وضع الإعلام
الإماراتي كل ثقله خلف الزيارة التي يقوم بها حالياً الرئيس
الصيني، شي جين بينغ، إلى الامارات العربية المتحدة، في محاولة مستميتة لإظهار أن زيارة كهذه ستشكل بالفعل بداية تحول في العلاقة مع العملاق الصيني؛ يمكن أن يقفز بها فوق نقاط التماس الخطيرة التي نشأت في الجغرافيا الإقليمية على خلفة النفوذ التجاري لكلا البلدين.
يحضر
اليمن، وإن بشكل غير مباشر، في صلب الزيارة التي يقوم بها الزعيم الصيني إلى الإمارات، من حيث كونه إحدى النقاط الحساسة لتماس المصالح بين الصين الذي يزاد نفوذها التجاري باطراد؛ وبين الإمارات التي تواجه تهديدات وجودية في ظل فقدان المزايا التي رسختها طيلة العقود الماضية شريكاً مهماً للصين، بحكم دور الوساطة الذي تقوم به دبي عبر ميناء جبل علي وسلسلة الموانئ التي استحوذت عليها في المنطقة.
صحيح أن الحكومة اليمنية لم تتخذ بعد خطوة باتجاه بناء شراكة تجارية مع الصين، من أجل تحصين خياراتها السياسية والاقتصادية، ولإعادة الزخم إلى علاقاتها مع العملاق الصيني استناداً إلى المزايا التي يتمتع بها اليمن، ومنها أنه يمتلك موقعاً جيوسياسيا مهماً، وموانئ طبيعة لعبت دوراً مؤثراً في حركة التجارة الدولية معظم القرن العشرين، إلا أن خطوة كهذه يمكن أن تتخذ إذا استمرت الإمارات في إظهار نواياها السيئة تجاه اليمن ووحدته ومصالحه الاقتصادية.
تأتي زيارة الرئيس الصيني للإمارات بعد الدورة الثامنة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي التي انعقدت منتصف شهر تموز/ يوليو الجاري، وشهدت مشاركة أمير دولة الكويت، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، كأرفع مسؤول عربي في هذه الدورة، وإعلانه المثير للاهتمام عن اتفاق بلاده مع الصين، لتصبح بموجبه هذه الأخيرة شريكا استراتيجيا ومستثمرا أساسيا في تطوير البنية التحتية لمدينة الحرير، وإنشاء مناطق صناعية وتكنولوجية متقدمة في منطقة شمال الكويت، مع شركاء اقتصاديين آخرين في تطوير هذه المنطقة الحيوية الاستراتيجية؛ التي تتجاوز مساحتها أكثر من 10 في المئة من المساحة الإجمالية لدولة الكويت.
تتوالى الخسائر التجارية التي تتكبدها إمارة دبي نتيجة النشاط العسكري العابر للحدود الذي تنخرط فيه الإمارات؛ بتأثير من نزعة النفوذ التي يمارسها حكام أبو ظبي ويجرون من خلالها البلد إلى مغامرة غير محسوبة.
فها هي دبي تفقد - بطريقة مهينة - نفوذها في ميناء دوراليه الجيبوتي للحاويات، والذي كان يستند إلى اتفاق وقعته "موانئ دبي العالمية" مع جيبوتي مدته خمسون عاماً، إثر نزاع بدأ عام 2012 بين الطرفين.
يأتي ذلك فيما تتواصل الأعمال الإنشائية العملاقة، في ميناء حاويات كبير جداً في منطقة جوادر الباكستانية على بحر العرب، وهو أحد الاستثمارات الكبيرة للصين ضمن مشروعها العالمي المعروف بخط الحرير.
واستناداً إلى هذه المخاوف التي تحيط بدبي ومينائها، وتكاد تحوله - كما يقول مراقبون - إلى ميناء داخلي، تستميت الإمارات في تكريس وجودها في اليمن، والذي يبدو أنه يقودها إلى مواجهة خيارات مكلفة، عبرت عنها الأزمة الخطيرة التي نشأت بين اليمن والإمارات على خلفية الإنزال العسكري الإماراتي في محافظة أرخبيل سقطرى، كرد فعل على زيارة لم تكن متوقعة من جانب أبو ظبي؛ لرئيس وزراء يمني إلى جزء مهم من بلاده.
لقد أخطأت دبي التقدير في ما يتعلق بحماية مصالحها الناشئة في اليمن، وسعيها إلى تحصين نفوذها التجاري من التلاشي في المنطقة عبر البوابة اليمنية، حينما سلمت محمد بن زايد زمام المبادرة لترتيبات تتعلق بتكريس هذا النفوذ عبر القوة العسكرية، وعبر استغلال النوايا الحسنة للحكومة اليمنية وضعفها في هذه المرحلة، في إشاعة الفوضى وتحجيم السلطة الشرعية، والمضي قدماً في مخطط تفكيك اليمن وتشطيره.
لقد حددت الصين خياراتها بوضوح، بما يعني أن وجودها في المنطقة (بكل ما يشكله من مصدر تهديد للنفوذ التجاري لدبي والإمارات)، لا يمكن أن يتأثر بزيارة بروتوكولية رفيعة المستوى كهذه. فالصين لا ترى هذه الزيارة سوى جزء من حملة
العلاقات العامة التي تحتاجها في مستهل الحرب التجارية التي تخوضها مع شريكها الأكبر في هذا العالم: الولايات المتحدة الأمريكية.