هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت ما يعرف بمنظمة "ضباط من أجل أمن إسرائيل" دراسة تفصيلية قامت بإعدادها حول التكلفة الفلكية التي ستتحملها دولة الاحتلال في حال قررت ضم الضفة الغربية المحتلة ووضعها تحت السيادة الإسرائيلية.
وتشير الدراسة التي اطلعت عليها "عربي21" أن التكلفة السنوية التي ستتحملها إسرائيل ستتجاوز 52 مليار شيكل (سعر صرف الدولار مقابل الشيكل 3.7)، في حال تم اتخاذ قرار بضم المناطق المصنفة (ج) والتي تقدر مساحتها بنحو 3500 كيلو متر ستشكل بذلك ما نسبته 60 في المئة من إجمالي مساحة الضفة الغربية البالغة 5860 كيلو متر مربع.
التكلفة المالية للضم
وفي هذه الحالة ستضطر إسرائيل لمنح 66 ألف فلسطيني يقطنون في هذه المناطق صفة مواطنين دائمين، وما يترتب على ذلك من ترتيبات أمنية كبناء جدار فصل عنصري جديد بطول 1787 كم، بتكلفة إجمالية تقدر بـ27 مليار شيكل.
واستنادا للأرقام التي قام بإعدادها ثلاثة مدراء عامين سابقين في وزارة المالية الإسرائيلية فإن دولة الاحتلال ستقوم ببناء وتشييد مرافق أساسية كبناء المدارس والمرافق التعليمية الأخرى بقيمة 14.5 مليار شيكل سنويا، من بينها دفع رواتب للمدرسين بقيمة 5 مليارات شيكل سنويا.
كما ستتكفل ببناء شبكة خدمات صحية من الأساس في هذه المناطق من "كبات حوليم" وهو (عبارة عن صندوق المرضى الذي يقدم كافة الخدمات الصحية للمنتسبين فيه)، وصولا للعلاج في المستشفيات وتكاليف بدل العلاج ومنح الولادة وهذا سيكلف الخزينة الإسرائيلية 16 مليار شيكل، بالإضافة لتكاليف التأمين الوطني وتأمين الدخل بقيمة 21 مليار شيكل.
وتابع التقرير، أما فيما يخص التكاليف الأخرى، والمرتبطة بنفقات استكمال الدخل، ومعاشات الشيخوخة والتقاعد، والخدمات الاجتماعية الأخرى، ستتجاوز قيمتها 10 مليارات شيكل، وتضيف الدراسة في هذه الحالة ستكون تكلفة الأسرة الواحدة من قبل الدولة 25.742 شيكلا (7 آلاف دولار) سنويا.
اقرأ أيضا: إسرائيل تواصل طرد الأهالي من مناطق "c" وتجلب المستوطنين
وتزامن نشر هذه الدراسة مع بدء منظمة ضباط من أجل أمن إسرائيل بفعاليات مكثفة للضغط على الحكومة للانفصال عن الفلسطينيين، وفي تعليق مراسل القناة الثانية العبرية، إيهود بن حمو، قال إن "هذا السيناريو في حال تطبيقه على الأرض سيكون له ثمن اقتصادي باهظ، بالإضافة للتحديات الأمنية التي ستواجه إسرائيل في حال رفض الفلسطينيون الخطوة الإسرائيلية بالضم وهو ما قد يؤدي إلى تنفيذ عملية "سور واق جديد" كما حدث في العام 2002، وقد ينتج عنها تفكك السلطة، وحينها ستضطر إسرائيل لفرض سلطتها على 2.6 مليون فلسطيني يقطنون في الضفة".
سياسة الأمر الواقع
إلى ذلك أشار مدير مركز القدس للدراسات الإسرائيلية، علاء الريماوي، إلى أن "الجدلية الدائرة حاليا داخل الأحزاب والمنظمات الإسرائيلية اليمينية حول فكرة ضم الضفة الغربية لا تستند لهذه الدراسة رغم أهميتها بقدر الجهود التي تبذلها الحكومة على أرض الواقع، حيث استطاعت إسرائيل خلال السنوات التي تلت اتفاق أوسلو إلى خلق فضاء جغرافي يتيح لها السيطرة على مناطق (ج) وعزلها عن مناطق السلطة بنسبة 70 في المئة حتى اللحظة وتحديدا في مناطق شرق القدس ومدن طولكرم وجنين ونابلس وبيت لحم".
وأضاف الريماوي في حديث لـ"عربي21": "تستند إسرائيل في مبدأ احتلالها للأرض، إلى إعفائها من تحمل أي تكاليف أو نفقات لهذه المناطق، لذلك ما تزال هذه المناطق تخضع لمرجعيتين في الحكم والإدارة، فمن ناحية تسيطر أمنيا على هذه المناطق، وتفرض على السلطة تحمل كافة الأعباء المالية المتعلقة بالسكان".
في حين رأى أستاذ العلوم السياسية، مخيمر أبو سعدة، أن "فكرة إسرائيل بضم الضفة الغربية، يرافقها جهود من منظمات متطرفة أبرزها منظمات "تدفيع الثمن، وغوش إيمونيم، وأمناء الهيكل، لطرد الفلسطينيين من هذه المناطق من خلال سلوكها وإجراءاتها التي تهدف إلى خلق فضاء ديموغرافي تكون نسبة الفلسطينيين فيه متدنية ما يتيح لها الضغط على الدولة للإسراع في فكرة الضم، ويمكن ملاحظة أن رغبة الفلسطينيين في المكوث في هذه المناطق قد تراجعت بصورة مقلقة خلال السنوات الأخيرة".
وأضاف المحلل السياسي لـ"عربي21": "قد لا تكون رغبة إسرائيل بالضم فكرة قابلة للتطبيق على الأقل خلال السنوات القليلة القادمة، لأن إسرائيل تخشى من ردة فعل الفلسطينيين الذين سيضطرون إلى تصعيد العمليات الفدائية في الضفة، وهذا قد يضع إسرائيل في موقف الاستنزاف في جبهة هي بالنسبة لها آمنة مقارنة بغزة أو لبنان".
اقرأ أيضا: هل الاستيطان "حصان طروادة" لإنهاء حلم الدولة الفلسطينية؟
البعد الاقتصادي
في حين رأى المستشار والخبير الاقتصادي، وائل الداية، أن "إسرائيل تنظر لمناطق (ج) في الضفة الغربية باعتبارها كنزا استراتيجيا من الناحية الاقتصادية والتجارية، حيث تتمتع هذه المناطق بوفرة كبيرة في المياه العذبة بسبب انتشار وديان المياه، بالإضافة لكونها مناطق زراعية مخصبة يتيح لها إمكانية الاستثمار في مشاريع زراعية وصناعية تدر عليها المليارات سنويا".
وأضاف الداية لـ"عربي21": "البعد الآخر يتمثل في ربط مناطق (ج) بالداخل الإسرائيلي من خلال شبكة طرق وأنفاق تساهم في التقليل من تكلفة النقل في حال قررت تصدير منتجاتها إلى مناطق الأردن والخليج العربي، وبالنظر إلى التكلفة الباهظة للضم فإن إسرائيل ستكون المستفيد الأكبر من العوائد التي ستعود عليها مقارنة بالنفقات التي ستتحملها على المدى البعيد".