هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
التزم الرئيس السوداني الغياب عن المشهد لخمسة أيام منذ اندلاع الاحتجاجات الأربعاء الماضي، إلا أنه ظهر بوعود جديدة الاثنين، قال فيها إنه سيقوم "بإجراء إصلاحات اقتصادية توفر للمواطنين حياة كريمة، وتعيد ثقة المواطنين في القطاع المصرفي".
لكن النشطاء السودانيين على مواقع التواصل الاجتماعي،
سخروا من هذه الوعود، التي قالوا إنها "جاءت بعد 30 عاما من الفساد وتدهور الأوضاع الاقتصادية".
وتحدثت "عربي21" مع الصحفي السوداني خالد
الأعيسر حول طبيعة هذه الإصلاحات التي يقصدها الرئيس السوداني، قائلا إنها
"ستكون إصلاحات سياسية"، موضحا أنه "ربما يقوم البشير بإجراء بعض
التعديلات على المجموعة التي تدير أمر الاقتصاد في السودان".
وتوقع الأعيسر أن "التعديلات ربما تطال رئيس
الوزراء السوداني ووزير المالية، إلى جانب إجراء بعض التعديلات في الحكومة، لإقناع
المحتجين بأن هناك خطوات حقيقية لوقف تدهور الوضع الاقتصادي في البلاد"،
مستدركا بقوله: "لا يملك البشير الكثير على الصعيد الاقتصادي من حيث القدرة
المالية وكفاءة الدولة وتحقيق توزان اقتصادي".
اقرأ أيضا: البشير يعد بإصلاحات اقتصادية ويحذر من الالتفات للشائعات
وأشار إلى وجود تعقيدات سياسية في البلاد، إضافة إلى
معاناة السودان الحقيقية في الإنتاج، والتي من شأنها أن تقوي قيمة الجنيه السوداني
أمام العملات الأجنبية، مضيفا أن "هذا الأمر يبدو شبه مستحيل في ظل هذه
الظروف المعقدة".
وعلل الأعيسر ذلك بالقول إن "السوداني يعاني من
أزمة اقتصادية شديدة، لا يمكن علاجها بتغيير أشخاص ولا يمكن تدارك الأخطاء التي
حدثت خلال الـ30 سنة الماضية، والتي انتهت مؤخرا بهجرة رؤوس الأموال السودانية
للاستثمار في الخارج".
تحرك شعبي شبابي
وحول اتهام البشير بوجود جهات خارجية تقف وراء
الاحتجاجات، فنّد الصحفي السوداني ذلك بالقول إنه "ليس هناك أي أياد خارجية
تحرك هذا العمل"، مشددا على أنه "تحرك شعبي شبابي، لا علاقة له بأي
تنظيم سياسي داخلي ولا أي تنظيم يعمل من الخارج، وإنما حراك شعبي مدفوع بإرادة الجماهير الساعية للتغيير الجذري لنظام الحكم في السودان".
وذكر الأعيسر أن الخيار الوحيد الذي يملكه البشير
لوقف هذه الاحتجاجات، هو التراجع عن قيادة الدولة، "لأنه أصبح مرفوضا جماهيريا
بصورة غير مسبوقة في تاريخ السودان، حتى من أعضاء حزبه والحركة الإسلامية، الذين
يرون أنه معوق أساسي في سبيل أي إصلاح".
واعتبر أن "الحل الوحيد أن تتقدم المؤسسة
العسكرية لتغيير النظام والاستعانة بحكومة مدنية من كوادر سودانية مؤهلة، ليس لها
ارتباطات سياسية، لفترة انتقالية محدودة ومعلومة، ومن ثم إجراء انتخابات حرة
ونزيهة ينتخب فيها الشعب السوداني من يرى أنه أهل لإدارة السودان".
اقرأ أيضا: وعود البشير تثير سخرية نشطاء.. وسودانيون يردون بـ"الراب"
وفيما يتعلق بإمكانية أن يحل الدعم المالي العربي
المشاكل الاقتصادية الحالية، قال الأعيسر إننا "لو نظرنا إلى المبالغ الطائلة
التي استلمتها الحكومة السودانية على مدار 30 عاما، لن نجدها في الواقع، لأن
الفساد يقضي عليها، والأموال التي تقدمها الدول العربية والمانحة لنهضة الاقتصاد
السوداني ودعم الشعب، تذهب إلى جيوب الأفراد النافذين داخل النظام"، على
حد تقديره.
من جانبه، قال رئيس المركز القومي الاستراتيجي
والمفكر السوداني تاج السر عثمان إنه "كان طبيعيا أن تنفجر الجماهير
السودانية احتجاجا على الغلاء وانعدام أبسط ضروريات الحياة، بعد أن أنهكها الوقوف
في صفوف المخابز والوقود والصرافات، وفشل الحكومة في حل هذه المشاكل".
وتوقع عثمان في مقال اطلعت عليه "عربي21"
أن "تتسع قاعدة التحرك الجماهيري بعد أن أصبحت الحياة لا تطاق، وعجز السلطة
في تقديم أبسط الحلول وتوفير ضروريات الحياة وخدمات التعليم والصحة والدواء على
مدار 30 عاما"، بحسب تعبيره.
ورأى عثمان أنه "لضمان نجاح التحرك والوصول إلى
هدفه النهائي بإسقاط النظام واستعادة الديمقراطية والحياة الكريمة ووقف الحرب، لا
بد من أوسع تحالف لقوى المعارضة والوحدة"، داعيا إلى "مواصلة المقاومة
بمزيد من التنظيم والصمود والجسارة".
وأكد المفكر السوداني أن "البديل الديمقراطي هو
الذي يستعيد فيه شعبنا الحرية والمعيشة الكريمة ووقف الحرب، والحل الشامل بقيام
المؤتمر الدستوري، وإعادة تأهيل المشاريع الإنتاجية الصناعية والزراعية والخدمية واستعادة
ممتلكات الشعب المنهوبة".