هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يعمد الاحتلال منذ انطلاق مسيرات العودة في الـ30 من آذار/ مارس الماضي، إلى تصعيد ردوده العسكرية على الوسائل السلمية التي يستخدمها المتظاهرون بغزة، فمثلا مقابل كل طائرة ورقية حارقة تطلق من غزة، أو تجاوز للحدود من قبل المتظاهرين؛ يقصف الاحتلال مواقع للمقاومة أو تجمعات للمدنيين على الحدود، في مشهد يراه مراقبون محاولة إسرائيلية لفرض قواعد اشتباك جديدة مع المقاومة في غزة، بهدف جر المقاومة إلى مواجهة عسكرية شاملة، أو لدفعها باتجاه وقف مسيرات العودة المستمرة.
وفي آخر تصعيد إسرائيلي في غزة؛ قضى ثلاثة شهداء الأحد في قصف استهدف مرصدا للمقاومة شرق رفح سبقه بساعات قصف مماثل لنقاط ومواقع أخرى في مواقع متفرقة بغزة، جاءت كرد على اقتحام متظاهرين سلميين للخط العازل ونصب خيمة للعودة. فهل استغل الاحتلال الرسائل السلمية التي أطلقتها المقاومة، وما هي الخيارات للرد على التصعيد المستمر؟
حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، أكدت في بيان لها أن التصعيد المتكرر على قطاع غزة، محاولة "فاشلة" جديدة لقطع الطريق على فعاليات مسيرات العودة وكسر الحصار.
وقال المتحدث باسم حركة حماس عبد اللطيف القانوع في تصريح صحفي: "التصعيد المتكرر على قطاع غزة هو استمرار للعدوان الصهيوني السافر على شعبنا ومحاولة فاشلة جديدة لقطع الطريق على فعاليات مسيرات العودة وكسر الحصار".
وأضاف القانوع أن التصعيد "سيدفع شعبنا إلى مواصلة تظاهراته الشعبية بكل اقتدار وقوة وبشتى الوسائل والأدوات".
اقرأ أيضا: 3 شهداء في قصف إسرائيلي لموقع للمقاومة شرق رفح (شاهد)
الخبير العسكري اللواء واصب عريقات قال إن إسرائيل تعيش الآن عزلة دولية أكثر مما كانت عليه في السابق، حيث انكشف أمرها بعد قمعها الدموي وجرائمها بحق المشاركين في مسيرات العودة السلمية المستمرة.
ولفت عريقات في حديث لـ"عربي21" إلى أنه ورغم وجود تهديدات تشي بإمكانية التصعيد، إلا أنه لا يوجد لدى القيادة الإسرائيلية قدرة على التصعيد عسكريا في قطاع غزة، وقال: "هناك من يخدع رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو بأنه قادر على تصدير أزماته الداخلية من خلال عمل عسكري في غزة، ولكن هذا الأسلوب يسبب أزمة أكبر لإسرائيل داخليا وخارجيا".
وفي تعليقه على الرسائل السلمية التي أطلقتها المسيرات، وأكدت عليها المقاومة، ومقابلتها بالتصعيد العسكري قال: "بغض النظر عن الرسائل فإن إسرائيل تعيش وتتنفس على العدوان واستخدام القوة العسكرية، فالسلام نقيض الوجود الإسرائيلي، وبالتالي إسرائيل لا يوجد لديها رغبة في التهدئة ولا السلام، وهي دائما تريد أن ترى المشهد كما خططت له، لكنها بفعل التطورات الحاصلة في المنطقة وتطورات عمل المقاومة، فإنها تخشى من بدء عدوان على غزة لا تستطيع أن توقفه، وهذا ما يربك القيادة الإسرائيلية من أي تصعيد".
ومتحدثا عن الخيارات الفلسطينية أمام التصعيد، رأى عريقات "أن سقف الخيارات الفلسطينية أعلى من نظيره الإسرائيلي، باعتبار أن السقف الإسرائيلي معروف وقائم على استخدام فائض القوة العسكرية وارتكاب مزيد من جرائم الحرب ضد الشعب الفلسطيني، في حين أن الفلسطينيين لديهم إمكانيات أكثر، فهم يكسبون في الساحة الدولية، ورغم حجم الخسائر البشرية إلا أن تراكم الإنجازات يفوق جرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل".
من جهته قال الخبير العسكري والأمني الدكتور محمود العجرمي أن الاحتلال دائما يستغل الفرص لخلق قواعد اشتباكاك جديدة في غزة، لكنه في الوقت ذاته يعيش حالة من الردود المتخبطة إزاء التعامل مع مسيرات العودة السلمية، لأنه لم يعتد على النموذج من النضال السلمي.
وأضاف العجرمي لـ"عربي21" أن المسيرات وضعت الاحتلال كقاتل محترف أمام العالم، وفضحت ممارساته، ما دفع العديد من الجهات الدولية للتداعي والاجتماع لبحث وقف جرائمه في غزة الأمر الذي وضع إسرائيل في مأزق وفي محاولة للهروب إلى الأمام.
اقرأ أيضا: موقع: مسيرات غزة أثبتت أن نهج المقاومة غير العنيفة سينتصر
وأشار العجرمي إلى أن الاحتلال يستغل الحالة العربية الهزيلة في المنطقة، وحالة الانقسام الحاصلة في الساحة الفلسطينية لتجربة أساليب جديدة، والتمادي في عدوانه تجاه الفلسطينيين، مؤكدا أن الخيارات الفلسطينية إزاء العدوان التصعيد تكمن في مواصلة مسيرات العودة، والمحافظة على زخمها، كونها تمثل نموذجا نضاليا فريدا ستؤدي تراكماته إلى نتائج مؤكدة، ليس أقلها رفع الحصار عن غزة، إضافة لإيجاد أفق حل للقضية الفلسطينية.