واشنطن بوست: هذه الدولة الوحيدة المستفيدة من حصار قطر

نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا للمعلق إيشان ثارور، يقول فيه إن عاما مضى منذ أن فرضت السعودية والإمارات العربية المتحدة مقاطعة إقليمية ضد قطر. 

ويشير الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن السعودية والإمارات، بالإضافة إلى مصر والبحرين، قامت في الخامس من حزيران/ يونيو 2017، بقطع العلاقات مع قطر، ما أدى إلى انطلاق أزمة مستمرة، أدت إلى هز الوضع القائم في الخليج، وأربكت إدارة الرئيس دونالد ترامب، وخلقت خطوط صدع جديدة في الشرق الأوسط. 

ويقول ثارور إن "الخلاف متجذر في التناحرات الشخصية بين العائلات الحاكمة في الخليج، وكذلك النزاع الأيديولوجي الأوسع في المنطقة، فالرياض وأبو ظبي اتخذتا موقفا معاديا من الاستقلالية التي تميزت بها السياسة الخارجية القطرية، وشجبتا تمويلها للمؤسسة الإخبارية (الجزيرة)، واتهمتا الدوحة بتمويل التطرف في أجزاء عدة من العالم".

ويلفت الكاتب إلى أن "القطريين رفضوا هذه الاتهامات، وتجاهلوا قائمة المطالب التي وصلت إليهم عبر الوسطاء الكويتيين، وعوض الاحتياطي الكبير من ثروة الدولة من موارد النفط من الارتباكات التي تسبب به إغلاق حدودها البرية، ولمنع انقطاع إمدادات الطعام قامت قطر بفتح طرق إمدادات جديدة عبر عمان، وطلبت المساعدة من دول مثل تركيا وإيران، وقامت في الوقت ذاته بحملة علاقات عامة لمواجهة الجهود التي يقوم بها الطرف المعادي". 

ويرى ثارور أن "المفهوم العام الآن، وبعد عام من الحصار، هو أن السعودية والإمارات ليس لديهما الكثير لإظهاره من نتائج حصار عام كامل، وفي الوقت الذي صفق فيه الرئيس دونالد ترامب للمواجهة مع قطر، إلا أن إدارته قررت أن تتخذ لاحقا موقفا محايدا، ودعت واشنطن للمصالحة، واحتفظت بعلاقات جيدة مع القطريين، الذين يستضيفون أكبر وأهم قاعدة عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط، وحاولوا تجنب الانتقادات الحادة لتصرفاتهم السابقة، من خلال سلسلة من الإجراءات لمواجهة تمويل الإرهاب، وخففت قطر من دعمها التكتيكي للجماعات الإسلامية في سوريا وغيرها من المناطق".

وينوه الكاتب هنا إلى ما كتبه الباحث حسن حسن في مجلة "فورين بوليسي" بأن المعايير الجديدة لا تعبر عن تحول استراتيجي كبير في السياسة، لكنها منحتها مصداقية ضد ناقديها في الغرب، فيما كتب سلطان بركات، من جامعة يورك في موقع "الجزيرة"، قائلا: "التزمت قطر طوال الأزمة بالأخلاقيات العليا، من خلال الترفع عن الانتقام، وتبنت دبلوماسية هادئة، واتبعت القانون الدولي بحذافيره، بشكل أدى إلى تحول الرأي العام لصالحها".

ويفيد ثارور بأن قطر تدعو اليوم متسلحة بالإجماع الدولي لهدنة، حيث كتب وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في صحيفة "نيويورك تايمز" مقالا قال فيه: "حصار قطر، الذي قام على مزاعم كاذبة كما ينظر إليه وبشكل واسع، أثر على استقرار الشرق الأوسط"، وأضاف الوزير: "أصبح من الواضح الآن أن لا (رابحين) في النزاع، وحان الوقت لأن تتخلى دول الحصار عن وهم النصر، ومنح الأولوية للمصالح الأمنية للشرق الأوسط كله وإنهاء الحصار". 

ويستدرك الكاتب بأن "المواجهة ليست قريبة من النهاية، ويبدو أن السعوديين والإماراتيين راضون عن الوضع الحالي لمواصلة الحصار لأمد طويل، ويصف السعوديين القطريين بأنهم أطفال مدرسة خرحوا  عن السيطرة ويجب ضبطهم، فيما يرى القطريون أن السعوديين يريدون منهم التبعية الكاملة". 

ويجد ثارور أنه "مع أن المواجهة العسكرية قد تلاشت، لكن حربا على الإنترنت اندلعت من خلال جيش من الذباب الإلكتروني والبوتس، فيما خاضت السعودية وقطر هذا الأسبوع حربا كلامية بشأن محاولات الدوحة شراء أنظمة دفاع جديدة من فرنسا وروسيا، حيث هدد السعوديون بعمل عسكري، ورد القطريون بالدفاع عن سيادتهم".

ويبين الكاتب أن هذه الأزمة أدت إلى إعادة تشكيل مجلس التعاون الخليجي، حيث اتخذت الإمارات والسعودية موقفا صقوريا ومتشددا في السياسة الخارجية، كما بدا في حرب اليمن، كما كتب جون كامبريل في "أسوشيتد برس"، لافتا إلى العلاقة القوية والمتنامية بين ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد (56 عاما)، وولي عهد السعودية الامير محمد بن سلمان، فيما ألقت المنامة، التي تعتمد على المال والمساعدات السعودية، بثقلها وراء الرياض وأبو ظبي. 

ويذهب ثارور إلى أنه "في الوقت الذي تجاوزت فيه قطر الحصار، إلا أن طوله ستكون كلفته عالية عليها، بشكل يعرض الترتيبات التي تقوم بها لاستقبال مباريات كأس العالم 2022 للخطر".

وتنقل الصحيفة عن مدير مؤسسة الجزيرة العربية، المقربة من السعودية، ومقرها في واشنطن فراس مقصد، قوله: "ما هو واضح أن ضررا أصاب سمعة الأطراف كلها، لكن الثمن المالي والسياسي سيقع على قطر وبطريقة غير متناسبة"، وأضاف أن الحفاظ على الحصار ستكون كلفته قليلة على السعودية وحلفائها وليس قطر، فيما تعد الأزمة بالنسبة لواشنطن صداعا لا تسعى إليه. 

ويورد الكاتب نقلا عن الدبلوماسي المخضرم والزميل في معهد الشرق الأوسط في واشنطن جيرالد فييرستين، قوله إن الأزمة "همشت مجلس التعاون الخليجي بصفته منظمة فاعلة يمكن أن تعمل معنا"، وأضاف أن الأزمة "كشفت عن انقسامات.. وتستطيع إيران استغلالها".

ويقول ثارور إن خيارات قطر في الوقت الحالي لا تزال مفتوحة، حيث قال وزير دفاعها إن قطر لن تشعل حربا ضد إيران، بشكل يثير أسئلة حول قدرة الولايات المتحدة على شن حرب ضد الإيرانيين من قطر. 

وتنقل الصحيفة عن الملحق المالي السابق في قطر والكويت مايكل غرينوولد، قوله لموقع "بلومبيرغ" إن "إيران هي المنتصر الوحيد"، وأضاف أن الدينامية الجديدة هي أهم مظهر مثير للقلق من المواجهة. 

ويفيد الكاتب بأن "الأزمة كشفت عن اختلاف السياسة القطرية عن تلك في السعودية والإمارات، فلطالما حنقت هاتان الدولتان على دعم قطر للحركات الشعبية في العالم العربي، وكما كتب حسن حسن فإن الدوحة تستطيع تقديم نفسها بصفتها داعمة للحركات والقضايا الشعبية في العالمين العربي والإسلامي، بدلا من التركيز على المكاسب الذاتية". 

ويختم ثارور مقاله بالقول إن "الناس في العالم العربي ينظرون بشك متزايد للإمارات والسعودية ومن معهما، باعتبارها جزءا من مؤامرة ديكتاتورية وقفت بشكل دائم ضد ثورات العرب عام 2011".