هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "سفابودنايا براسا" الروسية تقريرا، تحدثت فيه عن روسيا التي تعتبر من القوات الرئيسية المشاركة في الحرب السورية، والتي ستظل من الجهات الفاعلة، التي يستعين بها النظام عند اتخاذه لقرارات مهمة.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته
"عربي21"، إن واشنطن راهنت في بداية الأزمة السورية على تشكيلات مختلفة
من المعارضة تتألف أساسا من العرب لضمان تنفيذ خططها والحفاظ على مصالحها. في
الأثناء، باءت خطط واشنطن بالفشل نتيجة تعويلها على تشكيلات ضعيفة ومتناحرة فيما
بينها، الأمر الذي دفعها للبحث عن خيار بديل والتحالف مع وحدات حماية الشعب
الكردية.
وأضافت الصحيفة أن الأكراد لم يكونوا في بداية
الأزمة السورية، قوة مسيطرة داخل سوريا، لا سيما في ظل اقتصار نفوذهم على مناطق
صغيرة في الشمال السوري. في الأثناء، ساهم اجتياح تنظيم الدولة للمنطقة في تقليص
حجم ممتلكاتهم. ولكن بمجرد تحالفهم مع الولايات المتحدة، انقلبت موازين القوى. في
الحقيقة، دعمت واشنطن التشكيلات الكردية عن طريق توفير المعدات العسكرية وتقديم
المساعدات الإنسانية، فضلا عن الدعم المالي.
وأفادت الصحيفة أن مشاركة التشكيلات الكردية في
تحرير سوريا من قبضة تنظيم الدولة، جعل من هذه الفصائل، واحدة من أكبر القوى
العسكرية والسياسية داخل البلاد. في الأثناء، استقر الأكراد في الشمال السوري،
مطالبين بإنشاء جمهورية فيدرالية.
على صعيد آخر، أدى التدخل التركي والحملات
العسكرية التي شنتها القوات التركية ضد وحدات حماية الشعب الكردية، إلى حرمان
الأكراد من فرصة تعزيز نفوذهم، وإثبات قوتهم من خلال استغلال الدعم السياسي
والاقتصادي للولايات المتحدة. وتجدر الإشارة إلى أن أنقرة تعتبر وحدات حماية الشعب
الكردية منظمة إرهابية، مما دفعها لشن عمليات عسكرية، والعمل من أجل طرد هذه
الوحدات من الأراضي السورية. نتيجة لذلك، تم طرد الأكراد من الشمال والشمال الغربي
للبلاد.
وأوردت الصحيفة أن الولايات المتحدة لم تستطع
معارضة خطة أردوغان، واضطرت لاتباع سياسة التخفيض التدريجي لتمركز وحدات حماية
الشعب الكردية داخل الأراضي السورية. وقد تجلى ذلك عندما سحبت الولايات المتحدة
تشكيلاتها شبه العسكرية (الأكراد) من مدينة منبج الواقعة في أقصى شمال شرق حلب. في
المقابل، دفعت خطوات الولايات المتحدة، التي اعتبرها الأكراد خيانة، وحدات حماية
الشعب إلى التفاوض مع دمشق، وعقد اجتماعات عديدة مع ممثلي النظام السوري.
وأوضحت الصحيفة أنه نتيجة للمفاوضات أزالت
وحدات حماية الشعب الكردية الأعلام من المناطق الواقعة تحت سيطرتها، ورفعت العلم
السوري بدلا من ذلك، كما تنازلت عن المرافق الاستراتيجية الخاضعة لسيطرتها. وتجري هذه الوحدات، في الوقت الراهن، محادثات من أجل الوصول إلى اتفاق بشأن حقول النفط.
وتصب كل الأمور لصالح الأسد، حيث أعلن قادة الأكراد السوريين في الساعات القليلة
الماضية، أنه تم الاتفاق مع سلطات دمشق الرسمية على وضع خارطة طريق لإنشاء دولة
سورية موحدة.
ومن جهته، يرى الخبير العسكري التركي، كرم
يلديرم، أن الإستراتيجية التي اتبعها الأكراد بمثابة خطة لإنقاذ أنفسهم من
التهديدات الموجهة إليهم. وأضاف يلديرم أن الولايات المتحدة لا تعارض فكرة تعاون
الأحزاب الكردية مع النظام السوري، لا سيما أن ذلك يمثل الفرصة الوحيدة التي تخول
للأكراد الحفاظ على نفوذهم داخل سوريا. وفي حال لم يتوقف الأكراد عن المطالبة
بالاستقلال، سيمثل ذلك بداية حرب مع تركيا، التي ترفض وجود دولة كردية على الأراضي
المتاخمة لحدودها.
وبينت الصحيفة أن أردوغان غير قادر على اتخاذ
خطوات عدوانية ضد النظام المدعوم من روسيا، حتى في ظل وجود إدارات كردية في الشمال
السوري. وقد يؤدي تدهور العلاقات التركية الأمريكية في الفترة الأخيرة، إلى تغيير
الولايات المتحدة للنهج الذي تتبعه حيال المسألة الكردية. عموما، يمكن أن يؤثر رفض
أردوغان الإفراج عن القس الأمريكي على الوضع داخل سوريا، حيث تستطيع واشنطن
التراجع عن الاتفاق المبرم بينها وبين أنقرة فيما يتعلق بشمال سوريا، وإعادة تقديم
الدعم لوحدات حماية الشعب.
وذكرت الصحيفة، وفقا لخبير سياسي رفض الكشف عن
هويته، أنه في حال تحقق مشروع فدرلة سوريا، ستكون روسيا القوة الرئيسية في
المنطقة، خاصة في ظل قدرتها على إثبات نفسها كقوة عسكرية وسياسية رئيسية في
البلاد، ونجاح بوتين في الاتفاق مع جميع الأطراف. إلى جانب ذلك، يعتقد المصدر ذاته
أن روسيا قادرة على إنهاء الخلافات بين الأكراد والنظام السوري، الأمر الذي يضمن
عدم تفكك سوريا.
وفي الختام، نوهت الصحيفة إلى عجز الولايات
المتحدة عن التعاون حتى مع حليفها الوثيق في حلف الناتو، حيث تعتبر التدخل التركي
في سوريا بمثابة مشكلة رئيسية بالنسبة لها. ووفقا للخبير الآنف ذكره، سيحدد الجيش
والدبلوماسيون الروس السياسة التي تتبعها سوريا في حال تحقق مشروع الفدرلة أو بقاء
سوريا دولة موحدة.