هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
سلطت دراسة إسرائيلية حديثة، الضوء على الاحتجاجات المستمرة في عشرات المدن الإيرانية طوال عام كامل بسبب المشكلات الاقتصادية، مؤشرة نقاط الضعف التي واكبت المظاهرات العام الماضي، حتى "يتلافاها" المتظاهرون الجدد.
وقالت الدراسة للكاتب راز تسيمت، نشرها معهد أبحاث الأمن القومي التابع لجامعة "تل أبيب"، وترجمتها "عربي21"، إن "مرور عام على المظاهرات التي شهدتها إيران في مثل هذه الأيام بعشرات المدن، واستمرت بين كانون الأول/ ديسمبر 2017 وكانون الثاني/ يناير 2018، تتطلب إجراء تقدير موقف إسرائيلي، حول مستوى الإحباط الذي يشعر به الإيرانيون، على خلفية زيادة الأزمة الاقتصادية في البلاد، واتساع الفجوة بين المواطنين والنظام، بجانب تراجع الثقة الشعبية بمؤسسات الدولة، وفشلها بتوفير الحلول للضائقة التي يشعر بها الإيرانيون".
وأضاف الباحث الإسرائيلي في الشؤون الإيرانية، أنه "بعد مرور عام على تلك المظاهرات، فإن تنامي المشاكل الاقتصادية، وسوء الظروف المعيشية، يشكلان أرضية خصبة لعودة تلك المظاهرات من جديد، لكن مدى إمكانية أن تشكل هذه الاحتجاجات تهديدا على النظام الإيراني مرهون بجملة نقاط وعوامل".
وسرد الكاتب بعض هذه العوامل، ومنها: "قدرة الاحتجاجات على التغلب على نقاط الضعف التي واكبتها، وتحسن قدراتها التنظيمية، وترفع مستوى مطالبها السياسية كي تزعزع استقرار النظام الذي يواجه تحديات اقتصادية جوهرية، وفي الوقت ذاته يمتلك أدوات لقمع أي حراك شعبي وتوسع في المظاهرات، وإن كان النظام اليوم ليس لديه القدرة على منع اندلاع مظاهرات جديدة، فإنها لا يتوقع أن تملك القدرة على زعزعة استقراره".
وقال تسيمت، الذي عمل لمدة عقدين في جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "أمان": "اليوم مع دخول المرحلة الجديدة من العقوبات الأمريكية على إيران منذ نوفمبر الماضي، وعلى فرضية أن تندلع موجة احتجاجات جديدة في إيران تجدر الإشارة إلى جملة من نقاط الضعف التي واكبت المظاهرات العام الماضي، حتى يتلافاها المتظاهرون الجدد".
وبدأ الباحث الذي يعمل في مركز إليانس للدراسات الإيرانية بجامعة تل أبيب، بحصر هذه الثغرات، وجاءت على النحو التالي:
1- جاءت تلك المظاهرات موسمية وغير متواصلة، ولذلك تم قمعها جميعا بسهولة بعد مرور عدة أيام وأسابيع، سواء بسبب استجابة السلطات الجزئية لبعض مطالبهم، أو استخدام وسائل قمعية قاسية.
2- معظم المظاهرات اتسمت بالمحلية، ولم تخرج مظاهرة واحدة على مستوى الدولة كلها، وفي معظم الحالات لم يعثر على تنسيق أو تعاون بين مختلف المدن والبلدات، أو الفئات المشاركة.
3- العديد من المظاهرات خرجت لأسباب قطاعية من المواطنين، فقد خرجت النساء احتجاجا على فرض الحجاب، لكن غالبية المظاهرات لم يزد فيها أعداد المشاركين عن المئات، وفي بعض الحالات وصلت الآلاف فقط.
4- المظاهرات ركزت على الجوانب الاقتصادية، وعلى خلفية مطالب معيشية محددة، رغم سماع الشعارات المعادية للنظام في بعضها، ولذلك اقتصر الحديث فيها على مطالب اقتصادية معيشية يومية، وليس تحقيق أهداف سياسية.
5- ما زالت الطبقة الوسطى الحضرية خارج نطاق هذه الاحتجاجات، رغم أنها العمود الفقري لأي تغيير سياسي واجتماعي تشهده إيران، ومعظم المشاركين في هذه المظاهرات كانوا منضوين تحت مؤسسات نقابية ناشطة كالعمال والمعلمين، وهي حالات فردية معزولة، لأن الدولة الإيرانية تحظر المؤسسات النقابية المستقلة، وتقصر النشاط النقابي على المؤسسات الإسلامية الرسمية.
6-النظام الإيراني ما زال قويا، ويمسك بين يديه بمقومات قمع أي احتجاج شعبي، حتى إن تلك المظاهرات نجحت قوات الأمن المحلية بقمعها، دون الحاجة لتدخل الحرس الثوري.
وختم الباحث دراسته بالقول إن "استمرار الأزمة المعيشية والضائقة الاقتصادية الإيرانية، مع تجدد العقوبات الأمريكية الشهر الماضي، قد يزيد في المستقبل من حدة الاحتجاجات، ولذلك لن يستطيع النظام منع اندلاع مظاهرات جديدة، التي لن تملك القدرة على زعزعة استقرار النظام".