هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
لا تتردد سلطات الاحتلال الإسرائيلي في استخدام مختلف الأدوات والقوانين، التي تغلفها وفق خبراء بغلاف تطوير زراعي مثل "البستنة"، وذلك عن طريق إحكام سيطرتها الكاملة على مدينة القدس المحتلة.
وأوضح خبير الاستيطان والخرائط ونظم المعلومات
الجغرافية خليل التفكجي، أن لدى الاحتلال العديد من "القوانين والأدوات
والأساليب، التي يسعى من خلاها إلى إحكام سيطرته على مدينة القدس ومصادرة أراضيها،
وهو يستخدم كافة القوانين من أجل ذلك ومنها؛ قانون المصلحة العامة، والذي يقضي
بإقامة متنزهات لكل الجماهير، لكن تم تسخيره لمصلحة الاحتلال الإسرائيلي".
ونوه في حديثه لـ"عربي21" إلى أن الاحتلال
"استخدم أيضا قانون التنظيم والبناء لمصادرة الأراضي، والإبقاء عليها كاحتياط
استراتيجي للبناء الاستيطاني الإسرائيلي، واستخدم أيضا قانون أملاك الغائبين،
وقانون الجيل الثالث، واليوم يستخدم أسلوب البستنة والتطوير".
وفسر التفكجي ذلك بأنه "السيطرة على حيز من
الأرض، لحجزه للمستقبل من أجل فرض برنامجه (التهويدي) والمشهد الذي يريد على داخل
مدينة القدس".
اقرأ أيضا: مخطط إسرائيلي لإغلاق "الباشورة".. أقدم أسواق القدس
ولفت إلى أن ما حدث في "وادي الربابة" أو
ما يسمى قديما بـ"وادي هنوم" (وهو أحد أحياء بلدة سلوان جنوب المسجد
الأقصى)، أن الاحتلال يعتبره "جزء من الحوض المقدس، الذي يعتبر أيضا جزءا من
المنطقة التاريخية التي يعتقدون أن مدينة يهودا كانت فيها، وبالتالي يجب المحافظة
عليه (وفق المفهوم الإسرائيلي السيطرة عليه)، ويجب أن يبقى باليد الإسرائيلية".
وأضاف
أن "النسبة لسلطات الاحتلال فيما يخص وادي الربابة، لا تصلح المصادرة عبر
قانون المصلحة العامة، لذا اعتبروه منطقة بستنة وزراعة لفترة محددة، دون الخلل
بملكية الأرض".
خدمة الاستيطان
وأكد خبير الاستيطان والخرائط أن "هذه الأرض
إذا أخذت من قبل الاحتلال للبستنة أو الزراعة لن تعود إلى أصحابها، بل تصبح
احتياطيا استراتيجيا لبناء أي مستوطنة إسرائيلية جديدة في القدس".
وتابع: "سيقام في هذه المنطقة جسور معلقة تربط
ما بين الجنوب والشمال؛ بمعنى متنزهات للصالح الإسرائيلي، وترتبط أيضا بمشروع
التلفريك الذي سيقام ويربط الشطر الغربي من القدس بمنطقة سلوان وجبل الطور، وهذا
يدلل على أن الجانب الإسرائيلي يريد أن يسيطر على ما تبقى للفلسطينيين داخل مدينة
القدس المحتلة".
اقرأ أيضا: بكيرات: إسرائيل تنفق عشرة ملايين دولار يوميا لتهويد القدس
ونوه التفكجي إلى أن "إسرائيل توجد وتفسر
القوانين المختلفة لمصلحتها، وحتى أن المحاكم والتشريعات الإسرائيلية هي في
النهاية لخدمة الاستيطان"، مؤكدا أن "المؤسسات والجمعيات الإسرائيلية
الاستيطانية التي تعمل داخل القدس، مرتبطة بالحكومة الإسرائيلية".
من جانبه، أوضح الناشط المقدسي فخري أبو دياب، وهو
عضو "لجنة الدفاع عن سلوان"، أن "الاحتلال يعمل بشكل مستمر على
تغليف مشاريعه الاستيطانية وتهويد القدس، بغلاف تطويري، زراعي، سياحي وبستنة،
وغيرها، وذلك من أجل تسويقها وتمريرها وتقليل المعارضة الداخلية والخارجية الدولية
لها".
ملامح المدينة
وأضاف في حديثه لـ"عربي21" أن
"الكثير من تلك المشاريع الاستيطانية التهويدية، تأتي بمسميات مختلفة من قبل
سلطة الطبيعة في إسرائيل؛ تحت بند تحسين وحماية وتطوير الطبيعة، والتي تنقلب فيما
بعد لمشاريع استيطانية".
ولفت أبو دياب إلى أن الاحتلال "يعمل بشكل كبير
على مشاريع تغيير طابع وواقع مدنية القدس، وتشتيت المشهد الحضاري للمدينة المقدسة،
بهدف طمس معالمها التاريخية والإسلامية والمسيحية".
وأكد
أن "أحد أهم أهداف مشاريع البستنة الإسرائيلية في القدس، هو تقليل وتحجيم عدد
السكان المقدسيين، وذلك بحرمانهم من الانتفاع بالتوسع بالبناء في أراضيهم المصادرة
بحجة البستنة"، منوها إلى أن سلطات الاحتلال تقوم باختيار مسميات توراتية تلمودية للحدائق ومشاريع البستنة المختلفة، كي تساهم في غسل أدمغة زوار القدس من
مختلف الجنسيات".
وذكر الناشط المقدسي، أن "أكثر من 80 مشروعا إسرائيليا، بدأت باسم تحسين ملامح المدينة وتطويرها، ومن ثم أصبحت جميعها مستوطنات
إسرائيلية يهودية، ومسارات تلمودية وحدائق توراتيه".
وأشار إلى أن سلطات الاحتلال "تركز على مثل تلك
المشاريع الخاصة بالبستنة، في البلدة القديمة ومحيطها وفي المناطق الأقرب للمسجد
الأقصى مثل؛ حي الشيخ جراح، سلون وجبل الزيتون".
ونبه أبو دياب، إلى أن "العديد من مساحات
الأراضي المصادرة تحت غطاء البستنة، تم إقامة حدائق عامة عليها مثل حديقة
الاستقلال التي أقيمت على أراض مقبرة مأمن الله، ومن ثم تحولت تلك الحدائق لتكون
خاصة بالمستوطنين، وينتهي بها المطاف لتكون حدائق توراتية".