هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
بدا رمضان في العاصمة اليمنية صنعاء مختلفا جدا هذا العام؛ فعلاوة على الأزمة الاقتصادية، فقد الشهر الفضيل جزءا كبيرا من روحانيته مع منع المساجد من رفع شعائر صلاة "التراويح" عبر مكبرات الصوت.
وهذه هي المرة الأولى التي لا ترفع شعائر الصلاة عبر مكبرات الصوت (الميكرفونات)، في ليالي الشهر الفضيل، بعد سيطرة مسلحي جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) على العاصمة صنعاء، في 21 سبتمبر/ أيلول 2014.
وعقب صلاة العشاء، في ثالث ليالي رمضان، وقف إمام مسجد التقوى، محمد الديب، وخاطب المصلين بأن لديه توجيهات من وزارة الداخلية الخاضعة لسيطرة الحوثيين، قضت بمنع رفع شعائر صلاة التراويح وقيام الليل عبر مكبرات الصوت، بما في ذلك الدروس الدينية.
أثار الخبر غضب المصلين، وطالبوا إمام المسجد بقيام الصلاة ورفعها عبر "الميكرفونات" تحديا لتلك التوجيهات، ومن بينهم صاح الحاج إسماعيل بصوته الغليظ، وقال: "هؤلاء يحاربون دين الله، حتى الصلاة يمنعونا منها".
أعاد الديب تذكير المصلين المحتجين بأن لديه أوامر، وإنه سينفذها اتقاء للعقوبة، في إشارة إلى التوجيهات الصارمة بشأن القرار.
وقال: "الأمر ليس بيدي، وليس لنا في هذا المسجد فقط، بل الأوامر لكل المساجد".
وبغضب، رد مصلون: "يقفلوا (الحوثيون) المساجد وخلاص".
وارتبطت صلاة التراويح بروحانية ليالي رمضان؛ حيث يختار المصلون في المساجد التي تُطّيب بأجود الطيب والبخور، قراء حسيني الصوت والتلاوة، ومعها يذوبون في آيات الله والصلوات التي يبلغ عدد ركعاتها 11 ركعة.
ويذهب آخرون إلى أبعد من ذلك، حيث تتحول صلاة التراويح إلى تنافس بينهم؛ فالأسعد بينهم من يذهب للصلاة خلف الإمام ذي التلاوة الأجود والصوت الأجمل، غير أنهم هذا العام فقدوا ذلك، مع المضايقات التي فرضها الحوثيون.
وكون الصلاة ما تزال قائمة في المساجد دون مكبرات، لكن قرار تأديتها في المساجد بصوت محدود جعل الليالي الرمضانية تفتقر للأجواء الروحانية، حسبما يقول الحاج إسماعيل، لوكالة "الأناضول".
وأضاف: "كانت ليالي رمضان تلهج في الساعات الأولى بصلوات التراويح وبالدروس الدينية، لكن اليوم المدينة صامتة".
وحسب إسماعيل، الذي ظل يداوم على الصلاة في الجامع، فإن رمضان هذا العام لا يشبه سكان المدينة، وقال: "هذا العام رمضان مختلف كثيرا، ليس ذاك الشهر الذي كان يصنع فينا تغييرا على جميع المستويات".
ولا يوجد قرار رسمي نُشر على موقع وزارة الداخلية الخاضعة للحوثيين، أو على المواقع الرسمية التابعة للجماعة، إلا أن إمام المسجد، الديب، قال إن توجيهات صريحة وصلته من قِبل الوزارة تقضي بمنع شعائر الصلاة.
وذكر للأناضول: "لا نعرف سبب المنع، لكن، نحن معنيون بتطبيق القرار، مثلنا مثل بقية المساجد".
وعمم الحوثيون القرار على مساجد العاصمة بالكامل، إلا أن عددا قليلا من المساجد ما تزال ترفع شعائر الصلاة.
وقال أديب: "هناك رفض للقرار وبعض المساجد ما تزال ترفع صلاة التراويح، لكنهم سيجبرونهم على خلاف ذلك".
ويبدو أن النساء هن الأكثر تضررا من القرار، حيث إن مساجدهن التي تكون عادة منفصلة عن مساجد الرجال، لن يكون بمقدورهن الصلاة خلف الإمام، وذلك ما يجبرهن على التخلي عن أداء الصلاة في المسجد، والاكتفاء بها في المنزل.
وينظر الحوثيون إلى صلاة التراويح على أنها "بدعة"، وأنها تكاد تكون مصدرا لإزعاج الناس في ليالي رمضان، حسبما يقول حوثيون على مواقع التواصل والبرامج التلفزيونية.
وخلال الأعوام الماضية مع سيطرة الحوثيين على صنعاء، كانت جوامع المدينة تتحول إلى ساحة للجدل والملاسنات، بين مؤيد لرفع الصلاة وقيامها وبين من يعترض، قبل أن يفصل الحوثيون في المسألة بشكل نهائي هذا العام، ويمنعون رفعها على المكبرات.
ولم يفصح الحوثيون عن أسباب المنع، لكن خطيب وإمام جامع البيضاء الشيخ أحمد، وهو من المعارضين للحوثيين، عزا ذلك إلى أن الجماعة الدينية تزدري صلاة التراويح؛ بسبب ارتباطها بالخليفة الثاني للمسلمين عمر بن الخطاب.
وأوضح في تصريح "للأناضول"، بأن صلاة التراويح سنها النبي محمد، لكنه لم يصلها جماعة وصلاها في منزله، غير أن الخليفة عمر جمع الناس في المسجد لأدائها، ومنذ ذلك الحين تُصلى في المساجد جماعة.
وأضاف: "سيأتي وقت يمنع الحوثيون أداء صلاة التراويح في المسجد".