفيق الجهات الإيطالية لهذه التهم حيث اعتبرت أنها تفتقر للدقة، مما دفعها لقيادة تحقيق يساعدها على دعم موقفها الذي يفيد بأنها دست بعض الأدلة داخل السفينة لكي تحد من نشاط المنظمة التي تنقذ المهاجرين غير المرغوب فيهم داخل إيطاليا.
وأوضح الموقع أن هذه التهم ليست بالأمر الجديد في إيطاليا، حيث يقوم السياسيون المناهضون لظاهرة الهجرة بتوجيه التهم للمنظمات غير الحكومية التي تنشط في مجال الإغاثة. وتُبنى هذه الإدعاءات في العادة على شهادات أشخاص كانوا على إطلاع على بعض الممارسات المريبة داخل أوساط منظمات الإغاثة.
وأشار الموقع إلى جدية السلط القضائية الإيطالية في تعاملها مع هذه القضية، حيث تضمن قرار الحجز الذي صدر بحق السفينة على 500 صفحة تحتوي على أدلة تخص ثلاث عمليات إغاثة قامت بها سفينة "يوفنتا". وجدت أطوار عملية الإنقاذ الأولى في العاشر من أيلول/ سبتمبر سنة 2016، فيما دارت أحداث العمليتين المتبقيتين ضمن لائحة عمليات الإغاثة المشبوهة خلال شهر يونيو/ حزيران سنة 2017.
وتطرق الموقع إلى شهادة أحد أعضاء طاقم السفينة بهدف إماطة اللثام عن ملابسات هذه القضية المتشعبة، وهو الناشط يوليان كوبرار، الذي كان على متن السفينة خلال عملية الإغاثة المشبوهة الأولى. وفي هذا الصدد، أفاد كوبرار أن ذلك اليوم كان شبيها بأي يوم عادي، وأنهم تعاونوا مع سفينة فوس هيستيا التي تديرها منظمة "أنقذوا الأطفال" العالمية، كما أنهم لم يشهدوا أي شيء مريب آنذاك.
من جهتها، دأبت السلطات التي قادت هذا الادعاء على كشف مدى تلاعب منظمات الإغاثة، إذ أفادت أن العديد من عمليات الإنقاذ كانت لقوارب تحمل نفس الأسماء، وهو ما يعد أمرا مقصودا وليس من قبيل الصدفة. نتيجة لذلك، قرر مهندسو "فورينسك أركيتكت" إنتاج محاكاة رقمية لعملية الإنقاذ لإقناع الرأي العام الإيطالي بعدم صحة هذه الاتهامات، ليتبين أن القوارب التي كانت تنقل المهاجرين الأفارقة كانت بصدد الغرق بالفعل، مما يدحض الاعتقاد الذي أفاد أن العملية برمتها مدبرة.
وأضاف الموقع وجهة نظر المحامية المكلفة بالدفاع عن منظمة "أنقذوا الشباب" الألمانية، فيوليتا مورينو لاكس، التي استغربت من عدم توجيه محكمة تراباني لأي اتهامات للأشخاص، واكتفائها بحجز السفينة فقط. وأوردت المحامية أن هذا التوجه يندمج ضمن مساعي الجهات القضائية الإيطالية لتقويض عمليات إنقاذ المهاجرين، حتى إن وصل بها الأمر إلى استغلال قانون إيطالي ضد المافيا من أجل حجز السفينة بصفة نهائية.
اقرأ أيضا: ليبيا بين مطرقة المهاجرين وسندان الانتقادات في 2017
واستطردت المحامية قائلة، إن الهدف الحقيقي وراء هذه المساعي ليس التصدي لظاهرة تهريب البشر بالأساس، لكنه ينطوي خلف توجهات ممنهجة تطمح إلى تهميش دور منظمة "أنقذوا الشباب" في البحر الأبيض المتوسط. وإن لم يكن ذلك كافيا، يعتبر دس جهاز التنصت في هيكل السفينة أمرا غير قانوني نظرا لأن المحققين كانوا يسجلون مكالمات على متن سفينة ألمانية تمخر عباب المياه الدولية.
وبين الموقع أن هذه ليست المرة الأولى التي تواجه فيها المنظمات الحكومية مشاكل مع السلط الإيطالية، حيث سبق لقاض في مدينة صقلية أن أصدر قرارا بحجز سفينة "أوبن آرمز" الإسبانية بعد مخالفتها لأمر مباشر من خفر السواحل الإيطالي والليبي ومساعدتها لبعض المهاجرين غير الشرعيين.
وتجدر الإشارة إلى أن عضوين في منظمة "بروأكاتيفا أوبن آرمز"، غير الحكومية، يخضعان للتحقيق بعد اتهامهما بالمساعدة على تهريب المهاجرين.
وفي الختام، صرح كوبرار أن المحاكم الإيطالية تستهدفهم لأنهم يعدون أهدافا سهلة بالمقارنة مع المنظمات غير الحكومية العالمية الأخرى.
كما تحدث كوبرار عن الوضع الراهن الذي يشهد انسحاب العديد من منظمات الإنقاذ بسبب المضايقات الحكومية، وقال بحسرة إن "الحكومة الإيطالية حققت ما تصبو إليه، وأعتقد أنها ستحاول إبقاء الأمر على هذا النحو".