هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يشهد الإعلام المصري في الفترة الأخيرة عدة تغيرات حيث ينتقل عدد من الإعلاميين إلى العمل في القنوات السعودية، فيما سمح النظام المصري للإعلامي توفيق عكاشة للظهور على الشاشة مجددا بعد أكثر من عامين من المنع.
وكان الإعلامي عمرو أديب قد وقع الأسبوع الماضي عقدا للعمل في قناة "إم بي سي" السعودية، وسط أنباء عن قرب التعاقد مع إعلاميين آخرين، من بينهم وائل الإبراشي والإعلامي الرياضي مدحت شلبي واللاعب السابق أحمد حسام (ميدو) وغيرهم.
وأثارت هذه التغيرات تساؤلات حول أسباب انتقال الإعلاميين المصريين للتلفزيون السعودي؟ وحول الرسالة التي يريد النظام المصري إيصالها عبر السماح لعكاشة بمخاطبة جمهوره مجددا؟ وهل يكون له التأثير ذاته الذي كان يتمتع به منذ خمس سنوات؟.
وكان عكاشة قد ظهر في حلقتين الأسبوع الماضي على قناة "العاصمة"، ركز خلالها على تحذير المصريين من مؤامرات تحاك ببلادهم، وطالبهم بالصبر على القرارات الاقتصادية الصعبة التي يتخذها السيسي.
أما عمرو أديب، فقد بدأ، بحسب مراقبين، الدفاع سريعا عن المصالح السعودية، حتى قبل عرض برنامجه الجديد، حيث شن هجوما شديدا أمس الخميس عبر تويتر على قطر واتهمها بمعاداة المواطن العربي البسيط، بسبب احتكار شبكة "بي إن سبورتس" لإذاعة مباريات كأس العالم.
تعويض غياب عمرو أديب
وفسرت صحيفة "الفجر" المصرية، المقربة من الأجهزة الأمنية، ظهور توفيق عكاشة على قناة "العاصمة"، التي يديرها ضابط المخابرات السابق ياسر سليم بعد عامين من طرده من البرلمان والحكم عليه بالسجن في قضية تزوير شهادة الدكتوراه الخاصة به.
وقالت الصحيفة، في تقرير لها أمس الجمعة، إن سليم، المسؤول عن قنوات الحياة والعاصمة، أقنع المسؤولين بالدولة بأن ظهور عكاشة مرة أخرى سيعوض غياب عمرو أديب، الذي انتقل إلى التلفزيون السعودي، خاصة أنه كان يتمتع بنسب مشاهدة كبيرة للغاية بالأقاليم والمناطق الشعبية، عندما كان يظهر على قناته الخاصة "الفراعين".
لكن الصحيفة شككت في قدرة عكاشة على التأثير في المجتمع والدفاع عن النظام والتحدث بلسانه، مشيرة إلى أن الفراغ الذي تركه عكاشة ملأه الإعلامي أحمد موسى، الذي يحقق نسب مشاهدة كبيرة بين مؤيدي النظام.
عودة وفق تفاهمات
وتعليقا على هذه التغيرات، قال الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية عمرو هاشم ربيع، إن عودة توفيق عكاشة المثير للجدل تمت بعد تفاهمات جرت بينه وبين النظام، والاتفاق على ملفات محددة سيتناولها في المرحلة المقبلة.
وأضاف ربيع، في تصريحات لـ "عربي21"، أن عكاشة تعلم الدرس جيدا بعد شدة الأذن التي تعرض لها عبر طرده من البرلمان وإدخاله السجن لبعض الوقت في قضايا جنائية، وهذا ما سيجعله شديد الالتزام بالخطوط العريضة التي ترسم له من قبل النظام، ولا يخرج عن النص كما فعل سابقا باستضافته للسفير الإسرائيلي في منزله، ومحاولة تقديم نفسه باعتباره زعيما سياسيا مستقلا وليس إعلاميا تابعا للنظام مثل عشرات الإعلاميين الآخرين.
وأوضح أن النظام يريد إرسال رسالة تهدئة للمجتمع في ظل السخط المتزايد على النظام؛ جراء القرارات الاقتصادية الأخيرة ورفع الأسعار بمعدلات تفوق قدرة الكثيرين على الاحتمال، لكنه توقع ألا تكون عودة توفيق عكاشة إلى الساحة الإعلامية مؤثرة كما كانت قبل وصول السيسي للسلطة عام 2013.
رجل السعودية
من جانبه قال أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة أحمد عبد العزيز، إن توقيع عمرو أديب مع قناة "إم بي سي" السعودية، يأتي في إطار رغبة النظام السعودي في الاستفادة من الإعلاميين المصريين الذين يدينون له بالولاء وعلى رأسهم أديب.
وأشار عبد العزيز، في تصريحات لـ "عربي21"، إلى أن عمرو أديب له علاقات قديمة مع النظام السعودي، ممتدة لسنوات طويلة خلال عمله في قنوات أوربت السعودية، التي حقق من خلالها شعبيته في الوطن العربي، وكان دائم الدفاع عن مصالح النظام السعودي.
وأوضح أن ظهور أديب خلال العام الماضي على قنوات "أون تي في" كان لفترة مؤقتة، لكن سرعان ما استعاد السعوديون رجلهم الأهم إعلاميا في مصر، بسبب تزايد التحديات التي تواجهها الرياض في اليمن وسوريا ولبنان وغيرها من مناطق نفوذها التقليدية، إضافة إلى رغبة الأمير محمد بن سلمان في تثبيت أركان حكمه، تمهيدا لتوليه العرش خلفا لأبيه خلال أشهر، كما هو متوقع.
وأضاف أن تزايد الغضب بين المصريين بسبب السياسيات الاقتصادية، وظهور هذا الغضب للسطح في شكل احتجاجات محدودة الشهر الماضي داخل محطات مترو الأنفاق، أو انتشار هاشتاج #ارحل_يا_سيسي على مواقع التواصل الاجتماعي خلال اليومين الأخيرين، دليل على قلق النظام وسعيه للاستعانة برجاله القدامى لامتصاص هذا الغضب، موضحا أنه بعد ثورة كانون الثاني/ يناير 2011 كانت قيادات الجيش لا تسمح سوى للتلفزيون الرسمي وقناة الفراعين المملوكة لتوفيق عكاشة فقط بأن يشاهدها الجنود في الوحدات العسكرية، وهو ما يوضح أن عكاشة هو رجلهم الأمين منذ سنوات بعيدة.