هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
دفع هجوم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضد منظمة "أوبك"، أسعار النفط إلى الارتفاع عند أعلى مستوى منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2014.
وارتفع سعر النفط، بعد كلمة ترامب، مساء أمس الثلاثاء، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى مستوى 82.55 دولارا، قبل أن تنخفض قليلا في تعاملات اليوم الأربعاء، وتتراجع إلى 81.66 دولارا للبرميل.
ودعا الرئيس الأمريكي، الدول الأعضاء في منظمة "أوبك" إلى خفض أسعار النفط، مهددا في الوقت ذاته أنه "في حال عدم استجابتهم لذلك، فإنهم لن يتمتعوا بالحماية العسكرية بعد الآن". واعتبر ترامب، خلال كلمته، أن "دول منظمة أوبك ينهبون بقية العالم".
وكانت "أوبك"، قد رفضت في اجتماعها بالجزائر، الإثنين الماضي، طلب ترامب بزيادة الإنتاج وضخ المزيد من الإمدادات إلى السوق.
وقالت "أوبك" في بيان ختامي عقب الاجتماع، إنها ستبقي على اتفاق خفض الإنتاج دون تغيير، عن آخر قرار صادر في يونيو/ حزيران الماضي.
وفي يونيو الفائت اتفقت "أوبك" ومنتجون مستقلون، على تقليص "خفض الإنتاج"، من 2.2 مليون برميل، إلى 1.2 مليون، عبر ضخ مليون برميل إضافية في السوق.
اقرأ أيضا: ترامب يهاجم إيران ومنظمة أوبك والمحكمة الجنائية الدولية
وحول دلالات هجوم ترامب على منظمة أوبك وتأثيرها على أسعار النفط، في مقابل تمسك أوبك بموقفها من اتفاق خفض الإنتاج، قال الخبير في شؤون النفط والطاقة في تصريحات خاصة لـ "عربي21"، إن هدف ترامب من الضغط على "أوبك" هو إيصال رسائل غير مباشرة للسعودية التي تمثل أكبر منتج في منظمة البلدان المصدرة للنفط.
وأضاف: "يبدو أن ترامب لا يفهم آليات عمل أسواق النفط، ويعتبرها منظمة احتكارية"، موضحا أن "أوبك لا تستطيع أن تقوم بتخفيض الأسعار أو رفعها، ولكن تستطيع أن ترفع الإنتاج أو تخفضه، والأسواق تتفاعل مع الزيادة أو النقصان، صعودا أو هبوطا".
وأردف: "وأحيانا تتجاهل الأسواق الزيادة في المعروض إذا كانت أقل من مليون برميل يوميا، لذا فإن أوبك تستطيع التحكم بسياسة الإنتاج لكنها لا تستطيع فرض الأسعار".
وأشار الخبير في شؤون النفط والطاقة إلى أن "أوبك تنتج 33 مليون برميل يوميا، والعالم يحتاج نحو 100 مليون برميل يوميا، أي أن أوبك تنتج نحو ثلث الإنتاج العالمي، وهناك 67 مليون برميل تدخل السوق من خارج أوبك".
وأوضح أنه في حال رفضت أوبك زيادة الإنتاج، واكتفت بالالتزام باتفاق تخفيض الإنتاج بنسبة 100 بالمئة، الذي تم بدء تنفيذه أوائل العام 2017 بين أوبك ومنتجين خارج أوبك مثل روسيا، فإن الالتزام بتلك النسبة سيعوض جزءا من النقص الناتج عن انخفاض التصدير الإيراني بسبب العقوبات الأمريكية التي ستدخل حيز التنفيذ 4 تشرين الثاني/ نوفمبر، أي بعد نحو 6 أسابيع من الآن.
ولفت إسماعيل، إلى أن "الخيار المتاح أمام ترامب للمساهمة في خفض أسعار النفط، هو إطلاق نصف مليون برميل إلى مليون برميل يوميا من المخزون الاستراتيجي البالغ 660 مليون برميل"، مضيفا أنه "إذا فعل ذلك لعدة أسابيع قد تنخفض الأسعار دولارين للبرميل، وبذلك يساعد الناخب الأمريكي".
اقرأ أيضا: وزير الطاقة السعودي: أوبك ستتحرك بالوقت المناسب لزيادة الإنتاج
وتوقع معهد البترول الأمريكي، اليوم الأربعاء، ارتفاع مخزونات النفط في الولايات المتحدة على نحو غير متوقع الأسبوع الماضي في الوقت الذي زادت فيه مخزونات البنزين وتراجعت مخزونات نواتج التقطير.
وارتفعت مخزونات الخام بمقدار 2.9 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 21 أيلول/ سبتمبر إلى 400 مليون برميل، مقارنة مع توقعات محللين بانخفاض قدره 1.3 مليون برميل.
وكشفت وكالة "بلومبيرغ" الأمريكية في يونيو/حزيران الماضي، أن إدارة ترامب طلبت من السعودية زيادة الإنتاج في منظمة "أوبك" بحوالي مليون برميل يوميا، حتى تهبط أسعار النفط من مستوياتها المرتفعة التي باتت تهدد مستقبل حصول "الحزب الجمهوري" على أغلبية في انتخابات الكونغرس المقبلة التي من المقرر إجراؤها في أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
وأوضح الخبير في شؤون النفط والطاقة، خلال حديثه لـ "عربي21"، أن أسواق النفط ستخسر نحو مليون ونصف المليون برميل يوميا بسبب العقوبات على إيران، مستطردا: "المنطق يقول إن أعضاء أوبك ودول أخرى ستنتهز الفرصة لزيادة حصتها في السوق على حساب إيران".
وحول توقعه لتأثير تهديد ترامب لمنظمة أوبك على أسعار النفط، قال إسماعيل: "قد نرى تذبذبات في أسعار النفط خلال الفترة المقبلة، لكنها ستظل عند مستويات صاعدة، إلا إذا طرأ أمر دراماتيكي كإعلان السعودية أنها سترفع الإنتاج إلى أعلى من 11 مليون برميل يوميا".
ومن ناحيته، قال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش إن أسعار النفط تحددها السوق والعرض والطلب وذلك في رد غير مباشر على انتقاد ترامب لمنظمة "أوبك".
اقرأ أيضا: رغم الصفقات الضخمة.. ترامب يطالب بثمن حماية الخليج
ونقلت وكالة الطلبة الإيرانية للأنباء عن وزير النفط بيغن زنغنه قوله: "يحاول السيد ترامب تقليص صادرات إيران النفطية بشدة وأيضا منع سعر النفط من الصعود، لكن هذين الأمرين لا يمكن أن يحدثا معا".
وأضاف: "إذا كان يريد ألا يرتفع سعر النفط وألا يتزعزع استقرار السوق، فعليه أن يكف عن التدخل غير المبرر والتخريبي في الشرق الأوسط وألا يصبح عقبة في وجه إنتاج النفط الإيراني وتصديره".
وتوقع أستاذ الاقتصاد في جامعة لندن، جلال إسماعيل، في تصريحات خاصة لـ "عربي21"، أن تخضع بلدان أعضاء في منظمة أوبك، ومنها السعودية، إلى ضغوط ترامب بزيادة إنتاج النفط، قائلا: "ما يريده ترامب سيتم تنفيذه، واستبعد تماما أن تتمسك أوبك بموقفها المخالف لتوجهات الرئيس الأمريكي".
ورفع "بنك أوف أمريكا ميريل لينش" توقعاته لسعر خام برنت في العام القادم بفعل ما قال إنه تراجُع أكبر في صادرات إيران عن تكهناته السابقة نظراً إلى موقف أكثر تشدداً من جانب الولايات المتحدة. وزاد البنك توقعه لسعر برنت في 2019 إلى 80 دولاراً للبرميل من 75 دولاراً.
وقال في مذكرة بحثية: "توقعاتنا السابقة انطوت على فقد للمعروض الإيراني لا يزيد على 500 ألف برميل يومياً. أصبحنا نفترض الآن خفضاً قدره مليون برميل يومياً".
وأضاف: "العامل الإيراني قد يهيمن على السوق في المدى القريب ويتسبب في طفرة، لكن بواعث القلق بشأن طلب الأسواق الناشئة قد تعود".