هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تراجع تصنيف الجيش المصري على موقع "غلوبال فاير باور" الأمريكي، المتخصص في تصنيف الجيوش في العالم وسجل الرقم 12 من بين أقوى جيوش العالم متراجعا بذلك درجتين، في الوقت الذي كان يأمل فيه أن يسجل تقدما، بعد تزويد أفرع القوات المسلحة بكميات كبيرة من الأسلحة والمعدات والذخائر تراوحت ما بين غواصات وطائرات ومروحيات.
وكانت مصر تحتل المركز رقم 10 في عام 2017، بعد موجة صفقات أسلحة بمليارات الدولارات من عدة دول، واحتلت أمريكا وروسيا والصين والهند وفرنسا المراكز الخمسة الأوائل في حين احتلت بريطانيا وكوريا الشمالية واليابان وتركيا وألمانيا المراكز التالية على التوالي.
وتحولت مصر إلى أحد أكبر مشتري السلاح في العالم، خلال السنوات الخمس الماضية، وفق تقرير معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (سيبري) والمعني بمراقبة حركة بيع وشراء السلاح في العالم، واحتلت المرتبة الثالثة عالميا خلف الهند والسعودية، والثانية عربيا، بصفقات تقدر بعشرات المليارات من الدولارات من فرنسا وروسيا وألمانيا، رغم أزمتها الاقتصادية.
وتخوض مصر حملة عسكرية في شمال سيناء منذ مطلع شهر شباط/ فبراير الماضي ضد مسلحي تنظيم الدولة، أسفرت وفق أرقام الجيش الذي يعد المصدر الوحيد للمعلومات والأرقام عن مصرع مئات المسلحين، واعتقال آلاف آخرين مشتبه بهم، ومقتل وإصابة عشرات الجنود والضباط المصريين.
قوة الجيش من قوة الدولة
وقال عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس الشعب السابق، أسامة سليمان، لـ"عربي21"، إن "تراجع مصر في ترتيب الجيوش يجعلها مرشحة للتراجع العام المقبل إذا ما استمرت العوامل الرئيسية التي تسبب في تراجعها هذا العام".
وكشف أن "من بين هذه العوامل، الحالة الاقتصادية للدولة نفسها وليس للجيش، وهذا مؤشر خطير، وبالتالي يؤثر على ترتيب الجيش المصري بين جيوش العالم، فقوة الجيش وحدة لا تغني عن قوة الدولة اقتصاديا وقدرتها على خوض الحروب"، مستبعدا في الوقت نفسه أن "يكون سير العمليات العسكرية في سيناء ضد المسلحين له تأثير في تراجع الجيش المصري".
وأضاف: "الأمر الآخر، يعتمد التصنيف على الصناعات المحلية العسكرية؛ فكلما زادت قدرة الدولة على تصنيعها كلما ارتقت في التصنيف، فمثلا تركيا تصنع العديد من المعدات والذخائر في حين تعتمد مصر على الاستيراد بشكل كبير سواء للمعدات أو قطع الغيار".
اقرأ أيضا: تقرير أمريكي: مصر والجزائر في صدارة أقوى الجيوش بأفريقيا
وأشار إلى أن "هناك عوامل سلبية تؤثر أيضا على قوة الجيوش، مثل الحالة الديمقراطية، ووضع حقوق الإنسان، والعقيدة العسكرية للجيش، والتي يعد تغييرها أحد أهم التأثيرات السلبية"، لافتا إلى أن "فكرة التأرجح بين مركزين لا يعد تراجعا أو تقدما كبيرا، خاصة في ظل العوامل التي تؤثر على عمليات التصنيف، ولكن في المجمل فمصر تحتل مراكز متقدمة قبل ذلك وليس الآن".
تصنيف مغلوط
الخبير العسكري والاستراتيجي، اللواء محي الدين نوح، أكد لـ"عربي21" أن "التقرير مغلوط" ولا يعبر عن الحقيقة، ويجافي الواقع، قائلا: "بعد تحويل مصر وجهتها في تنويع مصادر أسلحتها خارج دائرة السلاح الأمريكي يجعلها عرضة للانتقادات الأمريكية التي لا ترغب في ذلك".
وأضاف أنه "من الطبيعي أن تتسلح مصر، وأن تنوع مصادر سلاحها، وتعظم من قدراتها البحرية والجوية والبرية، من أجل تقوية الجيش، وتأمين الحدود المترامية الأطراف، لذلك اشترت من فرنسا وروسيا وألمانيا، فمن الطبيعي أن يقول الموقع الأمريكي إن الجيش المصري تراجعت قوته".
وتابع: "بل بالعكس الجيش المصري تقدم وبشكل سريع؛ بدليل زيادة قوة التسليح، فكيف للموقع المذكور أن يقول إن الجيش المصري تراجع في تصنيف قوته"، وتساءل: "على أي أساس بنى الموقع تقديراته المشكوك فيها؟".
واستبعد الخبير العسكري أن يكون لذلك التراجع علاقة بالعمليات العسكرية في سيناء، قائلا: "إن حجم القوة المشاركة في شمال سيناء هو جزء صغير من القوات المسلحة التي تؤمن أكثر من أربعة آلاف كيلو متر عبارة عن حدود مع جيرانها"، مشيرا إلى أن "الدول العربية والغربية تتسابق لمشاركة مصر في تدريبات عسكرية للاستفادة من خبرات الجيش المصري".
تعقيدات المعادلة العسكرية
الصحفي المصري المقيم بالولايات المتحدة الأمريكية، مصطفى الحسيني، رأى أن "المعادلة لم تكن تخضع أبدا وفقط لمستوى التسليح وقدرة الدول على إنفاق الميزانيات الضخمة في شراء الأسلحة -ولنا في الدول الخليجية أوضح مثال- ولكن الأمر يعود في جزء كبير منه إلى منظومة متكاملة".
وأضاف في حديث لـ"عربي21"، أن "تلك المنظومة تبدأ بالعقيدة القتالية للجيوش ومدى رسوخها، ثم بالتدريب ومنهجيته، ثم الاستمرارية والاحتكاك المستمر بالمدارس العسكرية المختلفة، أو الحروب التجريبية، ثم تنتهي بالتسليح وتنوعه ومدى تطوره".
واعتبر أن "حصر الأمر واختزاله في مجرد إنفاق مليارات الدولارات للحصول على أحدث وأثمن الأسلحة هو أشبه ما يكون بوضع العربة أمام الحصان، ثم انتظارها بلا طائل عند نقطة الوصول التي لن تصلها مطلقا"، وفق قوله.