هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثار تقرير فريق الخبراء التابع للمفوضية السامية لحقوق الإنسان، الصادر الثلاثاء، بشأن دور التحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن، خصوصا الانتهاكات الجسيمة ونوعيتها والمتورطة بها دولة الإمارات، ثاني أكبر قوة في هذا التحالف العسكري، تساؤلات عدة حول انعكاساتها على مشاركتها في الحرب الدائرة بالبلاد منذ أكثر من ثلاثة أعوام.
وبالنظر إلى نوعية الانتهاكات الإماراتية التي أشار إليها التقرير، والتي وصلت حد "قيام ضباط إماراتيين باغتصاب معتقلين يمنيين ضمن عمليات تعذيب واسعة في السجون التي تديرها قواتها وأخرى موالية لها، في مدينة عدن (جنوبا)"، وهو ما قد يضع الحكومة اليمنية الشرعية، دون غيرها، في موقف لا تحسد عليه، أمام مؤيديها.
عدم اكتراث
ويرى الكاتب والمحلل السياسي اليمني، ياسين التميمي، أنه من السابق لأوانه الحديث عن رغبة سعودية في التحرر من عبء المشاركة العسكرية الإماراتية ضمن هذا التحالف.
وقال في حديث خاص لـ"عربي21" إن السعودية لا تكترث لهذه الانتهاكات، بل هي مستفيدة سياسيا وجيوسياسيا من هذه التجاوزات الخطيرة، لا سيما أنها تأتي متزامنة مع تغير في العقلية السياسية السعودية، التي أصبحت مقامرة ولا تكترث للحسابات الدقيقة بشأن الانعكاسات الخطيرة لهذا الاستنزاف المستمر للكرامة الوطنية لليمنيين.
ووفقا للكاتب التميمي، فإن البعد الإنساني في حرب التحالف السعودي الإماراتي يزداد وطأة في ظل المعلومات الموثقة فيما يتصل بالانتهاكات الخطيرة التي تعرض ويتعرض لها يمنيون على أيدي القوات الإماراتية وأدواتها في عدن.
وأضاف أن تقرير مجلس حقوق الإنسان يتحدث عن تزايد عدد القتلى المدنيين والأطفال جراء الغارات، وأن من المؤسف أن هذا يتجاوز الأخطاء العرضية، لتصبح غارات التحالف سلسلة من الأخطاء التي لا تنتهي في حرب ليس لها أهداف واضحة.
وأكد أن تعرض موظفين يمنيين لانتهاكات جنسية ضمن عمليات تعذيب في عدن، وتحت إشراف القوات الإماراتية، كما أوردها التقرير الدولي، يعكس الطابع الانتقائي للتحالف في اختيار الضحايا واستهداف الدولة اليمنية وإذلالها.
وأوضح السياسي اليمني أنه لا يمكن إلا أن تكون جريمة ضد الإنسانية التي يتعين إيقاع العقوبات على المتورطين فيها، فهي تأتي في سياق الجرائم السياسية التي تعبر عنها سلسلة الاغتيالات المدفوعة بأجندة إماراتية حاقدة وطائشة معا. وفق تعبيره.
يد التحالف القذرة
من جانبه، قال الكاتب والباحث السياسي، أنور الخضري، إن مشاركة الإمارات ليست في معزل عن توجه التحالف عموما. مضيفا أن أبوظبي تعد اليد القذرة والمقاول التنفيذي لأعمال التحالف الخارجة عن القانون.
وتابع حديثه الخاص لـ"عربي21" بأن التحالف اليوم مدان أمميا، وسواء رميت التهمة على التحالف أو قصرت على الإمارات، فإن ما جرى حسب التقرير جرائم ترتقي إلى جرائم حرب.
وحسب الخضري، فإنه لو كانت السعودية رافضة لأعمال الإماراتيين، لعززت من قدرة الحكومة الشرعية، لكنها على العكس من ذلك عملت على إضعافها.
وأشار إلى أن الحكومة الشرعية بحثت عن سند عربي لاستعادة الدولة، لكن ما جرى من التحالف هو اختطاف الدولة بعد عملية انقلاب صنعاء.
وأكد الباحث اليمني أن ما كشفه التقرير يدين التحالف الذي تقوده المملكة، ويضع اليمنيين أمام أمر واضح، فإما أن يدينوا التحالف، ويرفعوا ضده دعوى قضائية في المحاكم الدولية، وإما أن يصحح أخطاءه ويعالج الانحرافات الحاصلة.
واعتبر أن ما يجري حاليا تحت شعار استعادة الدولة بهذا الأسلوب ليس إلا إكمالا لجريمة الانقلاب على السلطات الشرعية في البلاد.
وفي أول تعليق إماراتي على تقرير فريق الخبراء في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، قال وزير الدولة الشؤون الخارجية الإماراتي، أنور قرقاش، عبر حسابه بموقع "تويتر" أمس، إنه لا بد لنا من مراجعته، والرد على حيثياته، ومراجعة ما يقوله عن فظائع الحوثي وإجرامه واستهدافه للمدنيين.
وتجاهل الحديث الانتهاكات التي أوردها التقرير بشأن الاغتصاب والعنف الجنسي قام بها ضباط إماراتيون، وأضاف في التغريدة ذاتها أن الحروب تحمل في طياتها آلامها، وأفغانستان والعراق وسوريا شواهد، ولكننا في خاتمة المطاف مسؤولون عن أمننا واستقرارنا وهنا أولويتنا.
وإلى جانب الانتهاكات الجنسية التي قام بها ضباط إماراتيون لمعتقلين يمنيين، ذكر تقرير الخبراء أن الضربات الجوية التي شنها التحالف بقيادة السعودية في اليمن سببت خسائر شديدة في الأرواح بين المدنيين وبعضها قد يعدّ جرائم حرب.
وقال الخبراء المستقلون إن مقاتلي حركة الحوثي أطلقوا صواريخ على السعودية، ومنعوا توزيع إمدادات في تعز، وقصفوا المدينة الاستراتيجية من مواقعهم المرتفعة، وإنهم أيضا مارسوا التعذيب، وهو جريمة حرب.
وأضافوا أن قوات التحالف فرضت قيودا شديدة على موانئ البحر الأحمر ومطار صنعاء، ما حرم اليمنيين من إمدادات حيوية، وهو ما قد يمثل أيضا جرائم دولية.
في غضون ذلك، هاجم التحالف العربي في اليمن الذي تقوده السعودية، الأربعاء، التقرير الأممي الذي أصدره فريق التحقيق الدولي، واتهم فيه الرياض وأبو ظبي والحوثيين بانتهاكات لحقوق الإنسان.
جاء ذلك بعد إعلانه، الثلاثاء، إحالة التقرير إلى فريق قانوني للرد عليه.
ووصف التحالف في بيان نشرته وكالة الأنباء السعودية الرسمية "واس"، التقرير بأنه "غير دقيق"، وقال إنه "لم يشر التقرير إلى الدور الإيراني في استمرار الحرب في اليمن وتأجيج الصراع، ودعمها المستمر للحوثيين، رغم الأدلة الواضحة التي قدمها التحالف إلى الآليات الدولية".
واعتبر التحالف العربي أن التقرير "وقع في العديد من المغالطات المنهجية، وفي توصيفه لوقائع النزاع، والتي اتسمت بعدم الموضوعية، خاصة عند تناول أطراف النزاع في اليمن، ومحاولاته تحميل المسؤولية الكاملة لدول التحالف بشأن النزاع في اليمن.
كما أن التقرير تجاهل الأسباب الحقيقية لهذا النزاع، وهي انقلاب مليشيات الحوثي المدعومة من إيران على الحكومة الشرعية في اليمن".
وتقود السعودية تحالفا عسكريا، منذ أكثر من ثلاث سنوات، ضد الحوثيين الذين تتهمهم بتلقي دعم من إيران، والانقلاب على الرئيس الشرعي، عبدربه منصور هادي.