هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
في سرعة وتكتم شديدين وافق البرلمان المصري علي قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، أو ما يعرف بجرائم الإنترنت، وقد اتخذت الحكومة من لعبة الحوت الأزرق مدخلا لإقرار تشريعات من شأنها تقييد حرية التعاطي مع مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية بشكل عام.
ويعمل القانون علي مكافحة الاستخدام (غير المشروع) للحاسبات وشبكات المعلومات وتقنيات المعلومات، وما يرتبط بها من جرائم، مع مراعاة الاعتبارات الشخصية للمجنى عليهم، والاعتبارات المتعلقة بالمصلحة العامة وحماية الأمن والاقتصاد القومي.
وقد منحت المادة 19 من القانون الحق لجهات التحري والضبط المختصة، إذا رصدت مواقع تبث من داخل الجمهورية أو خارجها، وتضع عبارات أو أرقاما أو صورا أو أفلاما، أو أية مواد دعائية، أو غيرها، من شأنها تهديد الأمن القومي، أن تحرر محضرا يمكنها من الحصول على إذن قضائي بحجب الموقع أو المواقع محل البث، أو حجب بعض روابطها.
من جانبها رفضت نقابة الصحفيين المصريين التعليق علي القانون، وتهرب أكثر من عضو من أعضاء مجلس النقابة من تقديم إجابات لتساؤلات قدمتها "عربي21" على تأثير هذا القانون علي حرية النشر والإعلام، وهل تم أخذ رأي النقابة في هذه التشريعات أم لا.
وطبقا للأمين العام المساعد للمجلس الأعلى للصحافة سابقا ورئيس المركز العربي لحرية الإعلام قطب العربي، فإن قانون جرائم الإنترنت الذي أقره برلمان الانقلاب قبل أيام، يمثل حلقة جديدة في سلسلة تقييد حرية الصحافة والإعلام، والبحث عن كل السبل لمواجهة الأصوات المخالفة للانقلاب العسكري الذي شهدته مصر قبل خمسة أعوام.
ويضيف العربي لـ "عربي21" أنه حتي كتابة هذه السطور هناك أكثر من 500 موقع وصحيفة إلكترونية تم حجبها أو إغلاقها بمصر ومنها مواقع شهيرة مثل عربي21 ومصر العربية، والمصريون، والمصري اليوم، وموقع منظمة هيومن رايتس واتش، والجزيرة نت، وغيرها من المواقع والصفحات التي رأي نظام السيسي أنها تمثل خطرا عليه.
ويشير العربي إلى أن هناك مئات الصحفيين والإعلاميين تم اعتقالهم تحت مسمي واهٍ وهو نشر أخبار كاذبة تهدد الأمن القومي، أبرزهم معتز ودنان الذي أجري حوارا مع المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، وكذلك عادل صبري رئيس تحرير موقع مصر العربية، والعديد من المدونين اليساريين والعلمانيين والليبراليين، كان آخرهم شادي الغزالي حرب ومحمد أوكسجين.
وأوضح العربي أن الأنظمة القمعية تستخدم مفهوم الأمن القومي لكبت الحريات باعتباره مفهوما مطاطا وواسعا، ومن خلاله ترتكب الكثير من الجرائم ضد حرية الرأي والتعبير، خاصة أنه ليس هناك تعريف محدد لهذا المفهوم، موضحا أن القانون الجديد قد قنن غلق المواقع الإلكترونية ووضع عقوبات مغلظة في يد الجهات التي بيدها قرارات الغلق، وحتي الجهات التي تتهرب من تنفيذ القرارات بعد تلقيها إنذارا من الجهات الرسمية، يتم توقيع عقوبات قاسية ضدها، وهو ما يمثل قمعا صريحا لحرية الصحافة والتضييق عليها.
ويضيف العربي أن السيسي بعد أن انتهي من قمع الصحافة داخل مصر، بدأ يتوجه للصحافة المصرية المعارضة له في الخارج، ولذلك فإن تهديداته الأخيرة خلال مؤتمر الشباب عندما كرر قوله "هايتحسبوا يعني هايتحسبوا" أربع مرات، تشير إلي أنه سوف يقوم بعمليات اغتيال وتصفية للإعلاميين المصريين في الخارج، لأن محاسبتهم القانونية ليست في ملكه، كما أن ضغوطه الدولية لغلق المواقع والقنوات الفضائية باءت بالفشل، ولذلك فكلامه يشير لأمرين إما اغتيال وتصفية معارضيه من الصحفيين، أو التشويش علي الوسائل والمنافذ الإعلامية المتواجدة في الخارج.
ويضيف الناشط القانوني أحمد عبد الباقي لـ "عربي21" أن هناك أكثر من 200 صحفي وإعلامي معتقلين بسبب النشر علي وسائل التواصل الاجتماعي ومن بينهم فرق عمل كاملة لمواقع صحفية وصفحات مخالفة لنظام السيسي، وهو العدد المرشح للزيادة بعد إقرار قانون جرائم الإنترنت، الذي وضع عقوبات تصل للسجن عشر سنوات وغرامات مالية تصل لنصف مليون جنيه (29 ألف دولار).
اقرأ أيضا: البرلمان المصري يثير جدلا بعزمه إصدار قانون "السوشيال"
ويشير عبد الباقي إلى أن أخطر ما في القانون أنه ساوي بين الفعل المتعمد والفعل غير المتعمد وهو مخالف للدستور الذي غلظ العقوبات علي الأفعال التي بها قصد وإصرار، ولعل المقصد من ذلك هو إرهاب كل من يتعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي ومواقع الإنترنت واليوتيوب، سواء بالنشر صراحة أو حتي بالنقل وتسجيل الإعجاب والمشاركة لأعمال منشورة بالفعل.
ويؤكد عبد الباقي أن القانون الجديد منح السلطات المصرية حق الاختراق والتشويش والتتبع، وألزم الشركات التي تقدم خدمات الإنترنت بتقديم المعلومات الخاصة بالمشتركين لجهات التحقيق دون الحاجة لإجراءات قانونية وقضائية، موضحا أن هذا هو المغزى الأساسي من القانون وهو تقنين المخالفات التي كانت تقوم بها جهات الضبط، وكان يستغلها دفاع المتهمين في بيان العوار القانوني لعمليات الضبط والتحري.