توقفت الصحافة
الإسرائيلية عند أحداث مسيرات العودة الفلسطينية على حدود قطاع
غزة يوم أمس
الاثنين 14 أيار/مايو، وبحث مآلاتها الميدانية والعسكرية وقدمت قراءة لمستقبل
المواجهة مع الفلسطينيين في ضوء ما جرى أمس من
مجزرة بحق أكثر من 3 آلاف شهيد
وجريح.
وذكر يوآف ليمور
الخبير العسكري في صحيفة "إسرائيل اليوم" أن "ما يحدث في غزة يحمل
معه رياحا من التصعيد، وبات القطاع على شفا الانفجار الحقيقي، وإسرائيل تترقب موجة
جديدة من المواجهات، وهي ترى أنه يصعب تجاهل أن حقيقة الوضع في القطاع يقترب مع
مرور الوقت من الانفجار الكامل، بما في ذلك انهيار المؤسسات المدنية".
وأضاف في تقرير
ترجمته "عربي21" أن "الأمر لا يحتاج قراءة تقارير أمنية لمعرفة حجم
ما وصل إليه الوضع في القطاع من تدهور وانحدار، لكن ما حصل بالأمس وما سيحصل
اليوم، قد يدفع حماس نحو رد قد يؤدي لتصعيد عسكري، رغم أنها امتنعت حتى الآن عن
الذهاب لهذه المواجهة، وبحثت في خيارات أخرى لحل المشاكل اليومية للقطاع، لكنها
كلها لم تنجح، سواء من خلال المصالحة مع الفلسطينيين، أو التقارب مع مصر، أو تحصيل
مساعدات دولية".
وأوضح أنه
"حتى المسيرات الشعبية التي وصلت ذروتها يوم أمس، استعد الجيش لها جيدا، في
ضوء زيادة عدد مواقع الاحتكاك، وقامت الطائرات بتصوير الاستعدادات لمحاولات اقتحام
بعض المناطق الحدودية، ولذلك استوعب الجيش هذه المحاولات لاجتياز الجدار الحدودي،
لكن بثمن كبير بما يزيد على ستين قتيلا وأكثر من ألفي جريح، لكن القلق الإسرائيلي
يكمن في أحداث اليوم الثلاثاء".
وأشار إلى أن
"حماس وضعت كامل مقدراتها، وأنفقت كثيرا من أموالها، لمظاهرات الأسبوع
الأخير، لكن أعداد الضحايا قد يحدث نوعا من الضغط الفلسطيني الداخلي، قد يدفعها
للقيام بالتصرف حيال هذا الوضع، دون أن تملك بيديها الكثير من الحلول والإجراءات،
ولعل الخيار الوحيد أمامها سيكون المبادرة بشن حرب على إسرائيل، أملا منها بتحشيد
الرأي العام الداخلي، وبعض التأييد العربي والدولي".
وأضاف أن
"إسرائيل تدرك ذلك جيدا، وتتأهب لإمكانية ارتفاع مستوى التوتر في الجبهة
الجنوبية خلال الفترة القادمة، رغم أنها تعيش أجواء تحقيق انتصار ثلاثي الأضلاع:
ضربت إيران في الجبهة الشمالية، ونقلت السفارة الأمريكية للقدس، وحققت فوزها في
مهرجان الغناء الأوروبي الأخير".
وختم بالقول إن
"دوائر صنع القرار في تل أبيب ووزارة الحرب تستعد جيدا لما هو قادم، حتى في
المدى الزمني القصير، مما يطرح عليها أسئلة من قبيل منع مزيد من التدهور الأمني مع
غزة، خاصة بعد أن نجحت بمنع المتظاهرين من اجتياز الحدود، ورغم أن هذه أحداث
تكتيكية آنية، لكن النظرة الإستراتيجية بعيدة المدى تتطلب من إسرائيل صياغة سياسة
جديدة تجاه غزة، وعدم الاستدراج نحوها".
من جانبه قال رون
بن يشاي الخبير العسكري بصحيفة يديعوت أحرونوت إن "زيادة أعداد القتلى يوم
أمس على حدود غزة قد يجبر حماس على الذهاب لجباية ثمن من إسرائيل، سواء من خلال
إطلاق قذائف صاروخية أو دفع أحد المجموعات الصغيرة لفتح مواجهة عسكرية معها".
وأضاف في مقال
ترجمته "عربي21" أن "غضب حماس يزداد لأن الفلسطينيين في الضفة
الغربية والقدس لم يهبوا للاحتجاج للتضامن مع غزة، أو تعبيرا عن غضبهم من نقل
السفارة الأمريكية للقدس، ولم يتمكن الآلاف من اجتياز الحدود باتجاه إسرائيل، ما يضع أسئلة كبيرة حول ما يمكن تسميتها بخطة الخروج لحماس التي تجعلها تدير دفة
الأمور باتجاهها".
وأوضح أن
"مسيرات العودة لم تتوقف بعد، واليوم هناك مظاهرات مشابهة، لكن العدد الكبير
لسقوط القتلى الفلسطينيين يوم أمس كان كبيرا واستثنائيا، ما جعل الفلسطينيين
وداعميهم يتحدثون عن مجزرة، من أجل تحشيد المزيد من الدعم الدولي لصالحهم".
وأشار إلى أنه
"رغم خطورة الوضع الميداني في غزة وتدهوره، فإنه ليس بالضرورة أن تسير الأمور
نحو حرب مفتوحة، فالطرفان يعلمان خطورتها، حماس تدرك أن نتيجتها ستكون فقدان
سلطتها في القطاع، وإسرائيل تدرك أن الأوضاع في غزة ستعود أسوأ مما كانت عليه قبل
الحرب، ومع ذلك دعونا ننتظر نهاية اليوم الثاني من المسيرات، وينتهي الفلسطينيون
من تشييع جنازاتهم، ثم نرى ماذا قد يحصل؟".
من جانبه نقل يوحاي
عوفر المحلل العسكري بصحيفة مكور ريشون عن ضابط رفيع المستوى بقيادة المنطقة
الجنوبية، أخفى هويته، أن "مسيرات الأمس تشير أن حماس تعتقد أنه ليس لديها ما
تخسره، وتحاول استدعاء كل العالم لغزة، لكنها اختارت أن تركز جهدها ومقدراتها في
هذه المظاهرات الشعبية التي وصلت ذروتها يوم أمس الاثنين، دون الذهاب لخطوات أكثر
عنفا حتى الآن".
وأضاف الضابط في
تقرير ميداني ترجمته "عربي21" أن "حماس تلجأ حالياً للوسائل
التكتيكية كالمسيرات، وليس الأسلحة الاستراتيجية التي بحوزتها، ومع ذلك فإن هناك
احتمالية لاندلاع حرب قوية في غزة تتمثل بتنفيذ عملية نوعية كبيرة كخروج مسلحين من
نفق، حينها سنذهب باتجاه الحرب، رغم أن الخطوط الحمراء التي وضعتها إسرائيل واضحة
جدا أمام العدو".
وأوضح أنه "في
اللحظة التي تضغط فيها حماس على كبسة الزر لتنفيذ عملية عبر النفق، سيواجهها آخر
في إسرائيل يضغط على كبسة زر مواجهة اسمها الخروج إلى الحرب، رغم أن الحركة تدرك
ثمن أي مواجهة قادمة، لاسيما بعد حرب الخمسين يوما، ما يجعلها تركز جهودها في
المسيرات الشعبية التي لن تتوقف اليوم الثلاثاء، وإنما سترافقنا خلال الأسابيع
القادمة".