هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قدم أعضاء في مجلس الشيوخ الأمريكي من الحزبين الجمهوري والديمقراطي مشروع قانون لإنشاء صندوق (التعاون الفلسطيني) بقيمة 100 مليون دولار، لتعزيز التعاون بين الاقتصاد الفلسطيني والإسرائيلي في قطاعات التكنولوجيا والتعاون المدني.
ووفقا لما نقلته صحيفة "هآرتس" العبرية، فإن المقترح يهدف إلى "استدراك التبعات السياسية والأمنية التي خلفها قرار الرئيس دونالد ترامب بوقف المساعدات الأمريكية للأراضي الفلسطينية، التي ألقت بظلالها على العلاقات السياسية بين السلطة وواشنطن".
فيما نقل موقع المصدر الإسرائيلي عن أعضاء في الكونغرس الأمريكي داعمين لهذا القانون أن من شأنه تعزيز الاقتصاد الفلسطيني، وهو أمر مركزي في الجهود الرامية للحفاظ على مبدأ حل الدولتين، من خلال خلق فرص العمل، وبذلك يعدّ التعاون في المجال التكنولوجي الإسرائيلي _ الفلسطيني فرصة لرفاهية أبناء هذه الدول، ويرى الكونغرس أيضا أن المصالحة وتشجيع التسامح قد يشكلان وقاية من حملات تسويقية كاذبة لمجموعات إرهابية.
وتستعرض "عربي21" في هذا التقرير أسباب تغير الموقف الأمريكي بإعادة تقديم المساعدات للفلسطينيين، بعد أن قطعها الرئيس ترامب خلال العالم الحالي.
ابتزاز الفلسطينيين
من جانبه، اعتبر المختص في الشؤون الأمريكية، رائد نعيرات، أن "الرؤية الأمريكية لمشروع التسوية، التي يتبناها الرئيس دونالد ترامب، تتمثل في عاملين أساسين، وهما إنهاء قضية اللاجئين من خلال قطع المساعدات عن الأونروا، والاستعاضة عنها بمشاريع اقتصادية مشتركة بين الطرف الفلسطيني والإسرائيلي، وهذا من شأنه أن يبقي الفلسطينيين مضطرين للقبول بالدور السياسي للولايات المتحدة، لأن تكلفة وقف تمويل هذه المشاريع ستكون باهظة بالنسبة للسلطة، إذا ما افترضنا أن هذه المشاريع تقوم بتشغيل عشرات الآلاف من العمال الفلسطينيين".
وأضاف نعيرات، في حديث لـ"عربي21"، أن العامل الثاني في الرؤية الأمريكية هو "إبقاء العلاقات السياسية بين السلطة وإسرائيل في مستوى لا يمكن لأي طرف أن يتخلى عن الآخر بما يخدم رؤيتها لحل الدولتين، وهذا ما تسعى إليه إدارة ترامب؛ من خلال إشرافها وتمويلها على مشاريع اقتصادية مشتركة بين الطرفين".
وتابع أستاذ العلوم السياسية: "قد يكون السبب في إقدام المشرعين الأمريكيين على إنشاء هذا الصندوق الضغوط الإسرائيلية، التي تدرك أن استمرار الضغط على السلطة ماليا قد يعيد سيناريو قطاع غزة من خلال إطلاق مسيرات مشابهة لمسيرات العودة في الضفة الغربية، وهذا يعدّ ناقوس خطر بالنسبة لإسرائيل، ولا يمكن أن تقبل به".
موقف السلطة
من جانب آخر، يرى عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، عباس زكي، أن "القيادة الفلسطينية لا ترى في إعادة واشنطن لمساعداتها المالية بأن عليها أن تتحمل التبعات السياسية لذلك، وهو القبول بواشنطن كراعٍ لعملية السلام، إلا بشرط إعادة النظر في القرارات التي اتخذتها مؤخرا، ومنها التراجع عن قرار نقل السفارة لمدينة القدس، والتوقف عن ممارسة سياسية الابتزاز المالي بحق السلطة".
وأوضح زكي في حديث لـ"عربي21" أن "المساعدات المالية للأراضي الفلسطينية تدعم الاستقرار السياسي والأمني في المنطقة، والسلطة ليس لديها أي تحفظات من قيام دول العالم بدعم المشاريع الاقتصادية في المناطق الفلسطينية، بما فيها المساعدات الأمريكية".
تعدّ الولايات المتحدة من أكثر دول العالم تقديما للمساعدات المالية للأراضي الفلسطينية، بقيمة تقدر بـ350 مليون دولار سنويا، وتُصرف هذه المساعدات عبر عدة قنوات، من بينها الدعم المباشر للموازنة بقيمة 50 مليون دولار، وتمويل مشاريع البنى التحتية عبر الوكالات الأمريكية، ومن أبرزهاـ"USAID" بقيمة 200 مليون دولار، بالإضافة لدعم الأجهزة الأمنية بقيمة 100 مليون دولار.
ولكن قرار الإدارة الأمريكية بنقل سفارتها في دولة الاحتلال لمدينة القدس تسبب في تداعيات سياسية، ألقت بظلالها على العلاقات بين الطرفين، تمثلت في رفض السلطة القبول بواشنطن وسيطا في عملية التسوية، وهو ما دفع الأخيرة لقطع كافة مساعداتها المالية الممنوحة للأراضي الفلسطينية.
مخاطر اقتصادية
إلى ذلك، قال أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية في الجامعة العربية الأمريكية، نصر عبد الكريم: "يبدو أن الولايات المتحدة أدركت بعد عام أن قطع مساعداتها عن الفلسطينيين انعكس بشكل سلبي على الحالة الاقتصادية للسلطة، حيث تشير بيانات وزارة المالية إلى أن عجز الموازنة وصل إلى 35 بالمئة حتى الربع الثالث من هذا العام، وهي النسبة الأكبر منذ سنوات".
وأضاف الخبير الاقتصادي في حديث لـ"عربي21": "قد تضطر السلطة في حال استمر وقف المساعدات الأمريكية أن تخفض من ميزانية الأمن، وبالتالي التأثير على استمرار التنسيق الأمني مع إسرائيل، كونه يستحوذ على 50 بالمئة من الموازنة العامة بقيمة 2 مليار دولار".