تسبب
تعويم الجنيه المصري مقابل الدولار وتحرير سوق الصرف في تغيير العادات الغذائية والاستهلاكية خلال شهر رمضان والذي كان يحرك المياه الراكدة في أسواق التجزئة، لكن اختلف الوضع تماماً خلال شهر رمضان المقبل.
ومنذ أعلن البنك المركزي المصري في الثالث من تشرين الثاني/ نوفمبر من عام 2016 تحرير سعر صرف الجنيه، تغيرت عادات المصريين وأصبحوا أقدر على ترشيد عاداتهم الشرائية.
وإذا كان هذا واضحا في الأشهر العادية، فإنه بلا شك يكون أكثر وضوحا في شهر رمضان، حيث عادة ما يزداد الطلب على منتجات الألبان والدقيق والسكر والزيوت والسمن، فضلا عن تبادل العائلات الدعوات للعزائم وما يشكله هذا من عبء مالي إضافي.
ومع أن قرار التعويم كان متوقعا من أجل معالجة نزيف الاحتياطات الأجنبية الذي كانت تعانيه البلاد، فإن ما تسبب فيه التعويم من فقدان الجنيه لنحو نصف قيمته أمام الدولار لم يكن متوقعا.
ورغم مرور 19 شهرا على التعويم لا يزال سعر صرف الدولار حاليا يراوح بين 17 و18 جنيها للدولار الواحد مقابل نحو تسعة جنيهات قبل التعويم.
وكشفت شعبة العطارين في الغرفة التجارية المصرية أخيرا أن استيراد الياميش هذا العام تراجع بنسبة 40 في المئة، مرجعة ذلك إلى تخوف التجار من التراجع الكبير في معدلات الاستهلاك.
ورغم أن أسعار الياميش "المكسرات والفواكه المجففة التي يتم استخدامها على موائد الإفطار في رمضان وتستورد مصر معظمها من الخارج" لم ترتفع مقارنة بالعام الماضي إلا بنسبة تراوح بين 10 و15 في المئة، فإنه يبدو أن معدلات الشراء تراجعت بصورة أكبر بكثير.
ولجأ تجار إلى تقليل أحجام بعض العبوات لعدة منتجات للبيع بسعر أقل من أجل تحريك السوق، خاصة أن بعض الأسر أصبحت تكتفي بأقل القليل حتى لا تقطع عاداتها الاستهلاكية بصورة كاملة.
وتقول إيمان "28 عاما": "إن التعويم لم يُعلّم المصريين فقط ثقافة الترشيد، إنما أيضا ثقافة الاستغناء.. فأنا أقف أمام سلعة في المتجر وأقول لها كم كنت أحبك ولكن سعرك ارتفع بصورة كبيرة، ثم أمضي في طريقي".
وأخذت ربات البيوت على عاتقهن مهمة توفير بدائل لبعض السلع الغذائية التي ارتفعت أسعارها بصورة كبيرة، وتؤكد هناء "35 عاما": "لقد أصبحت ماهرة في صنع الزبادي والكيك والفول واللحوم المصنعة كاللانشون والشيكولاتة السائلة.. وبعدما كان أطفالي يعشقون منتجات بعينها، أصبحوا يعشقون منتجاتي أنا".
وتضيف: "عندما كنت أذهب إلى المتجر الكبير، كنت أتوجه إلى منتجات شركات بعينها، لكن بعد التعويم أصبحت أتوجه إلى المنتجات الأفضل سعرا حتى إن تخليت في سبيل ذلك عن مستوى الجودة الذي كنت أرى أنه الأفضل".
وتقول أميرة "45 عاما": "إذا ما جربت طبخة جديدة أو سلعة لم أكن قد استخدمتها من قبل وأعجبتني أو إذا كان هناك محل يقدم خصومات، أخبر أقاربي وأصدقائي. وكذلك يفعلون هم. إننا نتبادل الخبرات.. أحيانا عندما أجد خصومات كبيرة في المتاجر على سلع بعينها أشتري لأخواتي وصديقاتي. هذه أمور فرضها الوضع الجديد".
أما دعاء "31 عاما"، التي تعيش في إحدى قرى محافظة القليوبية، فترى أن عادة تخزين المنتجات الغذائية لم تعد كما كانت، وتوضح: "كنا نشتري الأرز والمكرونة والسكر بالأجولة، وكنا لا ننتبه كثيرا لكمية الطعام التي نعدها، لأنه كانت هناك دائما طيور على سطح المنزل تأكل ما يتبقى من طعام. لكن الوضع الآن تغير كثيرا. أصبحنا نشتري الاحتياجات بكميات أصغر، ونعد من الطعام ما يكفي".