هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
رأى الباحث في معهد أبحاث الأمن القومي في جامعة تل أبيب عوديد عيران، أن صفقات الغاز الطبيعي في إسرائيل، الذي تصدره إلى مصر والأردن والسلطة الفلسطينية، خطوة مهمة، وتنطوي عليها مكاسب اقتصادية واستراتيجية، مع الأخذ بالحسبان الجدوى المتدنية من ذلك لدول أخرى.
وقال عيران، في مقال نشرته صحيفة "يديعوت أحرنوت"، أنه في 19 شباط/ فبرير الماضي، أعلنت الشركتان صاحبتا الامتياز باستخراج الغاز من حقل "تمار" و "لفيتان"، إبرام اتفاق مع شركة "ديلفينوس" المصرية، بتزويدها بـ3.5 مليار متر مكعب من الغاز سنويا، من حقل "تمار"، وكمية مشابهة من حقل "لفيتان"، بمبلغ إجمالي يقدر بـ15 مليار دولار.
وكانت شركة "ديلك" للتنقيبات أعلنت في 27 أيلول/ سبتمبر الماضي، أن شركة "إيميد"، والتي لديها أسهم فيها بنسبة 25 في المئة، اشترت 29 في المئة من أسهم الشركة المصرية "إيمج"، بقيمة 518 مليون دولار، وهي عبارة عن جزء من أنبوب النفط الذي يمتد من مصر إلى إسرائيل والأردن. بالإضافة لحقوق تشغيله، بواسطة أنبوب آخر يمتد من العريش إلى العقبة، وهو ذات الأنبوب الذي تضرر عدة مرات بسبب تفجيره من مجموعات مسلحة في سيناء المصرية سابقا.
ولفت الباحث الإسرائيلي، إلى وجوب الحصول على موافقة من حكومتي مصر وإسرائيل، لاستكمال الصفقة، مشيرا إلى أن الشركتين الإسرائيلية والأمريكية، تخاطران بشرائهما قسما من الأنبوب المصري، لتنفيذ الاتفاق بتزويد مصر بـ64 مليار متر، والذي يبدأ مطلع العام المقبل.
اقرأ أيضا: مصر تكتفي ذاتيا من الغاز الطبيعي.. ما مصير "غاز" إسرائيل؟
ورأى عيران، أنه على الرغم من تلك المخاطر، فستكون للصفقة قيمة سياسية إلى الجانب الاقتصادي، فالمستهلكون هم مصر والأردن والسلطة الفلسطينية، ومن أصل 400 مليار متر مكعب جاهزة للتصدير من الحقلين المذكورين وفقا لقرار الحكومة الإسرائيلية، فإنه توجد التزامات بشراء 115 مليار متر مكعب منها.
وأوضح، أن الصفقات الثلاث مستقرة تجاريا، إلا أنها عرضة للخطر السياسي والأمني، بالإضافة لمنافسة تجارية محتملة، مشيرا إلى أن مصر التي تعد السوق الأكبر، قد تتخلى في المستقبل عن استيراد الغاز من إسرائيل، في حال تطوير حقول الغاز المصرية.
وتابع، بأنه على الرغم من ذلك، فإن الصفقة الأخيرة بين إسرائيل ومصر ستكون هامة بسبب الإمكانية لتوجيه الغاز الإسرائيلي إلى منشآت التسييل أمام الساحل المصري، كما أن الصفقة كفيلة بحل الخلافات التجارية بين شركة الكهرباء الإسرائيلية، وشركة "إيمج" وشركات مصرية أخرى، تتعلق بالتعويض على الغاز الذي لم يوفره الجانب المصري.
وأوضح أن الحكومتين الإسرائيلية والمصرية، هما المعنيتان بمنع تحول الخلاف مع شركة الكهرباء الإسرائيلية وشركة "إيمج"، لذلك فإن الاتفاق الموقع مؤخرا يشكل خطوة في هذا الاتجاه.
وأشار عيران، إلى أن اتفاق بيع الغاز بين مصر وإسرائيل، جاء في ظل تراجع احتمالية الخيارات الأخرى، والتي تتعلق بنقل الغاز إلى تركيا واليونان.
ولفت إلى أن الأسواق التركية تعد خيارا جيدا للغاز الإسرائيلي، إلا أنه رغم ذلك، فإن توقع السلوك السياسي للنظام التركي الحالي تجاه إسرائيل، بالإضافة لغياب الاستقرار في لبنان وسوريا، وغياب الحل السياسي للنزاع في قبرص، جعلت بيع الغاز الطبيعي إلى تركيا كمركز لتوزيعه، غير قابل للتطبيق.
اقرأ أيضا: مصر تبدأ باستيراد الغاز الطبيعي من إسرائيل مطلع 2019
أما الخيار الإسرائيلي الآخر وفقا لعيران، فيتمثل بمد أنبوب من الشاطئ الشرقي للبحر الأبيض المتوسط عبر قبرص إلى اليونان، إلا أن هذا الخيار معقدا جدا من الناحية الفنية، بالإضافة أنه عرضه لمشاكل سياسية لها علاقة بالصراع في قبرص، وأشار إلى أن هذه الإمكانية مرتبطة اقتصاديا بموافقة واستعداد دول أخرى مصدرة للغاز في البحر المتوسط على تقاسم قدراتها مع إسرائيل من أجل تبرير الاستثمار المالي الهائل.
ورأى عيران، أن هذا المشروع يكسب إسرائيل فضائل سياسية واقتصادية، كونه يضمن سوقا كبيرة ومستقرة، ويضفي بعدا هاما في العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، ويعزز الاستقرار في الشرق الأوسط، لأن كافة الدول المستفيدة من المشروع ستصبح معنية بمداخيل تنبع من عمل الأنبوب في نشاطه الآمن والمتواصل، إلا أن هذا المشروع للأمد البعيد، لاسيما إذا أخذ بالحسبان حقيقة أن عدة شروط مسبقة لتطبيق ذلك ما زالت غير قائمة.
وعليه، فإن الخيار المصري سواء كسوق أو كجسر لتصدير الغاز السائل إلى أوروبا، بحسب عيران، هو الخيار القائم والممكن لتصدير الغاز الطبيعي من إسرائيل، ويعطي تطورا إيجابيا في العلاقات بين إسرائيل ومصر.
واستدرك عيران، بأنه رغم ذلك فإن الصفقة مع مصر لا تزال محفوفة بالمخاطر، معللا ذلك بأن العلاقات الإسرائيلية المصرية الحالية أفضل من الماضي، إلا أنها على المستوى الحكومي، وهذا يعني أن صفقات الغاز تم توقيعها بين الشركات، لكن تطبيقها مرتبط بالاعتبارات السياسية للحكومة المصرية، إلى جانب أن الحقول المصرية تتسع بقدر أكبر، وكفيلة بالتأثير على والاعتبارات المصرية في كل ما يتعلق بشراء الغاز أو بالقدرات المتوفرة للتسييل في منشآتها.
وفي سياق متصل، أوضح عيران، أن العمل على حقل "غزة- مارين"، غير مطروح بسبب كميته القليلة والتي تقدر بـ30 مليار متر مكعب فقط، وبسبب الوضع الاقتصادي الصعب في غزة، إلى جانب غياب الرؤية الواضحه مع القطاع.
وأضاف، أنه في حال استقرار الأوضاع في قطاع غزة، فإن ذلك يساهم في استغلال حقل مارين، ويمكن أن يباع لإسرائيل أو مصر بواسطة إضافة أنبوب قصير إلى أنبوب "أشكول-العريش"، بينما يتم ربط غزة والضفة الغربية بشبكة الكهرباء الإسرائيلية.