هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قبيل ساعات على بدء اجتماع المجلس المركزي، المقرر انعقاده في مدينة رام الله الأربعاء، تواجه حركة فتح ضغوطا سياسية غير مسبوقة، بعد اتساع رقعة الأحزاب الرافضة للمشاركة في هذا الاجتماع.
وأعلنت الجبهتان الشعبية والديمقراطية، والمبادرة الوطنية، انسحابها من اجتماعات المركزي، لتنضم لحركتي حماس والجهاد الإسلامي، الغائبين الأبرز من وجود أي تمثيل سياسي في منظمة التحرير.
ويطرح غياب الجبهة الديمقراطية، الحليف التاريخي لحركة فتح، عن اجتماع المركزي تساؤلات عن مدى تدهور العلاقات بين الطرفين، خصوصا بعد سحب الرئيس محمود عباس ملف دائرة شؤون المغتربين من تيسير خالد، القيادي في الديمقراطية، الذي تسيطر عليه منذ 22 عاما.
وشهدت الأيام الماضية شن التلفزيون الرسمي الفلسطيني هجوما على الجبهة الديمقراطية، في محاولة لشيطنتها، واصفا قادتها بالأقزام، في هجوم إعلامي هو الأعنف الذي تمارسه السلطة ضد الديمقراطية.
فتح تحتكر السلطة
وفي سياق متصل، أكد عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية، رمزي رباح، أن "رفض مشاركة الجبهة باجتماعات المجلس المركزي جاءت انطلاقا من مسؤوليتها السياسية والأخلاقية بعدم المشاركة في اجتماع تمارس فيه حركة فتح كل أشكال السلطة، ولا تأخذ بعين الاعتبار الوزن الحقيقي للأحزاب الأخرى".
وتابع: "لذلك، فقد اشترطنا في الجبهة أن تتم ترجمة القرارات التي اتخذها المجلس الوطني والمركزي مؤخرا، والتي من أبرزها سحب الاعتراف بإسرائيل، وإعادة بناء منظمة التحرير، لتضم كل أطياف اللون الفلسطيني، بما فيها حركتا حماس والجهاد الإسلامي، ورفع العقوبات فورا عن قطاع غزة".
وأضاف رباح، في حديث لـ"عربي21"، أن "غيابنا عن اجتماع المركزي لا يعني تنازلا عن أحقيتنا بمقاعدنا في منظمة التحرير، لذلك نحن نحاول من خلال رفض المشاركة أن نمارس ضغطا على جميع الأطراف لأن تعيد النظر في مواقفها السياسية، لنستطيع تحقيق الوحدة لمواجهة صفقة القرن".
وفي ظل هيمنة حركة فتح على دوائر صنع القرار في منظمة التحرير بعد غياب أكبر 4 فصائل في الساحة الفلسطينية بتمثيل أي إطار قيادي في اللجنة التنفيذية، يرى مراقبون أن منظمة التحرير دخلت مرحلة جديدة تقوم على مبدأ اكتساح فريق الرئيس محمود عباس لمفاصل القرار السياسي في المنظمة.
وبموازاة ذلك، شهدت المرحلة التي تلت اجتماع المجلس الوطني تغييرات أجراها الرئيس محمود عباس في تركيبة منظمة التحرير، كان أبرزها توليه دائرة الصندوق القومي للمرة الأولى، وإدارته لملف شؤون المغتربين، وتوزيع باقي دوائر اللجنة التنفيذية على قادة فتح الجدد، كعزام الأحمد وزياد أبو عمرو، مع تغييب واضح للحرس القديم من فتح من مواقعهم القيادية، كناصر القدوة ونبيل عمرو وعيسى قراقع.
الدفع بخيارات بديلة
إلى ذلك، أكد أستاذ العلوم السياسية، عبد الستار قاسم، أن "ما تعيشه منظمة التحرير في دورتها الحالية بتولي قادة فتح لمفاصل القرار السياسي أمر ليس جديدا على المنظمة، ولكن طريقة إدارة الرئيس عباس للمنظمة القائمة على مبدأ الإقصاء لكل من يفكر في معارضة قراراته، وتغول قادة جدد من فتح ضمن طاقم اللجنة التنفيذية، يعطي إشارة واضحة بأن الرئيس يرى في منظمة التحرير مؤسسة تتبع لحركة فتح وليست منظمة تمثل الشعب الفلسطيني ولو بالحد الأدنى".
وأضاف قاسم، في حديث لـ"عربي21"، أن "غياب التمثيل النسبي للفصائل الفلسطينية في منظمة التحرير، خصوصا بعد مواقف الجبهتين الشعبية والديمقراطية الرافضتين لهيمنة الرئيس على القرار السياسي سواء بالمنظمة أو السلطة، يدلل على فقدان المنظمة شرعيتها من جهة، وهو ما قد يدفعها لتبني موقف كانت تعارضه في السابق، وهو إيجاد جسم بديل لمنظمة التحرير للخروج من عباءة فتح التي احتكرت كل مؤسسات الدولة".
من جانب آخر، يرى الكاتب والمحلل السياسي، مصطفى الصواف، أنه "لا يمكن تصور أن تبقى منظمة التحرير ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني في ظل غياب أحزاب وفصائل سياسية وازنة في التركيبة السياسية للمجتمع الفلسطيني، كحركتي حماس والجهاد والجبهتين الشعبية والديمقراطية، وهذا يعود بالدرجة الأولى إلى فشل الرئيس في إدارة المنظمة على مبدأ الشراكة السياسية وليس على مبدأ الإقصاء".
وأضاف الصواف في حديث لـ"عربي21": "سيعقد المجلس المركزي مساء اليوم، كما عقد المجلس الوطني في السابق بمشاركة منفردة من حركة فتح، ولكن مع مرور الوقت ستبقى المنظمة تفتقد لمرجعية حقيقية تعطيها صفة التمثيل السياسي للشعب الفلسطيني، لذلك فنحن على أبواب مرحلة جديدة أسسها محمود عباس، وهي مزيد من الانقسام داخل البيت الفلسطيني، حتى تصفية ما تم بناؤه خلال 70 عاما من النضال".