هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
كشف مصدر مطلع عن احتدام الصراع بين أكبر جهازين في مصر للسيطرة على الإعلام، المرئي منه والمسموع، ونشوب خلاف كبير بين رئيسيه، وقيام كل طرف بشحذ مؤيديه ضد الآخر؛ ما انعكس بالسلب على المشهد الإعلامي الذي يعاني أكبر عملية تفكيك في تاريخه.
وأضاف المصدر لـ"عربي21" أن جهاز المخابرات العامة، برئاسة اللواء عباس كامل، ينازع مؤسسة الرئاسة، الممثلة في مدير مكتب رئيس الانقلاب، عبدالفتاح السيسي، والذي يرأسه اللواء محسن عبدالنبي، مدير إدارة الشؤون المعنوية السابق في الجيش المصري.
وترأس عبدالنبي مكتب السيسي خلفا لعباس كامل في تموز/ يوليو الماضي، الذي ترأس قيادة جهاز المخابرات العامة، في محاولة للسيطرة عليه، ووضعه تحت عين وتصرف السيسي الذي استهدف الجهاز بعدة حملات إقصاء أقال فيها العشرات من الوكلاء والضباط الكبار.
وجهاز الشؤون المعنوية هو أحد أهم الأجهزة الإعلامية في القوات المسلحة المصرية، والمسؤول الأول والأخير عن البيانات والتقارير والأنشطة التي يقوم بها الجيش وقياداته، ولا يُسمَح بنشر أي مادة مكتوبة أو مصورة عسكرية بدون موافقتها.
إلغاء لقاء السيسي
وفي هذا الإطار، كشف مراسل إحدى القنوات الفضائية الشهيرة، المحسوبة على النظام، طلب عدم ذكر اسمه، قيامه بإجراء حوار مصور سريع، مع وزير الدفاع آنذاك، عبدالفتاح السيسي، دون الكشف عن زمن اللقاء، في إحدى المناسبات العسكرية، تحدث له فيها عن التحديات التي تواجه الجيش المصري، إلا أنه فوجئ باحتفاظ جهاز الشؤون المعنوية باللقاء، وعدم السماح بإذاعته مطلقا حتى الآن.
وعن طبيعة وشكل الخلاف بين جهاز المخابرات العامة، ومكتب السيسي، أوضح المصدر أن جهاز المخابرات الحربية سعى لامتلاك زمام ملف الإعلام منذ انقلاب تموز/ يوليو، الذي كان يرأسها السيسي قبل توليه حقيبة الدفاع في آب/ أغسطس 2012، ثم انتقل الملف إلى الرئاسة، عندما تم تعيين اللواء عباس كامل، مديرا لمكتب السيسي، ثم انتقل مرة أخرى إلى المخابرات العامة، عندما تم تكليف كامل برئاسة الجهاز.
اقرأ أيضا: هذه تفاصيل سيطرة المخابرات الحربية على الإعلام في مصر
واستدرك قائلا: "إلا أنه منذ تعيين اللواء محسن عبدالنبي، مديرا لمكتب السيسي، والذي كان يدير أحد أهم الأجهز الإعلامية للجيش، نشب خلاف بشأن البيانات الرئاسية والأمنية، وظهر ذلك جليا من خلال صدور بعد البيانات منسوبة إلى، الجملة الشهيرة "مصدر مطلع"، والتي كانت تصدر من قبل رجال (كامل) في الرئاسة، ورفضها (عبدالنبي) بقوة.
رجال عباس كامل
ويقول المصدر إنه على إثر هذا الخلاف تردد قيام "عبدالنبي" باستبعاد رجل "كامل" في الرئاسة، المقدم أحمد شعبان، وانتقاله إلى جهاز المخابرات مع رئيسه الجديد، لاستكمال إدارة ملف الإعلام، ما أدى إلى وجود انقسام بين قطبين كبيرين من رجال السيسي.
وأردف أن مدير مكتب السيسي يطالب بعودة ملف الإعلام إلى الرئاسة، وأن يترك جهاز المخابرات الملف، ويتفرغ لمهامه الأمنية الكبيرة، المتمثلة في ملفات الصراع في ليبيا، وملف المياه مع إثيوبيا، وملف الحدود مع السودان، وملف المصالحة مع الفلسطينيين، وملف الأزمة السورية، وغيرها من الملفات الأكثر أهمية، وحماية الدولة وتأمينها من الخارج.
وعن كيفية انعكاس ذلك بالسلب على المشهد الإعلامي، أكد المصدر أن الإعلام اليوم يمر بأكثر محطاته اضطرابا، وغموضا سواء على مستوى الإدارة أو الملكية، والدليل على ذلك تأخر إطلاق قنوات مثل dmcnews، والقناة الإخبارية العالمية التي ألمح لها السيسي قبل نحو عام، وإغلاق الكثير من القنوات وتشريد مئات الإعلاميين والفنيين والصحفيين.
صراع "الكعكة"
وتعليقا على أزمة الصراع على "كعكة" الإعلام، يقول الكاتب الصحفي، سليم عزوز، لـ"عربي21" إن "أي حكم شمولي مستبد يدرك قيمة الإعلام؛ لهذا فإن حكم العسكر في بدايته، لم يرضه انحياز الصحافة له، وتأييدها لسياساته، ووقوفها ضد عدوه. فكان كل تفكيره منصباً على أن يضع يده عليها، وهو ما لفت الانتباه إليه محمد حسنين هيكل في كتابه بين الصحافة والسياسة من أن عبد الناصر ناقشه في عملية تأميم الصحافة كثيرا إلى أن صدر قانون تنظيم الصحافة في سنة 1960 بإخضاعها للاتحاد القومي ثم الاتحاد الاشتراكي".
وأضاف أن "النظم المستبدة تعرف قيمة الإعلام وقدرته على التأثير؛ لهذا فإنها تقوم بالسيطرة عليه، ويتضح ذلك من خلال مقولة السيسي أن عبد الناصر كان محظوظا بإعلامه"، مشيرا إلى أن ما يحدث "هو تنازع على الاختصاص، وليس حربا على السلطة، فكل جهاز يريد أن يسيطر على المشهد، لكن ليس معنى هذا أنها مختلفة على السيسي أو عليه".
اقرأ أيضا: حجب المواقع بمصر.. برمجة الإعلام على موجة واحدة
وذهب إلى القول بأن "من يملك الإعلام يملك السيادة، ولهذا يكون التنازع، وعلى الرغم من أن الإعلام يحقق خسائر مادية مهولة، وهو ليس استثمارا ناحجا بالمعنى المباشر، لكنه في الاستفادة المعنوية فقد نجح في خنق الرأي الآخر، ومنع المعارضة، بل وكثير من الأصوات المؤيدة للنظام، وهو ما حقق استفادة لإعلام الخارج الرافض".