هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أكد دعاة وعلماء مصريين أن مشاهد الفيديو المنتشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن المهازل التي تحدث في بعض المساجد من رقص تحت اسم الذكر، والصلاة عكس القبلة، وابتهالات لمدح الحشاشين، هي نتيجة طبيعية لوضع المساجد في ظل سيطرة الأجهزة الأمنية على وزارة الأوقاف وشؤون الدعوة الإسلامية.
من جانبه قلل وكيل وزارة الأوقاف بالدقهلية الشيخ طه زيادة من تداول فيديوهات الرقص والغناء والطقوس الغريبة بأحد مساجد قرية طناح بالدقهلية، وقال في تصرح صحفي إنه لا يجب تهويل الموضوع، لأن العدد لا يتجاوز 12 شخصا، حسب وصفه.
وأعلن زيادة إحالة المسؤول الذي ظهر بالفيديو وهو يؤدي الصلاة عكس القبلة للتحقيق، مضيفا أن المصريين طيبيون ويتعاملون بالفطرة في أي شيء يقربهم إلى الله، موضحا أن وزارته تبذل جهودا كبيرة للارتقاء بالدعوة الإسلامية ومحاربة كل الأفكار المتطرفة.
اقرأ أيضا: توقيف إمام مصري أعلن تأييده لتركيا ضد الغرب في خطبة الجمعة
بينما أشار أستاذ الدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر الدكتور عبد الحميد محسن خلال حديثه لـ"عربي21" إلى أن القضية ليست في الفيديوهات الأخيرة، لأن ما يحدث أكبر من ذلك بكثير بعد سيطرة الأجهزة الأمنية على مفاصل الوزارة، وشؤون الدعوة الإسلامية.
ويضيف محسن أنه تم استبدال العلماء والدعاة والأئمة بكثير من المساجد بآخرين مرشدين، ينقلون أخبار المصلين للأجهزة الأمنية سواء التابعة للوزارة أو للأمن الوطني، وهي سياسة قديمة لوزارة الأوقاف بدأها الوزير محمد علي محجوب واستكملها محمود حمدي زقزوق، حتى جاءت ثورة 25 كانون الثاني/ يناير 2011، التي أحدثت ثورة في مجال الدعوة وأعادت الدعاة الأزهريين المتميزين للمساجد مرة أخرى، ولكن بعد انقلاب تموز / يوليو 2013 اختلف الوضع.
وأوضح أستاذ الدعوة الإسلامية أن الوزير مختار جمعة من أكثر الهادمين للدعوة الإسلامية، وإصرار عبد الفتاح السيسي على وجوده يرجع لهذا السبب، حتى يظل جمعة عامل تهديد دائم لعلماء الأزهر الشريف الذين لا يثق السيسي في ولائهم له.
وأضاف محسن أن جمعة كان وكيلا للجمعية الشرعية المركزية وعلاقته بالأجهزة الأمنية وقتها لم تكن خافية على أحد، مما جعله الوزير الوحيد الذي استمر منذ الانقلاب وحتى الآن بمنصبه رغم تغيير أربع حكومات خلال الخمس سنوات الماضية، موضحا أن أبرز ما قام به هو تفريغ الدعوة الإسلامية من محتواها، واعتماده على الأئمة ذوو الصلة بالأجهزة الأمنية لتولي زمام الدعوة الإسلامية.
اقرأ أيضا: أوقاف الانقلاب بمصر تطرد "السلفيين" من مئات المساجد
وقال الإمام بوزارة الأوقاف عبد الرحمن العقبي، لـ "عربي 21" إنه كان يعمل إماما وخطيبا بأحد مساجد القاهرة، ولكنه لم يؤيد الانقلاب، فتم تحويله للتحقيق ثم منعه من الخطابة والإمامة وإسناد عمل إداري له بأحدى هيئات الوزارة، موضحا أن الإمام الذي حل مكانه كان طالبا فاشلا بكلية الدعوة وكان من طلاب النشاط المرتبطين بأمن الجامعة وقتها، ولكنه الآن إمام وخطيب لأحد المساجد الكبرى بالقاهرة.
وأضاف العقبي أن ما حدث معه جرى مع عدد كبير من الأئمة والدعاة المتميزين، ومعظمهم ليس من الإخوان المسلمين ولكنهم قالوا كلمة الحق ضد السيسي، فتم التنكيل بهم بطرق مختلفة، موضحا أن الوزير الحالي دمر الدعوة الإسلامية بحجة محاربة الإخوان والسلفيين من جهة والأفكار المتشددة من جهة أخرى، وترك المساجد ساحة للمهازل الصوفية والشيعية دون أي رادع.
وأكد أن الوزارة تعمل لنشر التوجهات الصوفية المنحرفة، معتمدة على عدم إلمام معظم المصريين بصحيح الدين، وهي ترى في انتشار الصوفية الطريقة الأفضل لمواجهة الإخوان والسلفيين، وتحت هذه السياسة تحدث الكثير من الكوارث.
وأشار الداعية عبد الجواد السويفي الذي عمل لفترة في إدارة تنظيم شؤون الدعوة بالوزارة قبل أن يتم نقله لعمل إداري، إلى أن الوزارة تسيطر على أكثر من 140 ألف مسجد وزاوية، وضمت إليها 6 آلاف مسجد وزاوية تابعين للجمعية الشرعية، وقد فرضت هيمنتها على المساجد بعدة إجراءات بعضها قانوني وتشريعي والأكثر فيها أمني، حيث عوضت عجز الدعاة والأئمة بتعيين آخرين بالمكافأة من خلال مسابقة يشرف عليها جهاز الأمن الوطني الذي يحدد المقبولين من غيرهم.
وقال السويفي لـ "عربي 21" إن الوزارة حولت معظم الدعاة لمرشدين ومخبرين على بعضهم وعلى المصلين، وزادت على ذلك بتركيب كاميرات للمراقبة لمعاقبة الإمام الذي يخالف توجهاتها ويسمح لغير المعتمدين من الوزارة بصعود المنابر أو إلقاء الدروس، كما قامت بمصادرة مئات الكتب الدعوية والفكرية بحجة أنها تدعم فكر الإخوان، ثم فرضت الخطبة الموحدة على المساجد، لضمان المزيد من السيطرة.
وأردف: "الوزارة فرضت قيودا على استخدام مكبرات الصوت ومنعت البقاء بالمساجد في غير أوقات الصلاة، كما فرضت قيودا أمنية على الاعتكاف خلال رمضان، واعتبرت أن مواجهة الأفكار الإخوانية هي معركة حياة أو موت بالنسبة لها، واعتبرتها مدخلا لتطوير الخطاب الديني، ولكنه كان تطويرا مدمرا ينفذ توجهات السيسي في محاربة الدعوة الإسلامية والعمل على عدم نهضتها مرة أخرى بمصر".