هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
وصلت إلى القاهرة، الأربعاء، بعثة صندوق النقد الدولي، في مهمة عمل تستمر أسبوعين، وتغادر مع اليوم الأول من شهر رمضان، وسط توقعات باتخاذ النظام حزمة جديدة من القرارات الاقتصادية والإجراءات التقشفية القاسية، وارتفاع جديد في أسعار الوقود والكهرباء والمياه والسجائر والأدوية، وفرض رسوم حكومية جديدة، ورفع قيمة ضرائب القيمة المضافة.
زيارات الصندوق المتتابعة، التي تتبعها ضغوط اقتصادية جديدة تثقل كاهل المصريين، دفعت البعض للتساؤل حول موعد انتهائها وحول إمكانية تحملهم الزيادات الجديدة المتوقعة بالأسعار، وحول اعتبارها مقدمة للانفجار بوجه النظام، خاصة في ظل فشل سياساته في ظل تعليمات الصندوق.
المشكلة الحقيقية
وفي تعليقه، قال أستاذ التمويل والاقتصاد بجامعة "إسطنبول صباح الدين زعيم" الدكتور أشرف دوابه، إن "زيارة الصندوق شيء طبيعي أن يتابع ما تم من إجراءات"، مؤكدا أن "له مندوبا دائما بمصر".
وأضاف لـ"عربي21": "والأمر الثاني، أن هناك قرارات ستتخذها الحكومة منها تقليل الدعم بصفة عامة، ورفع الدعم عن الوقود بشكل خاص، وتخفيض عدد الموظفين بالدولة، والقيام بالإصلاح الضريبي بتعديل الضريبة لزيادة الأرباح الضريبية"، مشيرا إلى أن هذه "الأمور مستمرة ببرنامج الإصلاح الاقتصادي؛ ومن يتحمل التبعات المواطن المصري وليس غيره، وهذه هي المشكلة الحقيقية".
خلل اجتماعي كبير
وقال الباحث الاقتصادي عبد الحافظ الصاوي، إن "بعثة صندوق النقد في زيارة دورية لمراجعة برنامج الإصلاح الاقتصادي المتفق عليه والموقع في 2016"، متوقعا أن "يكون دورها فقط التأكد من الجدول الزمني المقدم من الحكومة بالتعديلات المطلوب تطبيقها؛ حتي يتسنى صرف الشريحة المتبقية من قرض الصندوق".
الصاوي، أوضح في حديثه لـ"عربي21"، أنه "كما هو معلن من قبل الحكومة المصرية والصندوق أن أول تموز/ يوليو القادم، سيشهد مجموعة من الإجراءات المتعلقة بتخفيض الدعم وزيادة بعض الرسوم في توجيه الإنفاق العام لموازنة الدولة"، متوقعا أنها "ستحمل الفقراء أعباء جديدة ليست بمقدورهم، في ظل ثبات الأجور، بشكل يؤدي لخلل اجتماعي كبير".
وأضاف: "لكن حقيقة الأمر أنه يجب عدم التعويل كثيرا على وجود بعثة صندوق النقد أو عدمها، فالأمر أكبر من ذلك، حيث إن الاقتصاد لا يزال بعيدا عن طريق الإصلاح الحقيقي والاهتمام بالقواعد الإنتاجية كالزراعة والصناعة"، مؤكدا أن "كل ما يتم الآن هو تحسن هش في بعض المؤشرات المالية والنقدية لا يساعد على إصلاح في هيكل الناتج المحلي أو تحسين الصادرات ومستوى معيشة الأفراد".
روشتة الصندوق أمر حتمي
من جهته، أكد الباحث والمحلل الاقتصادي أحمد رمزي، أن "الصندوق لن يوجه مصر لاتخاذ حزمة من القرارات الاقتصادية الجديدة، حيث إن أغلب القرارات التي قدمها الصندوق للحكومة سبق مناقشتها والاتفاق عليها مسبقا".
رمزي، أضاف لـ"عربي21": "أعتقد أن هدف الزيارة الرئيسي سيكون مراجعة ما تم تنفيذه من إجراءات، وانعكاسها على المؤشرات الاقتصادية الكلية للاقتصاد المصري، وبناء على ذلك يمكن أن يتم منح الشريحة الرابعة بقيمة ملياري دولار، ليصل إجمالي ما حصلت عليه مصر 8 مليارات دولار من إجمالي برنامج القرض البالغ 12 مليار دولار".
وحول زمن انتهاء ضغوط الصندوق على المصريين، أوضح أن فكرة انتهاء ضغوط الصندوق غير مرتبطة بمدى الضغوط أو انعكاساتها، بل مرتبطة بشكل رئيسي بمدى تنفيذ الحكومة المصرية لروشتة الصندوق"، مبينا أن "تنفيذ روشتة الإصلاح من الصندوق أصبح أمرا حتميا لدى الحكومة؛ للحصول على قروض الصندوق، والاعتراف الدولي بالتقدم في الإصلاح الاقتصادي".
وعن مدى تحمل المصريين للزيادات الجديدة، وهل سيكون هذا مقدمة للانفجار؟ أجاب رمزي بأنه "يمكن فهم مدى قدرة تحمل المصريين من خلال عدة نقاط، أولها "طبيعة الشعب المصري الذي تؤكد تحمله لأصعب من هذا بكثير، فقد تحمل في حقب تاريخية مجاعات ولم ينفجر، وليست (الشدة المستنصرية) منتصف القرن الخامس الهجري ببعيد، أو المجاعة بعهد الحافظ لدين الله، أو المجاعة الأخرى بعهد الخليفة الفائز بدين الله أو سلطة العادل أبي بكر الأيوبي، وغيرها الكثير".
وأشار إلى "مدى قدرة إقناع الحكومة المصرية للشعب بأهمية روشتة الإصلاح التي سيقدمها من خلال الصندوق، وأضاف أنه "لا يوجد بالتاريخ الاقتصادي إلا نادرا، انفجار لشعب بسبب تردي أوضاع اقتصادية، بل يكون الوضع الاقتصادي عاملا مساعدا للانفجار".
رمزي، أكد أنه "لا يوجد ترد اقتصادي بمصر بالمعنى المتعارف عليه، حيث إن الاقتصاد المصري ينقسم لجانبين مهمين، وهما الرسمي وغير الرسمي، وفي الأوضاع الصعبة التي تمر على البلاد يتحمل الاقتصاد غير الرسمي، مثلما حدث في 2011 و2012، حيث تضرر الاقتصاد الرسمي، بينما كان غير الرسمي هو الداعم للدولة من الانهيار".
وأضاف: "أما في الوضع الحالي، فالعكس هو الواضح، فالاقتصاد غير الرسمي هو المتضرر جدا، بينما الاقتصاد الرسمي في تقدم ونمو، وهو ما يجعل كثيرا من أبناء الطبقة الفقيرة وغالبية الطبقة المتوسطة التي يعمل جزء كبير منها في الاقتصاد غير الرسمي بالشعور بتردي الوضع الاقتصادي، رغم أن المؤشرات الاقتصادية تشير لتحقيق معدلات نمو تجاوزت 4بالمئة".
قرارات متوقعة
من جانبه، توقع المحلل الاقتصادي، مصطفى عبد السلام، عدة قرارات بسبب توصيات الصندوق، مثل "زيادة أسعار الوقود، (بنزين 80 و92 والسولار وغاز الطهي)، وزيادة فواتير المنافع العامة، مثل الكهرباء، والمياه، والصرف الصحي، ورسوم المرور على الطرق، مع زيادة الرسوم الحكومية من تراخيص مرور، واستخراج جوازات سفر وشهادات ميلاد ووفاة وزواج وطلاق وغيرها".
وأكد عبدالسلام، عبر صفحته بـ"فيسبوك"، على "زيادة الضرائب، وضريبة القيمة المضافة، والحد من الإعفاءات الضريبية، وفرض ضرائب ورسوم على المشروعات الصغيرة والمتوسطة والمحال التجارية، وزيادة أسعار السكر والشاي والزيوت والأرز والسجائر والتبغ والدواء، وتذاكر مترو الأنفاق والقطارات وأتوبيسات النقل العام".
اقرأ أيضا: مصر تواصل الاستدانة رغم ارتفاع الاحتياطيات الأجنبية