رغم نفيها المتكرر لصحة ما يثار حول هذا الأمر،تتجه
الحكومة
المصرية نحو خفض عدد الموظفين من خلال سلسلة من الإجراءات مازال بعضها قيد
الدراسة في محاولة لتقليص النفقات، حيث تستحوذ أجور الموظفين على ما يقرب من 20% من
موزانة الدولة، بنحو 268 مليار جنيه (15 مليار دلاور).
وتستهدف الحكومة خفض عدد الموظفين بأكثر من مليونين
ونصف المليون موظف، وفقا لاستراتيجية التنمية المستدامة (رؤية مصر 2030)، ليصبح هناك
موظف لكل 40 مواطنا، بدلا من موظف لكل 16 مواطنا الآن.
إلا أن خبراء ومحللين اقتصاديين، أكدوا في تصريحات
لـ"
عربي21" أن الحكومة مطالبة بخفض أعداد الموظفين في جهازها الإداري المتضخم
استجابة لشروط
صندوق النقد الدولي، وأن تقليص عددهم لن يكون بشكل مباشر من خلال
"الفصل" أو "الاستغناء"، إنما من خلال عدة خطوات.
خطوات خفض الموظفين
وأوضحوا أن من بين تلك الخطوات، فتح باب المعاش المبكر
عند سن الـ 50 عاما بدلا من 60، وهو نظام اختياري وغير إجباري أقرته الحكومة، وإغلاق
باب التعيينات الجديدة إلا في أضيق الحدود، باستثناء الجيش والشرطة، خاصة أن هناك نحو
200 ألف موظف يخرجون على المعاش سنويا، وأن نحو 38% من الموظفين ما بين الخمسين والستين
عاما، وأخيرا تقليص عدد أيام عمل الموظفين إلى أربعة أيام أسبوعيا.
وتشير البيانات الرسمية إلى تقليص عدد الموظفين بالفعل
بشكل تدريجي، حيث تراجع عددهم بنحو 800 و900
ألف موظف ما يين عامي 2015 و2017 ليصل إلى نحو خمسة ملايين موظف، بدلا من خمسة ملايين
وتسعمئة ألف موظف، وسط توقعات باستمرار تراجعهم خلال العامبن المقبلين.
تخبط الحكومة
وعلق الخبير الاقتصادي، حسام الشاذلي، بالقول:
"ليس هناك شك من أن
القطاع العام يعاني من تخمة متزايدة في عدد الموظفين؛ نتيجة
قانون توظيف عام 1980 الذي تم إقراره بسبب حالة البطالة المتزايدة آنذاك، ولا يختلف
أحد على كون هذا القطاع في حاجة ضرورية لإعادة هيكلة محترفة، من أجل تحسين فرص الاستفادة
من الموارد البشرية في مصر".
وأضاف لـ"
عربي21": إلا أن الحكومة المصرية
تفتقر لدراسات جادة من أجل إعادة هيكلة القطاع العام، والتحدي الأكبر لهذا المشروع
يكمن في الفشل المتوالي في خلق أي نمو اقتصادي مطرد، يمكنه أن يوفر الملاءة التعويضية
المطلوبة لمثل هذا المشروع".
ورأى أن "قرارات إعادة الهيكلة الوظيفية يجب
أن يسبقها مشروع مجتمعي متكامل يوفر فرص عمل بديلة، ويشجع الاستثمارات الصغيرة والمتوسطة،
ويمنح فرصا وبدائل لقطاع الخريجين، وكذلك قطاع المتضررين من سياسات إعادة الهيكلة".
لافتا إلى أن "ما يثار حول تقليل أيام العمل،
أو المعاش المبكر، ليس إلا حلقة أخرى في استراتيجيات ذلك الاقتصاد المسموم في مصر، الذي يستكمل متطلبات قرض صندوق النقد الدولي، غير عابئ بعواقب تلك السياسات على أفراد
الشعب".
وتساءل الشاذلي: "كيف يمكن تفهم إقرار البرلمان
لقوانين تعفي نوابه من الضرائب، إضافة إلي الزيادات المضطردة والمتوالية في مرتبات
الجيش والشرطة والقضاء، وهي فئات غير منتجة، لا لهدف إلا لأنه الأداة الرئيسية في قمع
شعب كامل قد أذله الفقر وأضعفته الحاجة".
شروط صندوق النقد
وأرجع المحلل الاقتصادي، محمد السيد، توجه الحكومة
المصرية لتقليص عدد الموظفين "استجابة لمطالب صندوق النقد الدولي"، مشيرا
إلى أن "الحكومة تتبع الآن عدة طرق لتحقيق ذلك، منها عدم تعيين موظفين جدد بدلا
ممن انقضت خدمتهم، وممن اختاروا الخروج من
الخدمة مبكرا".
وتابع: "بالإضافة إلى تطبيق قانون الخدمة العامة
الذي وافق عليه برلمان الانقلاب، والذي يعطي للدولة الحق في فصل الموظف من دون إنذار
لانقطاعه عن العمل، أو من خلال تحاليل المخدرات التي سيتم إجراؤها على العاملين بالجهاز
الإداري للدولة".
وحذر السيد من تمادي الحكومة في تقليص عدد الموظفين
دون بدائل ذات جدوى، قائلا: "طبقا لهذه السياسة الخاطئة، سيكون هناك آثار سلبية
على الخدمة المقدمة للمواطن؛ نتيجة عدم وجود أصحاب الخبرات لإنجاز الأعمال، وأيضا آثار اقتصادية واجتماعية على من طالهم هذا الغبن، وألقي بهم إلى المجهول"، لافتا إلى أن "موظفي
الشرطة والجيش، أذرع السيسي، فلن ينالهم سوء، بل هم في مأمن مادام السيسي يحكم البلد بالحديد والنار".