هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثار الكشف التركي المبكر عن حادثة اختفاء وقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصبية بلاده في إسطنبول، يوم 2 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، سخرية المتابعين للقضية.
وزاد من حجم السخرية، رد الفعل السعودي المتخبط، والرويات الرسمية المتضاربة تعليقا على التسريبات التي نشرتها وسائل إعلام تركية حول ضلوع مسؤولين سعوديين في عملية قتل مدبرة للصحفي خاشقجي داخل قنصلية المملكة.
ودفع هذا التخبط والارتباك السعودي المتابعون للتساؤل عن مدى جودة التخطيط الاستخباري للعملية؟ وعن كفاءة الاستخبارات السعودية بشكل عام؟ خاصة بعد وقوع فريق الاغتيال بأخطاء كثيرة كشفتها التسريبات التي نشرتها وسائل الإعلام التركية؟
نقاط ضعف
وقال خبراء أمنيون إن عملية اغتيال خاشقجي كانت فاشلة من الناحية الاستخباراتية، وشابها الكثير من الأخطاء الفنية. واعتبرها المحلل العسكري والإستراتيجي فايز الدويري سابقة من نوعها.
وقال في حديث لـ "عربي21": "يبدو لي من منظور استخباري بأن التخطيط للعملية ومن خطط لها لم يكونوا على مستوى عالي من الكفاءة لإخفاء آثار الجريمة".
وأوضح الدويري بأن "نقطة الضعف الرئيسية التي وقع فيها فريق الإغتيال، هي إسقاط فرضية وجود مرافق له من حساباتهم، وبالتالي اعتبر الفريق، أنه بمجرد دخول خاشقجي للقنصلية وتنفيذ عملية قتله سينتهي كل شيء، وينجح الفريق في مهمته".
وأكد الدويري أن انتظار خطيبة خاشقجي له خارج القنصلية كان النقطة القاتلة للعملية استخباريا، مضيفا: "اعتقد الفريق، بكل سذاجة، أنه إذا دخل خاشقجي إلى القنصلية ثم خرج شخص يشبهه بنفس ملابسه، ستأخذ عملية البحث عنه أياما وحتى أشهرا خاصة في ظل عدد سكان إسطنبول الكبير وبالتالي نجاحهم بالتخلص منه دون كشف هويتهم أو مسؤوليتهم عن الأمر".
عملية إجرامية
وحول ما إذا كانت العملية مجرد خطأ فردي للفريق المكلف بتنفيذ العملية أم أنه دلالة على فشل العامل الاستخباري السعودي، قال الدويري: "لا يمكن إسقاط الفشل في هذه العملية على العمل الاستخباري السعودي الشامل".
وأرجع الدويري "اعتقاده هذا على أساس اتهام الجهات الرسمية السعودية لمجموعة الاغتيال بأنها تصرفت بناء على تعليمات نائب رئيس الاستخبارات العامة أحمد عسيري، بالتالي حصرت العمل بمجموعة معينة".
وتابع: "إضافة لأن هذه المجموعة مصغرة وجمعت بطريقة ما، وبالتالي قد لا يكون بينهم أشخاص يملكون الخبرة الاستخبارية، فمثلا نجد فيها طبيب تشريح وأشخاص بمهن مدنية مختلفة".
وخلص بالقول: "أعتقد أن تركيبة هذه المجموعة لا توحي بأن لديها القدرة على التخطيط الاستخباري الصحيح، فالعملية التي أجريت تمت على يد مجموعة خاصة شكلت بطريقة ورؤية معينة لتنفيذ عمل معين بمعنى ليست عملية استخبارية، وإنما عملية إجرامية".
"غباء مطلق"
ومن جهته قال الخبير الأمني والاستراتيجي محمود العجرمي: "أعتقد أن ما جرى في حادثة الاغتيال كان ينم عن "غباء مطلق"، والعملية من بدايتها لنهايتها تنم عن انعدام الخبرة والمعرفة من زوايا فنية".
وأضاف العجرمي في حديثه لـ "عربي21": "إضافة لعدم الخبرة يبدو لي بأن من خطط ونفذ العملية لم يطلع أو يقرأ اتفاقية فيينا لعام 61 للعلاقات الدبلوماسية، أو ملحقها لعام 63 لتنظيم عمل القنصليات، إلى جانب الوقوع في خطايا لا يرتكبها مبتدئون سواء بالعمل الإداري او الدبلوماسي أو الأمني".
وأشار إلى أن أحد ثغرات العملية هو اعتراض اتصالات الفريق، سواء مع خاشقجي أو فيما بينهم أو مع قيادتهم، وتقريبا تم الاعتراض من قبل الجميع مثل الروس والأمريكان والبريطانيين والأتراك بل حتى الإيرانيين عندهم تسجيلات للعملية.
وأردف: "أصبحت العملية كأنها تجري في ساحة يراقبها الجميع، حيث تمت تنفيذها تحت التصنت والتصوير لعدة أجهزة".
فشل استخباراتي
وعن رأيه فيما إذا كان الفشل الاستخباري في عملية اغتيال خاشقجي فرديا أم عاما، يرى العجرمي أن هذه العملية وغيرها من القرارات السعودية عبارة عن انعكاس لكل الأداء السعودي السيئ منذ تولي الأمير محمد بن سلمان ولاية العهد.
وأضاف العجرمي: "أي عمل حربي هو سياسي وأي عمل استخباري يخدم السياسة، فمثلا ما فعلوه مع قطر أو مع رئيس وزراء لبنان سعد الحريري يشكل فضيحة إضافة لخطاياهم اليومية في اليمن، وأيضا قيام الإمارات بتحريك السعودية برغم من الفرق في الحجم السياسي وغيره بين الإثنين".
وأكمل العجرمي: "اختصر الرئيس الأمريكي ترامب الأمر بكلمات بسيطة وكان صادقا وصريحا فيها، حين قال بأن السعوديين لا يستطيعون حماية طائراتهم أو نظامهم".