حذر صحفيون
مصريون من
مغبة إقرار مجلس النواب لمشروع قانون الصحافة والإعلام، المعروض أمامه، ووصفوه
بـ"الكارثة" التي تهدد حرية العمل الصحفي، وتخالف مواد دستور 2014 الذي
منح الصحافة حريات كبيرة.
وتقدم عشرات الصحفيين
بطلب لمجلس نقابتهم لعقد جمعية عمومية، للتصدي لقانون تقييد الحريات وإعدام
الصحافة، معتبرين أنها تشكل اعتداء على الدستور وردة واضحة على الحريات الصحفية،
وتفتح باب الهيمنة على العمل الصحفي.
وفي بيان وصل
"
عربي21" نسخة منه، الثلاثاء، أعرب السكرتير العام المساعد لنقابة
الصحفيين، حسين الزناتي، عن استيائه من التصريحات التي أطلقها رئيس الهيئة الوطنية
للصحافة، كرم جبر، والتي انتقد فيها بقوة موقف أعضاء مجلس نقابة الصحفيين من مشروع
القانون الجديد لتنظيم الصحافة.
وقال الزناتي "إن
وقوف جبر ضد هذه الملاحظات ووصْفِها بأنها " فرمانات" وليست مطالب إنما
يؤكد أنه اتخذ موقفاً غير موضوعي، ومتحيز ضد الجماعة الصحفية، التي يمثلها مجلس
نقابة الصحفيين ونقيبها، خاصة أنها تم اتخاذها بالإجماع فى اجتماع رسمي لمجلس
النقابة بعد تجاهل مجلس النواب، ومن يقوم بإعداد القانون للنسخة التي تقدمت بها
النقابة ورأيها فيه".
معركة تغيير القانون
وكشف عضو مجلس نقابة
الصحفيين، عمرو بدر، لـ"
عربي21" عن سعي جماعة الصحفيين لمناهضة مشروع
هذا القانون من خلال العديد من الفعاليات للأخذ بتعديلات المجلس، قائلا:
"هناك دعوة من قبل عدد من أعضاء الجمعية العمومية لتنظيم وقفة صامتة على
سلالم نقابة الصحفيين، الأربعاء، لمدة نصف
ساعة بدء من الساعة السادسة كجزء من التحرك ضد القانون".
وأوضح أنه "لا
يوجد قرار بعقد جمعية عمومية حتى الآن، ولكنه مطلب مطروح باستمرار، ولكنهم أرسلوا
ملاحظاتهم إلى مجلسي الدولة والنواب على 12 مادة في القانون، وطالبنا بتغييرها،
كما قام أربعة من مجلس النقابة بصياغة
بيان لرفض مشروع القانون، وقع عليه 800 صحفي من المؤسسة الصحفية"، مشددا على
ضرورة "مواجهة القانون بشكله الحالي".
وفند مشروع القانون الجديد بالقول "هذا القانون يدمر المهنة، ولأول
مرة في تاريخ القوانين المنظمة لعمل الصحافة لا يقيد الحريات فقط، إنما ينال من
الحقوق والحريات معا؛ لإن نصوص المشروع تفتح الباب أمام النيل من الصحافة القومية،
بإعطاء حق إلغاء ودمج المؤسسات والإصدارات الصحفية وهو ما يمكن أن يمهد لسيطرة الإعلام
الخاص على المجال الصحفي والإعلامي".
هوامش الصحافة تلاشى
نقيب الصحفيين السابق،
يحي قلاش، وصف مشروع القانون الحالي بأنه "يقوم على فلسقة عقابية، أكثر منها
تنظيمية"، قائلا: إن "مشروع هذا القانون ضد دستور 2014 الذي منح الصحافة
مكاسب غير مسبوقة"، منتقدا في الوقت نفسه "ترجمة مواد الدستور إلى
تشريعات على خلاف ما يريده المشرع في الدستور".
وأضاف
لـ"
عربي21" أن مشروع القانون وضع العديد من القيود على رأسها الحبس
الاحتياطي في جرائم النشر، الذي رجع من باب خلفي في بعض المواد، إضافة إلى السيطرة
على الصحف القومية، وإعطاء سلطات مطلقة للمجلس الأعلى للإعلام الذي بدلا من أن
يتحول من مجلس للتنظيم أصبح مجلس للرقابة والعقاب".
كما انتقد "منح
المجلس الأعلى للإعلام سلطات واسعة للمراقبة من خلال مواد مطاطة تسمح لهم بإغلاق
أي موقع أو صحيفة ، ليتحول إغلاق المواقع غير القانوني كما هو حاصل الآن سواء مع
بعض المواقع الإخوانية أو الداعمة للإرهاب، أو غيرها إلى سلطة بموجب قانون".
وأعرب عن مخاوفه
"من العبث بأصول المؤسسات الصحفية القومية المتعلقة بالشعب المصري، وتحويلها
لمؤسسات تجارية، تلغي ميزة المنافسة بينها وبين بعضها، وتطمس هوية المدارس الصحفية
التابعة لكل مؤسسة صحفية"، مشيرا إلى "أننا كنا في عهد مبارك نفخر بأن الصحافة
تعيش ديمقراطية الهوامش الآن الهوامش
نحاول أن نخاف عليها لإنها تضييع من بين أيدينا
وأد السلطة الرابعة
أما الناشط اليساري،
وعضو لجنة الحريات بنقابة الصحفيين السابق، أبو المعاطي السندوبي، فقد أكد
لـ"
عربي21" أن "القانون الجديد لا يمثل انتهاكا لحرية الصحافة، بل
وأد لمهنة الصحافة، وليس معاديا أو معارضا لحقوق العمل الصحفي فقط ".
لافتا إلى أن
"القانون يهدف للقضاء على المهنة لإنه يتضمن 85 مادة كلها تتعلق ليس بالقيود
المفروضة على الصحفي ولكن بإعادة تشكيل المهنة وفق رؤية النظام السياسي القمعي
الموجود حاليا، والدليل على ذلك التغيير الكامل في تشكيل أعضاء الصحف القومية
الكبرى".
وتابع: "تم تغيير
هيكل مجلس إدارات الصحف ولم يعد للصحفيين داخل مجلس إدارتهم سوى ممثلين اثنين من
13 عضو مجلس إدارة، و6 أعضاء من خارج المؤسسة؛ وهذا معناه إقحام شخصيات محسوبة على
أجهزة الأمن والمخابرات لإدارة هذه الجرائد، وينطبق نفس الأمر على الجمعية
العمومية، فنصف أعضائها من خارج المؤسسة الصحفية".
ووصف موقف الصحفيين
المدافع عن القاون بـ"الضعيف"، وبرر ذلك بأن "السيسي يسيطر على
جميع السلطات والمؤسسات، ولكن عليهم مقاومة القانون؛ لإنه كتب علينا كصحفين
المقاومة بعد أن أصبحنا 3 دولة على مستوى العالم في سجن الصحفيين".
تجاهل الصحفيين
من جهته؛ رأت الصحفية
شيماء سليمان أن "قانون الصحافة الجديد هو استكمال لخطوات أخرى مضت على طريق
وأد السلطة الرابعة؛ فالقانون الجديد يحمل العديد من المواد المقيدة لحريات
الصحفيين فالمواد 4 و 5 و 19 تبيح الحجب ومنع التداول وتفرض قيودا على العمل
الصحفي، كما أنها تعطي المجلس الأعلى لتنظيم الصحافة والإعلام صلاحيات إنهاء
تراخيص الصحف والمواقع".
وأضافت في تصريحات
لـ"
عربي21" أن "الاكثر خطورة في القانون هو المادة 29 التي أعادت
الحبس الاحتياطي للصحفيين الذي لطالما حاربه الصحفيون وخاضوا معركة ضده، وتجدر
الإشارة إلى أن الهيئة لم تأخذ برأي نقابة الصحفيين في القانون وأرسلته للبرلمان
الذي من المفترض أن يقره خلال أيام قبل انقضاء دورته".