هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشر موقع "ذا أتلانتيك" مقالا للصحافي كريشناديف كالامور،
يقول فيه إنه بالرغم من صعوبة التنبؤ بما قد يقوم به الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب، إلا أن سياساته الخارجية تتخذ شكل نموذج معين.
ويشير الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى
أن "ترامب يميل للمبالغة في أهمية إنجازاته، مثل ميله لكثرة الشكوى مما يراه
تقليلا لشأن أمريكا، وهو ما يوضح سبب ميله لوضع ثقته في رئيس كوريا الشمالية كيم
جونغ أون، ولا يثق في حلفاء أمريكا من حلف الناتو".
ويلفت كالامور إلى أن "كيم قدم وعدا غامضا لترامب، بأن (يعمل
نحو نزع السلاح النووي تماما من شبه الجزيرة الكورية)؛ وكانت دول الناتو قد وعدت
وعدا غامضا في ظل حكم أوباما بأن (تسعى للتحرك نحو) انفاق 2% من الناتج المحلي
الإجمالي على الدفاع (خلال عقد)، فبرر وعد كيم إعلان انتصار من ترامب، والإعلان
بأن الخطر النووي من كوريا الشمالية لم يعد قائما".
ويستدرك
الكاتب بأن "وعد دول الناتو استدعى رسائل قوية اللهجة للحلفاء لينفقوا المزيد
على الدفاع، فالقليل من تلك الدول وصلت إلى هذا الهدف، لكن الوعد يمنح تلك الدول
حتى عام 2024 للوصول إلى الهدف، في الوقت الذي ليس فيه تاريخ محدد يلزم كوريا
الشمالية بالوصول إلى هدف النزع الكامل للسلاح النووي".
ويورد
كالامور أن صحيفة "نيويورك تايمز" نقلت ما كتبه ترامب لأنجيلا ميركل في
أحد تقاريرها، حيث ذكرت أنه قال: "كما ناقشنا خلال زيارتك في نيسان/ أبريل،
هناك إحباط متزايد في الولايات المتحدة بأن بعض الحلفاء لم يزيدوا (من نفقاتهم
الدفاعية) كما وعدوا".
ويعلق
الكاتب قائلا إن "ترامب ليس أول رئيس أمريكي ينزعج من نفقة الدفاع الأوروبية،
فالولايات المتحدة الأمريكية تنفق حوالي 3.6% من الناتج المحلي الإجمالي على
الدفاع، ومن بين أعضاء الناتو الستة وعشرين، هناك أربعة فقط ينفقون 2% أو أكثر من
الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع، وهو الهدف الذي تم تأكيده في أيلول/ سبتمبر
2014".
ويجد كالامور أنه "ليس واضحا إن كانت لدى أمريكا وجهة نظر محددة
حول أي من حلفائها يحتاج لإنفاق المزيد، وفي الوقت الذي حثت فيه رسالة ترامب
لميركل ألمانيا، التي تنفق 1.2 % فقط على الدفاع، بأن تنفق المزيد، قال وزير
الدفاع جيمس ماتيس إن خطة الإنفاق الألمانية تسير بشكل سليم، لكن موقف ماتيس كان
أشد تجاه بريطانيا، التي تنفق 2.1% من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع، فكتب في
رسالة لنظيره البريطاني غافين ويليامسون، بأنه ما لم تقم بريطانيا بإنفاق المزيد
على الدفاع فإنها تغامر في خسارة مكانتها بصفتها (شريكا مختارا) لأمريكا".
ويقول الكاتب إن "انزعاج ترامب من تحمل العبء المالي لحماية
العالم ليس خاصا به، فقد صرح أوباما لجفري غولدبيرغ من مجلة (ذا أتلانتيك) حول
حلفاء أمريكا، قائلا: (يثيرني المستغلون)، لكن الغريب بالنسبة لترامب هو أنه يرفض
تطمينات حلفائه بالسرعة ذاتها التي يقبل فيها تطمينات أعدائه، ففي الأسبوع ذاته
الذي ذكرت فيه (نيويورك تايمز) رسالة ترامب لميركل، قال ترامب لماريا بارتيرومو من
(فوكس نيوز) عن كيم: (لقد عقدت صفقة معه، وصافحته، وأعتقد فعلا أنه صادق)".
ويرى كالامور أن "قراءة ترامب للغة غامضة في سياقين مختلفين
تماما تشير أكثر إلى نظرته للعالم من القضايا العالقة ذاتها، فلطالما قال إن شركاء
أمريكا، سواء في التجارة أو الدفاع، يستغلونها من عدة نواح، وغموض إعلان قمة ويلز
عام 2014 بشأن زيادة النفقات العسكرية لتصل إلى 2% ليست له علاقة بهذه الفكرة،
وكذلك فهو يعتقد أن (التفاهم الكبير) بينه وبين كيم سيحل المشكلات التي فشل أسلافه
في حلها، وغموض الإعلان المشترك بينه وبين كيم أمر غير مهم بحسب هذا الاعتقاد،
وهذا النموذج من التفكير لو بقي محصورا في مجال نفقات الدفاع كان يمكن أن يكون
مجرد إزعاج في العلاقة مع حلفاء أمريكا، لكن إن أخذناه مع الخلافات الأخيرة بشأن
التجارة والتغير المناخي والتعرفة، فإن ذلك يشير إلى شرخ كبير -إن لم يكن كسرا
كاملا- في العلاقات عبر الأطلسي".
ويعلق الكاتب قائلا: "هذا هو الحال، خاصة أن هناك عدوا آخر يبدو
أن ترامب ينوي أن يصدقه: رئيس روسيا فلاديمير بوتين، ففي مواجهة الاتهامات من
الحكومات الأوروبية والمخابرات الأمريكية، بأن الروس تدخلوا في الانتخابات
الأمريكية لصالحه، فإن ترامب كرر قوله إن بوتين أكد له أنه لم يتم أي تدخل من هذا
القبيل، وميوله الواضحة للثقة في نوايا بوتين قد تزيد من تردي علاقة أمريكا
بالناتو، وهناك ترتيب لأن يقابل ترامب بوتين بعد اجتماع الناتو في منتصف شهر تموز/
يوليو، ويبدو أنه يقول إن أمريكا منفتحة تجاه فكرة الاعتراف بضم جزيرة القرم
التابعة لأوكرانيا لروسيا، فمن المفهوم أن يقلق استيلاء روسيا على جزء من بلد
أوروبي زعماء بقية الدول الأوروبية، وكان هذا الغزو الروسي، بالإضافة إلى الدعم
الروسي لحركات انفصالية في أوكرانيا، هما ما دفعا إلى فرض عقوبات أمريكية
وأوروبية، وقد أضرت هذه العقوبات بالذات بشركات أوروبية لها علاقات تجارية كبيرة
مع روسيا".
وينوه كالامور إلى أن "الزعماء الأوروبيين تقلقهم الأفعال
العدائية التي تقوم بها روسيا ضد الدول التي كانت تحت سيطرة الاتحاد السوفييتي
سابقا، بالإضافة إلى التدخل في الانتخابات في أنحاء أوروبا كلها، ومنظر ترامب
يقابل بوتين مرة ثانية، مظهرا حميمية بالكاد يظهرها معهم في العلن، قد يجعل
الحكومات الأوروبية تشكك إن كانت تستطيع الاعتماد على ترامب إن هددها بوتين".
ويختم الكاتب مقاله بالقول إن "هناك نموذجا أخر هنا، كما كتبت
سابقا، يبدو أن ترامب يتماشى مع الأقوياء في العالم، ولا يبدو معجبا بشركائه
الأوروبيين بالمستوى ذاته، والشعور ذاته صحيح من الطرف الآخر أيضا، فعندما سئل
رئيس الوزراء البلجيكي تشارلز مايكل عن رسالة ترامب، فإنه أجاب بالقول عن رسالة
الرئيس الأمريكي: (لست معجبا جدا)".