هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
مع مرور الذكرى السنوية الرابعة لاختطاف ثلاثة من المستوطنين على يد عدد من كوادر حماس بمدينة الخليل؛ أجرت صحيفة إسرائيل اليوم مقابلة هي الأولى من نوعها مع الضابط الذي تولى مسؤولية البحث والتقصي خلف المختطفين، وما تخلل عملية التتبع لآثارهم.
مراسل صحيفة إسرائيل اليوم حنان غرينفود أجرى المقابلة مع الضابط هاني القرعان، التابع لكتيبة عتصيون، وهو أحد المسؤولين عن وحدة قصاصي الأثر في الجيش الإسرائيلي، الذي قال إن "مسيرة البحث عن المستوطنين الثلاثة الذين اختطفتهم حماس في مثل هذه الأيام من عام 2014 بمدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، تعيد إلى الأذهان مشاهد مؤلمة، حين عثرنا عليهم وهم مدفونون في أحد الحفر، حيث عشنا أياما صعبة من العمل والتقصي، استمرت 18 يوما من الكوابيس".
قصاصو الأثر
وأضافت الصحيفة بمقابلة مطولة ترجمتها "عربي21" أن "القرعان ذا خبرة طويلة بمهنة قصاصي الأثر حول قطاع غزة، حيث إنه أمضى هناك عشر سنوات من العمل، ودخل القطاع عقب اختطاف الجندي غلعاد شاليط في 2006، وتركز عمله في البحث عن الأنفاق، والتقصي خلفها، ومشى حول قطاع غزة مترا بعد متر، وبدأ عمله في البحث عن الأنفاق". ويقول القرعان: "تختلف مهمتي اليوم في الضفة الغربية عنها في قطاع غزة، هناك تقصيت عن أنفاق وآثار مسلحين، لم يكلفوني يوما في غزة بالبحث عن مختطفين".
وأشار إلى أنه "منذ اليوم الأول لاستلامي مهامي بهذه المنطقة وصلنا خبر اختطاف الثلاثة، وبدأ البحث عن كل أثر يوصلنا إليهم: دماء، نظارات، مؤشرات سحب، أناس أحياء، أموات، ولكن بعد ساعات من حصول الاختطاف استيقظ الإسرائيليون على الخبر: اختطاف المستوطنين الثلاثة، وبدأت الشائعات تنتشر عبر الواتساب، كلهم عرفوا أن شيئا ما خطيرا قد وقع، لكن ما هو بالضبط لا أحد يعرف، قوات كبيرة من جهاز الأمن العام الشاباك والجيش الإسرائيلي والشرطة ووحدة البحث عن المفقودين بدأوا بالتوافد لمنطقة الحدث، بحثنا في كل زقاق، المداخل والمخارج، فتشنا مترا فوق متر، مهمتي كانت البحث عن الثلاثة، والتأكد أنهم ألقوا بهم في مكان ما".
ويضيف: "عدنا لمكالمة أحد المختطفين إلى رقم 100 الخاص بالشرطة، حين قال كلمة (اختطفوني)، ثم سمع صوت إطلاق النار؛ بدأنا البحث حجرا حجرا، لم أتعلم طريقة في البحث والتحري إلا ونفذتها، لكننا لم نعثر على شيء، لأننا علمنا بعد ذلك أن عملية الاختطاف والقتل تمت في داخل السيارة".
ويوضح: "كثفنا البحث الميداني بساعات النهار في كل مكان، وفي الليل دارت المداولات الأمنية وفحص المعلومات الاستخبارية، وشعرت عقب كل مكالمة تأتيني من مسؤولي في الوحدة أو ضابط آخر، أنني أصيبه بخيبة الأمل: لم نعثر على شيء للأسف، ليس لدي معلومات بعد".
يقول القرعان: "واصلنا البحث عن الثلاثة كما لو كانت إبرة في كومة قش، وكانت مخاوفي الخطيرة أن ينجح الخاطفون بنقلهم إلى غزة، لكن طرف الخيط وصل، فقد وصلت معلومات أن الخاطفين قتلوا الإسرائيليين الثلاثة في أحد بيارات حلحول، وواصلوا طريقهم باتجاه منطقة دورا، حيث تم إحراق المركبة هناك، وتم العثور على 22 دقيقة وثقتها كاميرات المراقبة المنتشرة في كل مكان، وأكدت أنه في هذه المدة الزمنية الحرجة تمت عملية الاختطاف، ثم القتل، ثم إحراق المركبة".
لا أشتاق لغزة
يؤكد الضابط أنه "بدأ البحث هناك حيث عثرنا على نظارات أحد الثلاثة، ما أكد أنهم موجودون في هذه المنطقة، حيث تم تعزيز القوات، في كل متر وقف جندي، رفعوا الحجارة من أماكنها، نظرنا في آبار المياه، دخلنا المغارات والبيوت، وصعدنا إلى الأسقف، حفرنا في الأرض، أربعة أيام واصلنا البحث في ذات المنطقة، فرطنا كثيرا في الوقت لأنه لم يكن سوى طرف خيط وحيد".
يستذكر القرعان تلك الأيام قائلا إن "كل الآمال كانت معقودة أن الثلاثة أحياء، وأن الخاطفين أرادوا المساومة عليهم، لذلك كانت الرصاصات في بيت النار، واليد على الزناد، خشية الاصطدام بالخاطفين في كل مكان، لكني حين وصلت إلى مكان دفنهم، رأيت المشهد الذي لا يريد رؤيته أحد، مشاعر متناقضة أحاطت بي: فمن جهة هناك شعور بالإنجاز أننا عثرنا عليهم، ومن جهة ثانية إحساس بالخسارة لأنهم لم يكونوا أحياء، بل كانوا أمواتا".
ويضيف: "تم وضع جثث الثلاثة في طائرة رئيس هيئة الأركان السابق الجنرال بيني غانتس، فيما واصلنا البحث خلف مزيد من الأدلة للوصول للخاطفين، لأننا لم نتصور في أي مرة أن نعثر عليهم قتلى، لم أقل للعاملين معي ابحثوا عن جثث، وإنما عن أحياء، ركزنا البحث بمنطقة صحراوية مقفرة، لم تكمن فيها بوادر حياة، ولم تكن المنطقة سهلة من الناحية الطبوغرافية".
يخلص إلى القول: "في هذه المنطقة من الضفة الغربية أجد تحديات أمنية أكثر من قطاع غزة، فقد كانت هادئة آمنة، لكن بعد اختطاف المستوطنين الثلاثة تحولت إلى منطقة مجنونة بفعل اندلاع موجات عمليات السكاكين، اليوم نتلقى يوميا بلاغات عن اختفاء إسرائيلي أو أكثر، ليتبين أن أحدهم ذهب لصديقه دون إبلاغ أهله، لكن حادثة اختطاف الثلاثة لا تغيب عن بال أحد".
وعند الإجابة عن سؤال "هل يمكن تكرار عملية الاختطاف؟"، أجاب قائلا: "لا نستبعد أي سيناريو قد يقع، ويجب التنبه لكل تقرير بجدية حول عمليات التسلل إلى المستوطنات التي تحصل كل يوم، وبفضل عمل قصاصي الأثر يتم تتبع كل حادثة من هذا النوع، واليوم بعد أربع سنوات بات يعرف كل متر وزاوية وزقاق في هذه المنطقة، ولا يستبعد الانتقال لمنطقة أخرى، لكنه لا يشتاق أبدا للعمل على حدود غزة".