هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقالا لمديرة الأمن القومي السابقة في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، سوزان رايس، انتقدت فيه قرار الرئيس دونالد ترامب الخروج من الاتفاقية النووية.
وتصف رايس في مقالها، الذي ترجمته "عربي21"، قرار ترامب بالمتهور، وبأنه لن يجبر إيران على العودة إلى طاولة المفاوضات، ولن يعالج مظاهر القلق من تصرفات إيران في الشرق الأوسط، بل سيترك المشروع النووي دون رقابة في ظل أمريكا معزولة في المنطقة وحلفاء أقل أمنا.
وتقول الكاتبة إن الاتفاقية النووية عملت على النحو المطلوب، بحسب مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومسؤولي الاستخبارات الأمريكية ومستشاري مجلس الأمن القومي، والتزمت إيران بنبودها، وجمدت نسبة 97% من تخصيب اليورانيوم ومنشآتها التي تنتج البلوتونيوم.
وتؤكد رايس أن "الاتفاقية لم تكن مبنية أبدا على الثقة، لكن على التأكد الصارم من عدم استمرار المشروع النووي، وها هو ترامب يتخلى عن الأخلاقية العليا، ويحرر يد إيران من القيود التي فرضت عليها كلها؛ لأنها ستكون قادرة على استئناف نشاطاتها النووية، دون أن تتهم بخرق بنود الاتفاق، وبدلا من ذلك فإن أمريكا هي من خرقت الاتفاقية ومن طرف واحد".
وتشير الكاتبة إلى "عدم احترام ترامب الحلفاء الأوروبيين، الذين عملوا ولشهور على محاولة ردعه عن التخلي عن الاتفاقية، وبدلا من التوصل إلى تفاهم مع هذه الدول، فإنه قال لها: (اغربي عن وجهي)، وها هو يهددها بفرض عقوبات مشددة على الشركات الأوروبية التي تتعامل مع إيران، ومن هنا فإن النتائج الاقتصادية والسياسية للقرار على العلاقات مع الدول الأوروبية ستكون بعيدة المدى".
وترى رايس أن "الثمن على القيادة الأمريكية العالمية سيكون باهظا، فعندما تتخلى أمريكا عن القوانين الدولية دون مبرر فهي تقوم بتقويض المفاهيم الدولية عن مصداقيتها ومسؤوليتها، وهذا بالفعل ما فعلته أمريكا مع اتفاقية باريس للمناخ واتفاقية شراكة دول الباسيفيك".
وتستدرك الكاتبة بأن "خرق الاتفاقية مع إيران هو الأخطر، وقد تظل إيران في الاتفاقية طالما قدمت لها الدول الموقعة عليها ضمانات اقتصادية واستثمارية، وقد تعاود مشاريعها النووية -إما تدريجيا أو بشكل متسارع- وربما خرجت من معاهدة الحد من انتشار السلاح النووي".
وتلفت رايس إلى أن "الاتفاقية لم تكن عن تصرفات إيران في الشرق الأوسط، بل كانت جيدة؛ لأنها حدت من سلوكها الخبيث، وبالخروج من المعاهدة فإن أمريكا أضعفت قدرتها على معالجة التحديات التي تشكلها في المنطقة".
وتجد الكاتبة أن "المخاطر هي في محاولة دول أخرى، مثل السعودية، الحصول على قدرات نووية للتساوي مع إيران، وفي الوقت ذاته سيجد معسكر الرئيس حسن روحاني نفسه معزولا أمام قوة المعسكر المتشدد، الذي لم يحب هذه الاتفاقية من البداية".
وتبين رايس أنه "في ضوء خروج ترامب من الاتفاقية، فإن موقع الصين وروسيا سيزداد قوة، وستزيد إسرائيل من تسخين الجبهة والمسارعة للحرب مع إيران، وستجر أمريكا معها، وفي ظل أي سيناريو فلن تكون أمريكا آمنة، وفي أسوأ الحالات فقد نواجه خيار الذهاب للحرب أو الرضا بإيران نووية".
وتقول الكاتبة إن "ترامب كاره لكل إنجاز قام به سلفه، الأمر الذي دفعه لتدمير الاتفاقية التي خدمت مصالح الأمريكيين، وحصلت على دعم حتى من نقادها، وخرج الرئيس من الصفقة الإيرانية بسبب الحقد والغطرسة، لا بسبب وجود بديل أفضل، ويؤكد أن زيادة الضغوط على إيران ستدفعها للموافقة على اتفاقية جديدة، ولا يقول هذا الكلام إلا شخص لا يعرف شيئا عن إيران، وبأنها ستوافق على دفع ثمن شيء وعدت به قبل 3 سنوات".
وتذهب رايس إلى القول: "لو ظن ترامب أنه يرسل بقراره رسالة لكوريا الشمالية فهو مخطئ، بل على العكس فإنه يظهر لعدو أكثر قوة وتسليحا قبل المفاوضات، أنه لا يمكن الوثوق في أمريكا، بل إنه قدم دليلا على أن أي اتفاق توقعه أمريكا يمكن التخلي عنه؛ نتيجة لأهواء هذا الرئيس أو ذاك، ويشك حلفاؤنا، بمن فيهم كوريا الجنوبية واليابان، في مصداقية أمريكا، في الوقت التي تحتاج فيه إلى إرادة جمعية، فما الذي سيدفع كيم اونغ- أون على الموافقة على اتفاقية وقد أظهر الرئيس أنه يتخلى عن اتفاقية وقعها رئيس قبله؟".
وتختم الكاتبة مقالها بالقول إن "الرئيس قام باتخاذ أكثر القرارات حماقة، وذات الأثر على الأمن القومي، وما سيحدث بعد ذلك غير معروف، لكننا سنواجه وضعا أسوأ من الذي نواجهه اليوم، وعندما يحصل الضرر سيتصرف ترامب بطريقته المعروفة ويلوم كل طرف: المعارضين له وسلفه والأوروبيين والإيرانيين، مع أن الشخص المسؤول معروف، وهو الرئيس ترامب، القائد الأعلى للهدم".