هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
بالتزامن مع تصريحات وزير التعليم المصري طارق شوقي التي دعا فيها لإعادة النظر في مجانية التعليم، وافق البرلمان على تعديلات قدمتها الحكومة على قانون التعليم الحالي، لتكييف وضع المعلمين العاملين بالوزارة مع قانون الخدمة المدنية الذي أقره البرلمان عام 2016.
ولاقت دعوة الوزير لنواب البرلمان السبت الماضي، انتقادات واسعة، بعد تأكيده أن نظام المجانية الذي أقره الدستور في حاجة للتغير، لأنه لا يقدم المجانية الحقيقية لمستحقيها، وأنه لا يجب أن تترك المجانية بلا نقاش، مطالبا بضرورة أن يتم الإجابة على بعض الأسئلة من بينها: مجانية التعليم تكون لمن؟ وهل المجانية لمن ينجب طفلين كما هي لمن ينجب 10 أطفال؟.
وأكد الوزير أن البيوت المصرية تنفق أكثر من 200 مليار جنيه ( 10.1 مليار دولار) سنويا على الدروس الخصوصية والمدارس والجامعات الخاصة، وهو ما يؤكد أن هؤلاء ليسوا في حاجة لمجانية التعليم.
وفي محاولة لتخفيف الضغط عليه تراجع شوقي عن تصريحاته مؤكدا عبر صفحته الرسمية على الـ"فيسبوك" أن تصريحاته لم تفهم على النحو المقصود، مشيرا إلى أنه دعا نواب البرلمان لدراسة واقع اقتصاديات التعليم الحالية، وكيف يتم مواجهة التكلفة الباهظة الآن، وفي المستقبل بحلول أفضل لاستغلال ما يتم إنفاقه على التعليم بهدف تحقيق العدالة الاجتماعية الحقيقية وجودة أعلى للتعليم المصري.
وعاد الوزير ليؤكد قائلا: "لم أطلب إلغاء الاستحقاق الدستوري على الإطلاق والخاص بمجانية التعليم.. المجانية المنصوص عليها في الدستور لم تتحقق، كما كان مستهدفا بدليل تكلفة التعليم الباهظة من دروس وكتب خارجية والتي يشكو منها الفقير والغني على حد سواء".
من جانبه يؤكد الخبير بشؤون التعليم معوض صالحي لـ"عربي21" أن رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي ضغط على الزر الخاص بإلغاء المجانية، عندما تحدث قبل أسبوع عن فشل النظم التعليمية وأن تطوير التعليم يحتاج لأكثر من 16 عاما، وأن الحكومة بحاجة لتوفير 130 مليار جنيه من أجل بناء فصول جديدة.
وأكد صالحي أن وزير التعليم بدأ في تنفيذ مخطط السيسي لإلغاء المجانية عندما تحدث عن تكلفة الدروس الخصوصية والمدارس والجامعات الخاصة، ولكنه لم يوضح سبب عزوف المواطنين عن التعليم العام، وسبب لجوئهم للدروس الخصوصية التي فشلت كل الأنظمة التعليمية الحالية في مواجهتها.
وبين الخبير التعليمي أن القادرين فقط هم الذين يدفعون بأبنائهم للتعليم الخاص سواء الجامعي أو ما قبل الجامعي، كما أن هناك كثيرا من المواطنين عادوا الآن للتعليم العام نتيجة المغالاة غير الطبيعية في مصاريف المدارس والجامعات الخاصة، ولأن أبناءهم في النهاية سوف يأخذون دروسا خصوصية، فلم تعد هناك حاجة لدفع مصاريف تعليمية مرتين.
وأكد صالحي أن المشكلة في المنظومة التعليمية ككل بدءا من قناعة الدولة بأهمية التعليم، ثم الأنظمة والمناهج الملائمة للبيئة المصرية ومتطلبات سوق العمل، ومرورا بأدوات العملية التعليمية من مدرسيين ومنشآت وغير ذلك، وهي أمور لم تهتم بها الحكومات المصرية منذ حركة يوليو 1952.
واضاف الخبير التربوي عبد السلام محروس لـ "عربي21" أن الحكومة المصرية ألغت المجانية بشكل عملي عندما فشلت في مواجهة الدروس الخصوصية، وعندما منحت مميزات للتعليم الخاص في سوق العمل، وهو ما دفع الأسر المصرية للتفكير في مستقبل أبنائها بالشكل الذي يوفر لهم فرص عمل بالمستقبل من خلال التعليم الخاص وخاصة في مرحلة الجامعة.
ووجه محروس انتقادات لوزير التعليم، مؤكدا أن فشل النظم والمناهج التعليمية هما السبب في عدم وصول المجانية لمستحقيها وليس إنجاب طفل أو 10.
وأشار إلى أن محاولة وزير التعليم تطبيق فكرة البطاقات التموينية التي لا تسمح بإضافة أكثر من طفلين للأسرة من أجل الحصول على الدعم الحكومي، لا يمكن تطبيقها في النظام التعليمي، باعتبار أن التعليم أهم مشروع استثماري للدولة ولكنها تفشل فيه بامتياز.
ولفت محروس إلى أن النظام السياسي الحالي ينظر دائما للزيادة السكانية نظرة خاطئة، ويعتبرها شماعة جاهزة يعلق عليها أخطاءه السياسية والاقتصادية، كما أن التعاطي مع المشكلات بنظرية "أجيب منين"، هي قمة الخطأ في علاج أزمة التعليم، الذي يجب أن ينتقل من نظرية الكم لفكرة الكيف.
وتابع الخبير التربوي بأن تصريحات الوزير التي حمل فيها الزيادة السكانية مسؤولية الكثافة الطلابية بالفصول، هو تعبير واضح عن فشل نظامه التعليمي الذي بدأه هذا العام، وأعلن أن كثيرا من الدول المتقدمة تريد الاستفادة منه.
وأوضح أن العلاج الحقيقي لمشاكل التعليم لم يتوصل إليه أحد، وهو زيادة الموازنة الخاصة بالتعليم، وعلاج مشكلات المعلم، واختيار مناهج تعليمية يتحملها ويستوعبها الطالب المصري، بما يصب في المشروع القومي للدولة ككل.
واختتم محروس بأن مصر الحالية ليس لديها مشروع قومي وبالتالي فإن النظام التعليمي يتمتع بالعشوائية مثل باقي المجالات المختلفة في مصر.