يصادف اليوم الأحد، الذكرى الـ88 لإعدام سلطات
الانتداب البريطاني شهداء "
ثورة البراق" الثلاثة: محمد جمجوم، وفؤاد حجازي، وعطا الزير.
ففي مثل هذا اليوم سنة 1930، تم
إعدام هؤلاء الشهداء في سجن القلعة بمدينة عكا شمال
فلسطين على الرغم من الاستنكارات والاحتجاجات العربية.
وبدأت قصة الأبطال الثلاثة بعدما قامت الشرطة البريطانية باعتقال مجموعة من الشبان الفلسطينيين بعد اندلاع ثورة البراق، التي بدأت عندما نظم اليهود مظاهرة ضخمة في 14 آب/ أغسطس من عام 1929 بمناسبة ما أسموه "ذكرى تدمير هيكل سليمان" أتبعوها في اليوم التالي بمظاهرة ضخمة في شوارع القدس، حتى وصلوا إلى حائط البراق، وهناك راحوا يرددون "النشيد القومي الصهيوني"، بالتزامن مع شتم المسلمين.
وفي اليوم التالي، الجمعة 16 آب/ أغسطس الذي صادف ذكرى المولد النبوي الشريف، توافد المسلمون ومن ضمنهم الشهداء الثلاثة للدفاع عن حائط البراق، حيث كان هناك نية لليهود للاستيلاء عليه، فوقعت صدامات عمت معظم فلسطين.
واعتقلت شرطة الانتداب في حينه 26 فلسطينيا ممن شاركوا في الدفاع عن حائط البراق، وحكمت عليهم جميعا بالإعدام في البداية، لينتهي الأمر بتخفيف هذه العقوبة عن 23 منهم إلى السجن المؤبد، مع الحفاظ على عقوبة الإعدام بحق الشهداء الثلاثة: محمد جمجوم، وفؤاد حجازي، وعطا الزير.
وحددت سلطات الانتداب يوم 17 حزيران/ يونيو من عام 1930، موعداً لتنفيذ حكم الإعدام بحق هؤلاء الأبطال، في وقت تحدى فيه هؤلاء الشهداء الخوف من الموت.
وكان محمد جمجوم يزاحم عطا الزير يريد أن يكون أول من يتم تنفيذ الحكم فيه غير آبه بالموت، وكان له ما أراد، أما عطا وهو الثالث، فطلب أن ينفذ حكم الإعدام به دون قيود إلا أن طلبه رفض فحطم قيده وتقدم نحو حبل المشنقة رافعا رأسه.
وعرف الشهيد محمد خليل جمجوم المنحدر من مدينة الخليل، بمقاومته للصهاينة ورفضه للاحتلال كالعديدين من أبناء الخليل، فكان يتقدم المظاهرات احتجاجا على اغتصاب أراضي العرب، وكانت مشاركته في الثورات دفاعا عن المسجد الأقصى ما جعل القوات البريطانية تقدم على اعتقاله.
وكان فؤاد حجازي أصغر الشهداء الثلاثة سنا وهو مولود في مدينة صفد، وتلقى دراسته الابتدائية والثانوية في الكلية الأسكتلندية، وأتم دراسته الجامعية في الجامعة الأمريكية في بيروت، وعرف منذ صغره بشجاعته وحبه لوطنه واندفاعه من أجل درء الخطر الصهيوني عنه، وشارك مشاركة فاعلة في مدينته في الثورة التي عمت أنحاء فلسطين عقب أحداث الثورة.
والشهيد عطا الزير من مواليد مدينة الخليل، وعمل في مهن يدوية عدة واشتغل في الزراعة وعُرف عنه منذ صغره جرأته وقوته الجسدية، وشارك في المظاهرات التي شهدتها المدينة احتجاجاً على هجرة الصهاينة إلى فلسطين.
وسُمح للشهداء الثلاثة أن يكتبوا رسالة في اليوم السابق لموعد الإعدام، جاء فيها: "الآن ونحن على أبواب الأبدية، مقدمين أرواحنا فداء للوطن المقدس، لفلسطين العزيزة، نتوجه بالرجاء إلى جميع الفلسطينيين، ألا تُنسى دماؤنا المهراقة وأرواحنا التي سترفرف في سماء هذه البلاد المحبوبة، وأن نتذكر أننا قدمنا عن طيبة خاطر، أنفسنا وجماجمنا لتكون أساسا لبناء استقلال أمتنا وحريتها وأن تبقى الأمة مثابرة على اتحادها وجهادها في سبيل خلاص فلسطين من الأعداء. وأن تحتفظ بأراضيها فلا تبيع للأعداء منها شبرا واحدا، وألا تهون عزيمتها وألا يضعفها التهديد والوعيد، وأن تكافح حتى تنال الظفر".
وأضافوا: "لنا في آخر حياتنا رجاء إلى ملوك وأمراء العرب والمسلمين في أنحاء المعمورة، ألا يثقوا بالأجانب وسياستهم وليعلموا ما قال الشاعر بهذا المعنى (ويروغ منك كما يروغ الثعلب)".
وقد خلد الشاعر الفلسطيني إبراهيم طوقان في قصيدته الشهداء الثلاثة (الثلاثاء الحمراء)، وغنتها فرقة العاشقين ويقول مطلعها : "كانوا ثلاثة رجال يتسابقوا عالموت أقدامهم عليت فوق رقبة الجلاد وصاروا مثل يا خال، طول وعرض لبلاد".