هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
فجرت الممثلة المصرية غادة عبد الرازق، مفاجأة مدوية عن سيطرة الجيش والمخابرات على صناعة الدراما خلال الفترة الراهنة، مؤكدة أن شركة "إعلام المصريين" المسؤولة عن إنتاج مسلسلات الموسم الحالي، تحارب الممثلين المصريين.
وقالت عبر حسابها بـ "إنستجرام": "يا جمهور أنا بتحارب من مجموعة اسمها "علام المصريين مش عايزني اشتغل السنة دي في الدراما، مش أنا بس ناس كتير جدا فنانين، وبيقولو هنقعدكم في البيت ولو عاجبكم".
وأضافت عبد الرازق في تدوينتها التي أثارت جدلا: "ولو سألتهم بتتكلموا باسم مين يقولك باسم الجيش أو المخابرات، هل ده صحيح، مجرد سؤال علشان الوسط الفني كله بيسأل معايا دا حقيقة ولا كذبة أرجو الرد عني وعن زملائى وشكرا".
ويتزامن ذلك مع أزمة أخري يواجهها الممثل عادل إمام، الذي بات غيابه عن السباق الرمضاني هذا العام هو الأقرب بعد أن رفضت الرقابة على المصنفات الفنية المسلسل الذي كان "إمام" يعتزم القيام ببطولته.
وطبقا لتقارير صحفية، فإن مسلسل إمام الجديد يتعلق بشخصية طبيب نفسي يعالج رئيس جمهورية داخل القصر الجمهوري، بعد تعرضه لمشاكل نفسية، وهو ما رفضته الرقابة، دون تقديم تبرير واضح إلا بأنه يمس بالأمن القومي للدولة.
وتشير التقارير التي تناولت الموضوع أن الرقابة عرضت قصة المسلسل على الأجهزة المعنية التي رفضت المسلسل لمساسه بشخصية رئيس الجمهورية، دون بيان واضح إن كان الشخصية المقصودة هو رئيس الإنقلاب عبد الفتاح السيسي، أم شخص رئيس الجمهمورية بشكل عام.
ورصد نقاد بمجال الدراما المصرية أنه فور كتابة "عبد الرازق" لتدوينتها السابقة، تعرضت لهجوم إلكتروني، للتشويش على ما ذكرته من سيطرة الجيش والمخابرات على الدراما الرمضانية.
وقد تصدر هاشتاج بعنوان "#غاده عبدالرازق افشل_ممثله"، خلال ساعات بسيطة ترند تويتر بمصر، واتهمتها اللجان الإلكترونية للمخابرات بأنها تريد الحصول على 50 مليون جنيه (2.8 مليون دولار) للمشاركة في عملها التلفزيوني الجديد رغم أن أعمالها غير ناجحة، وأن الجيش والمخابرات خط أحمر لا يجوز لها أن تقترب منه".
من جانبه يؤكد الكاتب والسيناريست محمد جمال لـ "عربي21" أن شركة إعلام المصريين التى استخوذت عليها المخابرات المصرية من خلال مجموعة " إيجل كابتال"، أصبحت المالكة لأكثر من 80% من المحطات الفضائية، وشركات الدعاية، واستحوذت كذلك على عدد من شركات الإنتاج الكبري، كما يتولي مجلس إداراتها المنتج تامر مرسي، الذي كان صاحب أكبر شركة للإنتاج الدرامي خلال السنوات العشر السابقة.
ويضيف جمال أن هذا الاستحواذ دفع المخابرات للتحكم في مفاصل الدراما التلفزيونية، كما تتحكم في مفاصل الإعلام، من خلال شركة إعلام المصريين، ومفاصل الرياضة من خلال شركة "برزينتشين".
اقرأ أيضا: المخابرات العامة ومكتب السيسي يتنازعان هذه "الكعكة"
ويشير السيناريست إلى أن هناك ما يمكن تسميته بإعادة هيكلة الدراما المصرية من حيث الإنتاج والمضمون والممثلين والمخرجين والكتاب، موضحا أنه ليس بالضرورة أن تكون الهيكلة في صالح الدراما لإنهاء حالة الفوضي التى شهدتها خلال المرحلة الماضية، وإنما هيكلة من أجل السيطرة والاستخواذ، تكرارا لتجربة ستينيات القرن الماضي، حيث كانت تسيطر المخابرات على السينما والفن بدافع الأمن القومي التى اخترعها رئيس المخابرات السابق صلاح نصر.
وفي تعليقه على ما نشرته "عبد الرازق"، يؤكد الباحث والخبير الإعلامي يحيى عبد الهادي لـ "عربي21" أن السيطرة الأمنية على الإعلام والدراما أصبح هدف يسعي إليه السيسي الذي أشاد أكثر من مرة بإعلام الستينيات، في إشارة لإعلام الإتجاه الواحد الداعم للنظام الحاكم.
ويضيف عبد الهادي أن الأجهزة الأمنية لم تعد تثق بالمؤسسات الرسمية مثل التليفزيون أو المجلس الأعلي للإعلام، باعتبارهما الجهتان المعنيتان بالدراما والسينما، فلجأت لتأسيس شركات مثل إعلام المصريين، للتحكم في كل ما يتعلق بصناعة الرأي العام، ولأن الدراما هي الحلقة المتبقية من أطراف صناعة الرأي العام فقد تم السيطرة عليها هي الآخري من خلال تحديد المحتوي الدرامي والشخصيات التى يتم السماح لها بالظهور والنجومية.
ويشير الخبير الإعلامي إلى أن ما حدث مع غادة عبد الرازق أو عادل إمام، هو رسالة لباقي الممثلين بأن الجميع لن يخرج عن الطوع والسيطرة، وان فكرة النجومية المطلقة التى تمنح صاحبها قوة ونفوذ جماهيري، لم يعد لها وجود في ظل رئيس النظام الحالي الذي يري أنه الرمز المصري الوحيد، ولن يسمح بأن ينافسه على ذلك أحد في أي مجال، وأن التاريخ والمكانة لم تعد داخلة في حسابات النظام الذي يعرف جيدا كيف يقوم بتكميم الأفواه.
اقرأ أيضا: هذه تفاصيل سيطرة المخابرات الحربية على الإعلام في مصر
وطبقا لعبد الهادي فإن كثير من المؤلفين الذين قدموا أعمالا درامية لها رسالة وقيمة نوعا ما خلال الأعوام الماضية، انضموا مؤخرا لطابور البطالة بعد رفض "إعلام المصريين" التعاقد معهم، وهو ما يشير إلى أن الهدف خلال المرحلة المقبلة هو صناعة جيل كامل من الكتاب والممثلين والمخرجين، يدينوا بالولاء الكامل للنظام العسكري، باعتباره صاحب الفضل على نجاحهم ونجوميتهم.