هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
جددت الحكومة المصرية رغبتها في دمج الاقتصاد غير الرسمي (الاقتصاد الموازي) للأفراد إلى الاقتصاد الرسمي؛ من أجل الاستفادة بجزء من عائداته المالية الضخمة، خاصة أنه لا يدخل ضمن الناتج الإجمالي القومي، وليس له أي بطاقات ضريبية أو تجارية رسمية.
ويبلغ حجم الاقتصاد الموازي ما بين 40% و60% من حجم اقتصاد الدولة، وفق تقديرات رسمية، ويشتغل به ملايين المصريين، ويتجاوز حجم إنتاجه تريليوني جنيه (الدولار 17.70 جنيها)، على أقل تقدير، وفق مصادر رسمية أيضا.
وعلى هامش المؤتمر المشترك بين الحكومة المصرية وصندوق النقد الدولي، كشف رئيس الحكومة، الأحد، أن هناك جهودا كبيرة تبذل لضم الاقتصاد غير الرسمي، الذي يمثل 40% من الناتج المحلي، والاستفادة من المزايا الممنوحة للمستثمرين، دون أن يوضح طبيعة تلك المزايا والحوافز.
وتوقع خبراء ومحللون اقتصاديون أن تفشل محاولة الحكومة؛ بسبب غياب الرؤية الاقتصادية، ووضع بند "الجباية" في اعتباراتها قبل كل شيء من أجل سد عجز الموازنة ليس إلا.
نهب أموال المصريين
وقال رئيس لجنة القوى العاملة بمجلس الشعب السابق، النائب صابر أبو الفتوح، لـ"عربي21": "إنه من أجل مواجهة العجز المستمر بالموازنة العامة للدولة لجأ نظام السيسي إلى فرض الضرائب، ورفع الدعم، ومن ثم بدأ يفكر في الاستفادة من أموال الاقتصاد الموازي، والذي استطاعت فئة من الشعب الكادحة من خلاله خلق فرص عمل لهم".
وأنحى باللائمة على نظام السيسي في "تبديد أموال المساعدات، وعسكرة الاقتصاد القومي بنسبة 90%، إلا أن فشل الانقلاب في إدارة ملف الاقتصاد جعلته عاجزا أمام حجم الديون المتزايد وأعبائها، فبدأ -استجابة لشروط صندوق النقد الدولي- في بيع شركات قطاع الأعمال العام، وتسريح العمال، وزيادة البطالة".
وأضاف: "كما تم فرض رسوم ترخيص على الباعة الجائلين تصل إلى 10 آلاف جنيه في السنة الواحدة لخفض العجز في الموازنة على حساب الفقراء"، لافتا إلى أنه "في الحقيقة لن يستطيع بسبب انخفاض الإنتاج وهروب المستثمرين، وبيئة الفساد المستشرية، وتلاشي مقومات نجاح الاقتصاد".
وتوقع فشل كل الجهود في إطار ضم الاقتصاد الموازي "بسبب فشل النظام في إدارة ملف الاقتصاد، وتسببه في ضياع أموال المصريين في حفر قناة السويس، وانهيار زراعة القطن والأرز والقصب، وإغلاق آلاف المصانع، وتوقف صناعات كثيفة العمالة ".
حكومة فاشلة
وعدد المستشار الاقتصادي للمجموعة الدولية وإدارة المراكز التجارية، أحمد خزيم، أسباب اهتمام الحكومة بملف الاقتصاد الموازي "أولا: إخفاق الحكومة في زيادة حجم الناتج القومي، وسيحقق للحكومة الفاشلة هدفها في زيادة الناتج القومي، ثانيا: زيادة حجم القروض لـ 110% من الناتج القومي، ثالثا: تحصيل رسوم وضرائب جديدة"، مشيرا إلى أن "حجم الاقتصاد الموازي هو تريليونان ومائتا مليار جنيه، ويحرم الدولة من ضرائب تُقدر بنحو 130 مليار".
وأضاف لـ"عربي21" "أن عملية الدمج لا بد فيها من الآتي، أولا: خلق قاعدة بيانات دون أي رسوم لمدة عام؛ لأن هؤلاء لا يثقون في نوابا الحكومة، ثانيا: فرض رسوم رمزية لمدة عام للتأمينات والضرائب بدلا من البحث لهم عن برامج تأمينية واجتماعية غير مجدية مثل شهادة أمان وتكافل وكرامة، ثالثا: استخدام الحصيلة لعمل مناطق تنمية حتى تشعر تلك الطبقة أنها استفادت من الدخول في المنظومة الاقتصادية وليس استخدامها في (مفركة الموازنة العامة)، وفي السنة الرابعة ستحقق الدولة مائة مليار".
اقرأ أيضا: أربع عقبات تهدد معدلات نمو اقتصاد مصر.. تعرف عليها
وتوقع فشل الحكومة في مسعاها، قائلا: "لن تنجح في دمج الاقتصاد الموازي وإلا لكانت نجحت في السنة الأخيرة من برنامج صندوق النقد الدولي في السيطرة على عجز الموازنة المرتفع، أو القروض وخدمة الدين التي وصلت لـ 520 مليار جنيه، وأضاعت الطبقة الوسطى"، مشيرا إلى أن "كل إجراءات الحكومة الحالية الاقتصادية وراء الفشل الاقتصادي الذي نعاني منه".
اقتصاد غير مستغل
وأرجع أستاذ التنمية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، مصطفى كامل السيد، فتح الحكومة لملف الاقتصاد الموازي إلى "رغبتها في تحصيل الضرائب"، قائلا: "الحكومة تريد الحصول على ضرائب، ولا أظن أن هناك أسبابا أخرى، حتى وإن ذهبت (الحكومة) بالقول إلى أنها تريد توفير حماية أو مظلة اجتماعية للعاملين".
وأوضح لـ"عربي21" أن "الاقتصاد غير الرسمي يضم عددا كبيرا من المصريين، ويوفر لبعضهم دخولا جيدة، ويشمل أنشطة اقتصادية متنوعة، بما فيهم الباعة الجائلون، ويوفر فرص عمل كثيرة، ويساهم في حل مشكلات البطالة والسكن والنقل، وبالتالي على الحكومة أن تساعد أولا هذا القطاع وتوفر له الحماية، وبعد أن ينمو سيتحول إلى القطاع الرسمي".
وبين أن "السبيل الأمثل لدمج الاقتصاد غير الرسمي هو مساعدته من خلال توفير تمويل مادي، وهو ما دعا له الاقتصادي الدولي والمتخصص في الاقتصاد غير الرسمي رناندو دو سوتو الذي استقدمته الحكومة قبل 3 سنوات، للاستفادة من خبرته، وما يملكه العاملون يمكن أن يُستخدم كضمان للتمويل، وهي قروض محدودة لمحدودية أنشطة عدد كبير من هذا القطاع".