هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
بعد غياب طويل، عاد السياسي المصري حمدين صباحي لانتقاد سلطة الحكم العسكري بمصر، ودعا الشعب لتغييرها بيده، وطالب بالإفراج عن المعتقلين السياسيين.
المرشح الرئاسي السابق صباحي قال الاثنين، بمؤتمر
الحركة المدنية الديمقراطية تعليقا على حملة الاعتقالات الأخيرة، إن "السلطة
الحاكمة معادية للشعب، واخترقت الدستور وأهانته، وتقبض على أصحاب الرأي لمجرد أنهم
قالوا كلمة حق بوجه سلطان جائر".
وأكد أن "هذه السلطة تضر بالشعب ومصالح
الدولة"، داعيا الشعب لتغيير السلطة التي اتهمها بـ"الفساد والقمع
والغلاء والاحتكار والتبعية للخارج"، موضحا أن "إسقاطها واجب على كل
مصري وأن يقف ضدها بقلبه ولسانه ويده".
13 بلاغا ضده
وعلى الفور كالت الصحف والمواقع التابعة للنظام
الاتهامات لصباحي، واتهمته صحيفة الأهرام الحكومية بأنه يغازل جماعة الإخوان
المسلمين بعد فشله السياسي، كما أنه وبمجرد انتشار كلمة صباحي، عبر مواقع التواصل
تقدم المحامي سمير صبري ببلاغ للنائب العام يتهمه بالتطاول على رئيس الدولة،
والقوات المسلحة ووزارة الداخلية، مطالبا بتحريك 12 بلاغا سابقة ضد صباحي، حسب
صحيفة "اليوم السابع".
وحول دلالات ظهور صباحي وانتقاده للنظام بهذا
التوقيت، قالت الكاتبة والناشطة السياسية منى إبراهيم: "يجب أن نعترف أنه
موقف مشرف يحسب له وسيذكره التاريخ"، مضيفة أن "مجرد تجميع القوى
المعارضة بأجواء القمع والاٍرهاب للمعارضين والخروج بمؤتمر صحفي لرفض سياسة
النظام؛ فهذه جرأة تحسب له خاصة أن السيناريو معروف وهو تسجيل أسماء الحاضرين
وتسليمها لمجموعة محامين لتلفيق تهم باطلة".
اقرأ أيضا: الحركة المدنية تطالب بالإفراج عن "معتقلي العيد" بمصر
المعارضة المصرية تساءلت بحديثها لـ"عربي21"، حول مدى ما حققه المؤتمر من طموحات للمعارضين الغاضبين، وحول كونه مجرد حديث شجب وصراخ لا يرقى ليحقق ما طالب به السفير معصوم مرزوق، مضيفة تساؤلها: "لماذا لم يتبن المؤتمر مبادرة السفير واستكمال إجراءاتها، حتى الوصول إلى المؤتمر الشعبي أو على الأقل الصحفي 31 آب/ أغسطس؟"، موضحة أنه "وبهذا يكون لتجمعهم فاعلية تنفذ على أرض الواقع".
وقالت إبراهيم "يؤسفني أننا نجتمع اعتراضا على
الاعتقال، ولم نتحد لمساندة المبادرة ودعم السفير عندما كان حرا والوصول لنقطة اتفاق تلتقي عندها
المعارضة"، مؤكدة أنه "برغم ذلك فإنني أتقدم لصباحي بجزيل الشكر متمنية
الحرية لكل المعتقلين السياسيين".
3 احتمالات ليس بينها الشجاعة
من جانبه، قال مدير المعهد الدولي للعلوم السياسية و
الاستراتيجية بإسطنبول، الدكتور ممدوح المنير: "رغم الكلمات القوية التي
قالها معارضة للنظام؛ إلا أن صباحي لا
يمكن أن يتكلم هكذا من تلقاء نفسه، فهو من رسّخ عند شريحة كبيرة من النخبة أو الشعب أنه كومبارس أو وكيل لأطراف
أخرى يمثّل واجهتها".
وتوقع المنير بحديثه لـ"عربي21" أن
"تكون تصريحاته جزءا من بقايا صراع الأجنحة داخل النظام، وأن أحد هذه الأجنحة
يوجهه لفعل ذلك، كما شجّعت سابقا الفريق
سامي عنان، على الترشح"، مبينا أن "هناك احتمالا آخر أن النظام يستخدمه كنقطة جذب لمعرفة خصومه بالداخل".
وأضاف الكاتب والمحلل السياسي أنه "بجميع
الاحتمالات لا يمكنني تقبّل فكرة أن هذه موجة شجاعة ووطنية أصابت الرجل، لأنه حدثت
قبل الاعتقالات الأخيرة كوارث أسوأ بكثير
من هذه ولم ينطق حمدين، بكلمة واحدة".
وختم بالقول إنه "للأسف بالدول الشمولية كمصر
لا يمكنك سوى التكهن وتحليل المواقف، لغياب المعلومة والشفافية".
وقال المحامي الحقوقي عمرو عبدالهادي، إن
"صباحي لا يتحرك إلا بوازع من الأجهزة الأمنية التي سيطرت عليه وعلى أبنائه"،
مضيفا أنه "لا يتحرك ولا ينطق بكلمة ضد الجيش والسيسي؛ إلا بدعم من الدولة
العميقة على أقل تقدير".
اقرأ أيضا: اعتقال مرزوق بمصر بعد مبادرة له انفردت "عربي21" بنشرها
السياسي والمعارض المصري أضاف لـ"عربي21"،
أن "صمته عن اعتقال أحد رجاله وضعه بمأزق سيئ"، مشيرا إلى أنه "من
لا يحمي رجاله لن يُعتبر في يوم من الأيام".
وحول إمكانية أن يقود ظهور صباحي لتوافق مفقود بين
قوى المعارضة، أكد عبدالهادي أن "صباحي لا يضيف مقدار ريشة لمناهضي الانقلاب
لأنهم معتمدون على أنفسهم منذ 30 حزيران/ يونيو 2013، وما قبلها".
عبدالهادي، يعتقد أيضا أن "صباحي تحديدا شريك
في دماء المصريين منذ 30 يونيو إلى الآن"، مشيرا إلى أن "مصيره المحاكمة
عاجلا أم آجلا"، موضحا أنه "مع هذا النظام ضائع ومع غيره ضائع، وأن لعبة
المقامرة هذه هي واجب الوقت الآن، فالسيسي على شفا مقبرته ولا يتحمل أي تحرك ضده".
وشدد عبد الهادي على أن "الوحيد في القادمين من
30 يونيو الذي ما زال له اعتبار ليس أيمن نور ولا حمدين صباحي ولا معصوم مرزوق، بل
هو محمد البرادعي الذي يستطيع أن يحدث فارقا مع المعارضة رغم أنه أيضا شريك
الانقلاب"، بحسب تعبيره.
ورقة محروقة
وحول توقعاته للحالة المصرية والحراك السياسي في الفترة
المقبلة، استبعد الكاتب الصحفي أسامة الألفي، أن تشهد الشهور القليلة المقبلة
جديدا، موضحا أن "القبض على السفير معصوم، وتقديمه للمحاكمة بمثابة رسالة
تؤكد عزم السلطة على مواجهة أية محاولة للخروج على النظام بقوة"، مؤكدا أن
"هذا الموقف جمد أي حراك سياسي داخلي له رؤية بعدما أدرك الجميع الرسالة
وفهموا أبعادها".
وقال مساعد رئيس تحرير الأهرام الأسبق في حديث
لـ"عربي21" إن "صباحي بمواقفه المتلونة صار ورقة محروقة لا تأثير
شعبيا ولا شعبية لها بعدما خسر تأييد حلفائه الناصريين"، مضيفا: "إنني لا
أعتقد أن يلجأ لهجوم حقيقي على النظام، فهو كعادته يمسك العصا من الوسط فمصالحة
تجيء بالمرتبة الأولى لاهتماماته"، مبينا أنه "ليس من مصلحته الدخول
بصدام دون قاعدة شعبية يرتكز إليها".
وتابع الألفي: "لا أتوقع جديدا سوى محاولة
الرئيس خلق جسور بينه وبين الشعب عبر تسريبات إعلامية لتبنيه حالات إنسانية؛ مثل
قضية الأب الذي اعترف بقتل طفليه وما نقل عن توجيهاته بحماية خاصة له واكتشاف
حقيقة الجريمة"، مشيرا إلى أن هذا الأمر "يلقى قبولا لدى بسطاء الناس
ويتخذه أنصار الرئيس دلالة على عدم انفصاله عن الشعب".