هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
بعد احتجاز السلطات
الإيطالية للوزير المصري السابق الدكتور محمد محسوب، بطلب من سلطات الانقلاب
العسكري بمصر ثم الإفراج عنه ورفض تسليمه للقاهرة؛ يثار التساؤل حول دلالات الموقف
الإيطالي.
وأطلقت السلطات
الإيطالية سراح وزير الدولة للشؤون القانونية والمجالس النيابية الأسبق محمد
محسوب، بعد احتجازه لنحو 20 ساعة قرب مدينة كاتانيا.
المعارض البارز، كان
قد غادر مصر، إثر الانقلاب العسكري تموز/يوليو 2013، لفرنسا، حيث يقيم بباريس ويعمل
بمهنة المحاماة، وفي 2016، أدرجه "الإنتربول" بالقائمة الحمراء.
وتوترت علاقات القاهرة
وروما على خلفية أزمة مقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني، بالقاهرة 25 كانون
الثاني/يناير 2016، ولكن مؤخرا تكررت زيارات الإيطاليين، ففي 20 تموز/يوليو
الماضي، زار وزير الداخلية الإيطالي ماتيو سالفيني القاهرة، والتقي قائد الانقلاب
عبدالفتاح السيسي، وتبعه وزير الخارجية الإيطالي لمناقشة ملفات مكافحة الإرهاب
والهجرة غير الشرعية، والأزمة الليبية.
القضاء الإيطالي ينتصر
وقال المحلل السياسي
عزت النمر: "لم تتجرأ إيطاليا على تسليم الدكتور، ولم تتحمل كلفته خاصة
داخليا"، مؤكدا أن احتجاز محسوب كان سيمثل إحراجا للحكومة الإيطالية، بل
ويظهرها أنها ذراع للفاشية العسكرية وذنب للاستبداد، مضيفا: "ولا ننسى أن هذا
الأمر ربما يثير مرة أخرى عاصفة يريد لها الجانب الإيطالي أن تهدأ وهي ما جرى للناشط
ريجيني".
النمر، أشار بحديثه
لـ"عربي21"، إلى أنه رغم إفراج السلطات الإيطالية عن محسوب؛ إلا أن
"المصالح المشتركة والمتناقضة بآن واحد بين نظام الانقلاب والجانب الإيطالي
بالملف الليبي، ربما تستثمر كمحور لعقد صفقات ومصالح، وهذا ما يظل هاجسا يتخوف
منه؛ فضلا عن ملف ريجيني وما له من تدخلات إقليمية وأدوار قذرة من خلال صفقات سلاح
وغيره برعاية محمد بن زايد ودولة الامارات".
وبين الباحث السياسي،
أنه "لا يمكن اعتبار الموقف الإيطالي شائنا خاصة وأن الأمر لم يتعد مرحلة
التحقيقات الطبيعية مع النشرات (السوداء) التي يصدرها الانقلاب وقضاؤه"،
مضيفا: "وبالفعل ظل للقضاء الإيطالي كلمته العليا واحتوى أي صفقات قذرة يمكن
أن يتورط فيها السياسيون الإيطاليون كما تورطوا بتبريد ملف ريجيني".
ويعتقد النمر، أن
الواجب الآني "توحد النخبة وحشد الدعم بالوسائل القانونية والإعلامية حفاظا
على حياة المعارضين بالخارج وحريتهم أولا، ثم حرمان الانقلاب من زهوة انتصار
زائف"، متوقعا أن "يكون مثل هذا سابقة تحفظ حقوق النخبة المصرية وحركة
رموزها".
بدوره يرى الكاتب والصحفي قطب العربي في حديثه لـ"عربي21، أن "احتجاز محسوب، بدعوى تنفيذ طلب الإنتربول أمر مستغرب ومستهجن، ذلك أنه طلب قديم، ولم تعبأ أي دولة أوروبية به".
وحول المواقف المماثلة
لمحاولات تسليم معارضين مصريين، أشار العربي، إلى أنه "ليست هذه هي الحالة
الأولى فقد تسلمت القاهرة بعض المعارضين من السعودية والكويت وإسبانيا؛ ولكنها
فشلت في حالتي الإعلاميين أحمد منصور وعبد
الرحمن عز، بعد أن حدثت تحركات سريعة وهو ما جرى مع محسوب".
دولة قانون
من جانبه قال مدير
مؤسسة عدالة لحقوق الإنسان، المحامي محمود جابر، إن "محسوب شخصية سياسية؛
بينه وبين النظام المصري خصومة سياسية شأنه شأن كافة المعارضين؛ لذا فالنظام طلب
من البوليس الدولي (الانتربول) وضعه على قوائم المطلوبين".
جابر، أضاف
لـ"عربي21"، أن "هناك خطرا كان يهدد حرية وحياة الدكتور
محسوب كونه معارض سياسي"، مشيرا لنجاح التحرك الحقوقي والقانوني للإفراج عن
محسوب، ومنع ترحيله لمصر، مؤكدا أن "إيطاليا دولة قانون وترعى حقوق
الإنسان وتعمل على حمايتها؛ ولذا أطلقت سراح الدكتور ورفضت تسليمه للقاهرة".
انتصار المعارضة
توقيف محسوب، عضو
الهيئة العليا لحزب الوسط (المعارض)، سرعان ما أثار غضب النشطاء والمعارضين، عبر
مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن الإفراج عنه دفعهم للحديث حول انتصار المعارضة
الموحدة ضد الانقلاب.
وتحدثت الكاتبة
الصحفية أسماء شكر، عبر "فيسبوك"، عن دور متكامل للمعارضة من جماعة
الإخوان المسلمين، ومرورا بالحقوقيين والمحامين والسياسيين، وانتهاء بإعلام رفض
الانقلاب وفضائيات "وطن" و"مكملين" و"الشرق"، وأيضا
"الجزيرة".
واعتبر الأكاديمي
المصري بالولايات المتحدة محمود وهبة، أن رفض روما تسليم محسوب للقاهرة، هزيمة
للمخابرات المصرية، قائلا عبر "فيسبوك": "أعجبني اتفاق الجميع
إخوان وغير إخوان".
وأشار الإعلامي طارق
قاسم، عبر "فيسبوك"، إلى أن "الساعات التي احتجز فيها محسوب، وحدت
أغلب الحريصين على العمل ضد نظام السيسي، بل وحدتهم مع فاعليات عربية كثيرة
بالخارج"، متسائلا: "ألا يستحق الوطن أن نتوحد لأجله؟"، مضيفا: "أتمنى
أن تكون أزمة محسوب نقطة بداية".