هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أقر مجلس النواب الأردني قانون ضريبة الدخل المعدل، والذي جاء عوضا عن الأساسي الذي احتجت عليه فئة كبيرة من المواطنين الأردنيين واعتصموا ضده على الدوار الرابع في عمان.
وعلى الرغم من عدم نزول الناس إلى الشارع حتى الآن ضده كما فعلوا مع سابقه، إلا أن هناك بعض الاحتجاج عليه في وسائل التواصل الاجتماعي، ومع ذلك أثار هدوء الشارع النسبي تساؤلا حول ما إذا لبى هذا القانون رغبات المواطنين؟
تغيرات بسيطة
ورأى أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الأردنية المحلل السياسي حسن البراري أن "المشكلة الرئيسية في قانون الضريبة المعدل تكمن بأنه استهدف شريحة معينة من الأردنيين بسقف دخل منخفض، والحديث هنا ما بين 18 ألفا و20 ألفا بين أعوام 2019 و2022، وبالتالي هو يتحول لعبء مادي على شريحة كبيرة في الوقت الذي ترتفع فيه الأسعار بشكل كبير".
اقرأ أيضا: "النواب" الأردني يقر قانون الضريبة بعد تحذيرات الرزاز
وأضاف البراري في حديث لـ"عربي21" أن "القانون سيء ولا يعالج القضية الأساسية وهي عدم وجود عدالة في النظام الضريبي الشامل الكلي، فمثلا يأتي 74 بالمئة من الإيرادات الضريبية من ضريبة المبيعات، والتي يدفعها الفقير والغني بشكل متساوٍ بحيث يكون سعر السلع موحد على الفئتين".
وأوضح أن "المطلوب هو إصلاح ضريبي، بمعنى ليس المهم فقط فرض ضريبة الدخل، وإنما يجب الأخذ بعين الاعتبار، أن هناك خللا في النظام الضريبي، وضرورة علاجه في القانون الجديد، بالتالي الحكومة لم تأت بمنظومة ضريبية شاملة عادلة لذلك تجد هذا الاحتجاج عند الأردنيين".
من جهته أشار عضو نقابة الصحفيين خالد القضاة إلى أن القانون المعدل فيه بعض التغيرات، مضيفا في حديث لـ"عربي21": "أولا هناك نسبة إعفاءات مختلفة ولو كانت بسيطة، حيث تم تغيير الإعفاءات والشرائح التي يستحق عليها الضريبة، وحتى لو لم ترتق للمستوى المطلوب".
وأوضح القضاة "بأن الأهم في قانون الضريبة بأن الحكومة قبل فرضه فتحت حوارات على مستوى وطني شامل، وأعطت المجال للجميع لإبداء الرأي سواء بحضور الوزراء شخصيا للمحافظات أو من خلال اللقاءات المستمرة مع كل الفعاليات".
وأكد أن "المعارضين للقانون السابق كانوا يتوقعون أن يقر المعدل، لكن الحراك كان يهدف أيضا ليس فقط لتعديل القانون بل إيصال رسالة للحكومة مفادها بأن عليها التوقف عن اللجوء لجيوب المواطنين لحل مشاكل البلد الاقتصادية".
عودة المحتجين للشارع
واكتفى بعض معارضي القانون بالاحتجاج عبر وسائل التواصل الاجتماعي، الأمر الذي أثار تساؤلا حول إذا ما كانوا سيعودون للشارع أم لا.
وأشار المحلل السياسي حسن البراري إلى أنه "من المبكر القول بأن الناس لم يحتجوا، فأشكال الاحتجاج مختلفة، فهو يتم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتجد أيضا الناس يتحدثون فيما بينهم بأن هذه الحكومة هي نفس سابقتها والتي خرج ضدها الشارع".
وأردف: "لا أعلم سبب عدم خروج الناس للشارع، ولكنني بنفس الوقت لا أستبعد حدوثه بأي وقت، وربما هناك تدخلات استباقية من الأمن لمنع الناس من الخروج هذه كلها احتمالات واردة".
وأوضح البراري أنه لو أن "الناس لم تنزل للشارع لا يعني ذلك أنها راضية عن هذا القانون أو أنها تثق بهذه الحكومة والتي فقدت آخر ما تبقى لها من مصداقية".
بدوره قال الكاتب الصحفي خالد القضاة: "لم يصل الناس لمرحلة يأس من الاحتجاجات، وهم وصلوا لمرحلة يستطيعون فيها قلب الموازين في أية لحظة، ولكن في فترة من الفترات يأتي المواطن على نفسه حفاظا على بلده وأمنه واستقراره ويعطي الحكومات أكثر من فرصة".
وأشار إلى أن معظم أغلب المحتجين على قانون الضريبة الأول لم يطلهم المعدل، والاحتجاج كان في الأصل على أسلوب الحكومات المتعاقبة والتي كانت حين تواجه مشاكل اقتصادية ومالية تذهب مباشرة لجيب المواطن لحلها سواء بالضرائب المباشرة أو غير المباشرة".
فقدان الثقة بمجلس النواب
وأجمع المحللون على أن معظم الشعب الأردني فقد الثقة بمجلس النواب، وبأنه أصبح يمثل وجهة نظر الحكومة، حيث أشار حسن البراري إلى أن "عدم ثقة الشعب بمجلس النواب لم يكن سببه إقراره لقانون ضريبة الدخل فقط، فهو لم يكن يثق فيه قبله".
وأضاف أن "القانون الذي أقره المجلس لم يكشف لنا شيئا جديدا حول حقيقة بأنه يمتثل للحكومات المتتالية، وهو نفسه الذي منح الثقة للحكومة، والذي صوت على الموازنة ورفع أسعار الكهرباء، ولم ينتصر للشعب في يوم من الأيام، والقانون الذي أتى بموجبه مختل، والعملية الانتخابية برمتها لم تكن في يوم من الأيام سليمة".
اقرأ أيضا: نائب أردني يتحدث عن "مؤامرة استخباراتية عربية".. من يقصد؟
بدوره، أعرب خالد القضاة عن اعتقاده بأنه "تاريخيا كانت هناك سياسة ممنهجة لإفراغ مجلس النواب من محتواه ومن دوره الأساسي، حيث كان كل مجلس يتم انتخابه بقانون مختلف عن الذي قبله".
وتابع: "رغم أن السلطة التشريعية هي سلطة راسخة ووردت في المادة الأولى بالدستور، إلا أن القوى التي تفرض القوانين وتسعى للهيمنة على مقدرات هذا البلد تسعى بالمقابل إلى أفراغ سلطتين من محتواهما وهما التشريعية والإعلام حتى تمضي قدما في محافظتها على مكتسباتها".
وختم حديثه بالقول: "بالتالي مجلس النواب فاقد للثقل الشعبي وأصبح بعض المواطنين يشعرون بأنه يشكل ثقلا اقتصاديا عليهم سواء عبر دفع رواتبهم أو عبر تكلفة المجلس ككل".