تدور هذه الأيام أحاديث عدة عن محاولات تُبذل لإعادة
اللاجئين الفلسطينيين المهجرين من
سوريا والمتواجدين حالياً في دول الجوار السوري ومصر وأوروبا، والذين تقدر وكالة الأونروا أعدادهم بنحو 120 ألفاً من أصل ما يزيد عن نصف مليون لاجئاً كانوا متواجدين في سوريا قبل الحرب.
البعض يتحدث عن مبادرات خاصة تتم عبر تسهيلات تقدمها السفارات ومنظمة التحرير الفلسطينية، والبعض الآخر يتحدث عن شملهم ضمن المبادرة الروسية التي لم تتبلور بعد، والتي تقول التسريبات إن روسيا ستكون الضامن الوحيد فيها لحياة المهجرين الذين ستتم إعادتهم إلى سوريا، في حين تحدثت مصادر تركية عن نية الحكومة التركية إعادة 250 ألف ضيف سوري خلال المئة يوم القادمة، دون تحديد ما إن سيكون ضمنهم لاجئين فلسطينيين سوريين.
لا شك أن المراقب للوضع يرى أن جميع الجهات الدولية تتحدث خلال هذه الفترة عن إعادة اللاجئين إلى سوريا، بل حتى إن هناك خطوات حقيقية على أرض الواقع بدأ اللاجئون الفلسطينيون السوريون يرون مقدماتها في أماكن تواجدهم في لبنان، وحتى في قطاع غزة الذي من المفروض أن يكون اللاجئون قد عادوا إلى أرضهم ولا يتم إعادتهم إلى مخيماتهم في الشتات. لكن ربما هي ظروف السياسة الدولية أولاً، والحصار المطبق على غزة ثانياً، ساهما بأن يعاد تهجير فلسطينيي سوريا مرة جديدة بعد أن عادوا إلى أرضهم، حيث أعلنت مؤسسات السلطة الفلسطينية عن استعدادها لتسهيل عودة فلسطينيي سوريا إلى مخيماتهم.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: من هي الجهة التي تضمن سلامة فلسطينيي سوريا في حال عودتهم إلى سوريا؟ من يضمن عدم تعرضهم لأي عمل من شأنه المساس بحريتهم وحياتهم؟ من يضمن سلامة اللاجئين الشباب في سن التجنيد الإجباري في سوريا؟
والسؤال الثاني هنا: إلى أين سيعود فلسطينيو سوريا؟ هل سيعودون إلى مخيماتهم التي دمرت في دمشق وريفها ودرعا وحلب، والتي لم تسلم من القصف والدمار؟! وهل الأونروا قادرة اليوم على دعم اللاجئين الفلسطينيين السوريين في ظل الأزمة المالية الخانقة التي تمر بها؟ هذه الأسئلة في المناطق التي تعود لسيطرة النظام السوري.
وإن انتقلنا إلى مناطق سيطرة المعارضة، وتحديداً إلى الشمال السوري، فمخيم عين بلوط الذي أقيم مع عدد من المخيمات حديثاً في الشمال السوري، مستقبلاً المئات من اللاجئين الفلسطينيين السوريين الذين تم تهجيرهم من مخيم اليرموك إلى الشمال السوري، خير شاهد على مأساة الفلسطيني السوري في الشمال السوري، حيث لا تزال معاناتهم مستمرة، فهم في خيام وسط حرّ النهار وبرد الليل، في ظل نقص الخدمات الأساسية من ماء ورعاية طبية. وهنا يظهر لنا جلياً عدم قدرة المخيمات في الشمال السوري على استقبال المزيد من اللاجئين.
وإن تناولنا موضوع ضمان سلامة العائدين من فلسطينيي سوريا، يظهر لنا أن اللاجئين الفلسطينيين السوريين لا يزالون مكشوفي الظهر دون سند حقيقي حتى الآن، وذلك في ظل عجز واضح لمنظمة التحرير والسلطة الفلسطينية ليس للإفراج عن أكثر من 1600 معتقل فلسطيني، بل بمعرفة مصيرهم فقط! فكيف لجهة عجزت عن معرفة مصير المعتقلين خلال الحرب أن تضمن سلامة العائدين إن عادوا؟
أما بقية الفصائل الفلسطينية، فهي إما غير مرغوب بها في سوريا أو صامتة أو متماشية مع سياسية النظام في دمشق؟ وهذا ما يفقدها القدرة على ضمان سلامة فلسطينيي سوريا، أو لعب أدنى دور بذلك.
وإن تحدثنا عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)، فقبل بداية الحرب في سوريا كانت الأونروا تعلن أنها غير معنية بحماية اللاجئين الفلسطينيين، وتربط ذلك بمسؤولية الدولة المضيفة للاجئين، وإن تحدثنا عن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، لوجدنا أنها هي الأخرى تتهرب من تحمل أي مسؤولية تجاه فلسطينيي سوريا، وذلك بحجة تجنبها للاشتباك بأداء الأدوار بينها وبين منظمة دولية أخرى وهي الأونروا، وأمام جميع تلك التساؤلات يبقى السؤال الرئيسي، فلسطينيو سوريا من يضمن سلامتهم إن عادوا؟